بمناسبة مولده والعام الجديد 2018 «الأيام» تسبر أغوار حياة الشاعر السوري أدونيس

> عدن «الأيام» متابعات

> 1- منذ ولادته الأولى لم يتلق أدونيس تعليماً نظامياً
علي أحمد سعيد أسبر، المعروف بأدونيس، ولد في الأول من يناير عام 1930، في قرية قصابين، الواقعة في مدينة جبلة على الساحل السوري، لعائلة من الفلاحين الفقراء، كحال أغلب سكان جبال الساحل السوري آن ذاك، حيث لم يتمكن من الحصول على التعليم النظامي في طفولته، بل اقتصر تعليمه على تحفيظ القرآن، إضافة إلى الشعر الكلاسيكي العربي، لكنه أبدى قدرة متميزة على كتابة الشعر منذ الطفولة.
سمع علي بزيارة الرئيس شكري القوتلي (أول رئيس للجمهورية) إلى مدينته، رسم الطفل ذو الثلاثة عشرة ربيعاً قصة خيالية في رأسه، قرر أن يكتب قصيدة في مدح القوتلي، وأن يلقيها أمامه، كما تخيل أن القوتلي سيدعوه للقائه، ليسأله عما يريده بعد إعجابه بالقصيدة، عندها سيقول له، "أريد دخول المدرسة"، لم يكن الطفل علي أسبر يتوقع أن قصته الخيالية تلك، ستمسي حقيقة، حتى أنه وصفها فيما بعد بـ"كانت خرافة"، فقد استدعاه الرئيس القوتلي إليه بعد سماع القصيدة أثناء زيارته عام 1943:
"حَلَلتُمْ فخلّفتمُ سروراً وبهجةً وذكراً عظيماً دونَهُ المِسكُ والنَّدُ
فِداكَ نفوسٌ لم تَرِدْ خوضَ ذِلَّةٍ ولم تفتكِرْ إلا وتفكيرها المجْدُ
أيا ابنَ الكِرامِ الصيد من آلِ يَعرُبٍ يا أيها المبرورُ والعَلَمُ الفردُ
تَخلَّدْ وكافِحْ ما استَطعْتَ لتَعتَلي فأنتَ لنا سيفٌ ونحنُ لكَ الغِمدُ"
قبله القوتلي على جبينه، ثم سأله عن طلباته، فطلب منه أن يدخل إلى المدرسة، وهذا ما كان؛ فبعد أسبوعين من زيارة القوتلي، تم استدعاء أدونيس، ليدرس في مدرسة اللاييك الفرنسية في طرطوس، وبدأ بالقفز متجاوزاً ما فاته من السنوات الدراسية، حتى حصل على الشهادة الإعدادية بتفوق أهلَه لدخول مدرسة داخلية في اللاذقية، ليتابع تعليمه الثانوي.
2- من علي أحمد أسبر إلى أدونيس !!
بدأ أدونيس في السابعة عشرة من عمره، بمراسلة بعض الصحف والمجلات لنشر نصوصه الشعرية، لكنه دائماً ما قوبل بالرفض، إلى أن طالع في إحدى المجلات أسطورة أدونيس، الذي قتله الخنزير البري، فصار يُبعث كل عام في الربيع، عندها شعر علي أحمد اسبر برغبة أن يتعامل مع تلك الصحف، كما يتعامل أدونيس الأصلي مع الخنزير البري، فقام بكاتبة نص شعري، وإرساله لإحدى المجلات التي لطالما رفضت نشر نصوصه تحت اسم (أدونيس)، فكانت المفاجأة أن تخيلات أدونيس نجحت ثانيةً، ليجد نصوصه التالية على الصفحات الأولى، باسم ليس اسمه، لكنه سيكون كذلك طيلة حياته، كما استدعته المجلة لتتعرف عليه.
3-أدونيس في السجن .. ولادته الثانية
قضى أدونيس سنة في سجن المزة في دمشق، بتهمة انتماءه إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي كان محظوراً، كما بدأت ملاحقة المنتمين له على خلفية اغتيال العقيد البعثي عدنان المالكي في الثاني والعشرين من شباط/أبريل عام 1955.
في تلك الزنزانة في سجن المزة، تعرف أدونيس إلى شاب قروي من سلمية حماة السورية، كان الأديب السوري الراحل محمد الماغوط سجيناً في المزة لنفس الأسباب، حيث أنهى خدمته الإلزامية وأفرج عنه عام 1956، فغادر مع زوجته خالدة سعيد إلى بيروت، ليشهد فيها "ولادةً ثانية" على حد تعبيره.
