خالد سيدو يتحدث لـ«الأيام» عن ثلاثة أعوام من العمل والتعثر في مديرية صيرة: الصرف الصحي وتوصيل المياه من المشكلات الكبيرة التي واجهتنا

> التقته/ وئام نجيب

> بعد حرب (2015) الغاشمة على عدن استشعر المواطنون حلاوة النصر والتحرير في كافة المديريات التي تجرعت الويلات، وتعرضت لدمار طال بنيتها التحتية والمناطق الحيوية فيها وخلف وراءه ضحايا وخسائر مادية ومعنوية.
صيرة، إحدى مديريات عدن التي حظيت بنصيبها من الحرب في منازل المواطنين وقطاع الخدمات الأساسية، علاوةً على الأمراض التي فتكت بالكثير، ولم يسلم الأمر من خراب وطمس معالمها التاريخية، إذ تعرضت لقصف نتج عنه أضرار جسيمة، وهي اليوم بانتظار الترميم، وأهم تلك المعالم قلعة صيرة التي تعد معلما تاريخيا وصرحا ثقافيا عريقا في المدينة.