4- جمعت مجلة شعر أبرز قامات الشعر العربي
مهَّد أدونيس لنفسه من خلال عدد من الأعمال الأدبية التي نشرها قبل سفره إلى بيروت، من بينها قصيدته الطويلة (الفراغ)، التي نشرت لأول مرة عام 1954 في مجلة قيثارة الشعرية في سوريا:
"فراغٌ زمان بلادي فراغ .. وتلك المقاهي .. وتلك الملاهي .. فراغ.
وهذا الذي ذُلّ في أرضه .. وأنكرها واستكانا".
سبقت هذه القصيدة أدونيس إلى بيروت، حيث أبدى الشاعر اللبناني يوسف الخال إعجابه بهذا النص، لتنشأ علاقة بين الشاعرين من نصوصهما، حتى تمّ اللقاء بينهما بعد الأسبوع الأول على وصول أدونيس إلى بيروت، كما كان هذا اللقاء إحدى البذور؛ لإحدى أهم الإصدارات الدورية العربية المختصة بالشعر؛ المجلة التي حملت اسم (شعر).
كان الخال يرغب في محاكاة المجلات الشعرية التي تصدر حول العالم، فقام بالحصول على التراخيص اللازمة لإنشاء مجلته الشعرية، حيث صدر العدد الأول منها في الواحد والثلاثين من كانون الأول/ ديسمبر عام 1956، وهي مجلة فصلية تُصدر أربعة أجزاء في السنة، شارك في العدد الأول نخبة من أهم الشعراء العرب، كان أبرزهم؛ بدوي الجبل (محمد سليمان الأحمد)، وفدوى طوقان، ونذير العظمة، إضافة إلى نازك الملائكة، إلى جانب أدونيس، ويوسف الخال رئيس تحريرها، كما ضمت المجلة تجمعاً شعرياً، يكاد يكون الأعظم في التاريخ الحديث للشعر العربي، حيث كان ضمن "تجمع مجلة شعر" كل من؛ الشاعر العراقي بدر شاكر السياب، والناقدة خالدة سعيد (زوجة أدونيس)، ومحمد الماغوط، إلى جانب خليل حاوي وأنسي الحاج، وآخرين.
5- بعنوان (الثابت والمتحول) نال الدكتوراه
حصل أدونيس على درجة الدكتوراه في الأدب من جامعة القديس يوسف في بيروت عام 1973، كما شكلت أطروحة الدكتوراه التي تقدم بها جدلاً واسعاً، تحت عنوان (الثابت والمتحول).
6- في باريس كانت ولادته الثالثة
بقي أدونيس في بيروت بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، إلى أن غادرها عام 1985 إلى باريس التي كانت مدينة ساحرة بالنسبة لشاعرٍ قروي، إلى درجة أنه اعتبر باريس "ولادته الثالثة"، كما عمل أستاذاً في جامعة السوربون (Sorbonne) في باريس، إلى أن استقر في باريس نهائياً مع زوجته وابنتيه عام 1985، تاركاً حرب بيروت وراءه.
7- صراعات أدونيس الدينية والسياسية
كانت لأدونيس آراؤه الشعرية وأطروحته التي نال من خلالها الدكتواره (الثابت والمتحول) خير دليل.. كما كان له آراء دينية وسياسية.
*الصراع الديني لأدونيس
تبنى أدونيس مبدأ الحد من السلطة الدينية على المجتمع، حتى الوصول إلى مجتمع محكوم بالعقل الخالص، بعيداً عن أي مورثات دينية، كما اعتبر الدين "كالحب... يجب أن يكون أمراً فردياً".. بهذا اتهم أدونيس بالكفر والارتداد من قبل عدة منظمات إسلامية، حيث قامت جبهة الصحوة الحرة الإسلامية في الجزائر، بإصدار فتوة بجمع وحرق كتب أدونيس، كما اعتبرت أنه ارتد عن دينه، وحللت دمه على الملأ، علماً أن أدونيس نفى القصيدة المنسوبة إليه، التي تسببت بهذه الفتوى.
8
أخيراً..
يعد أدونيس الشاعر العربي الأكثر إثارةً للجدل على الإطلاق، فهناك مئات الآراء المناوئة لفكره، وشعره، ومواقفه السياسية، كما أن على الضفة الثانية، من يناصره، بل من يعتبره سابقاً لعصره، أو حاملاً لواء التنوير، لكن الثابت بين هذا وذاك، أن مجلة شعر التي كان لأدونيس فيها دور كبير، تركت أثراً لا يمكن تجاهله على القصيدة العربية، كذلك فعلت مجلة مواقف، فضلاً عن مؤلفاته النقدية، التي إن لم تكن مقنعة بالنسبة للبعض بطروحاتها، إلا أنها على الأقل خلقت مساحات واسعة للنقاش، يفتقر إليها مجتمعٌ لم ينجو بعد من ويلات الحروب والخطوب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى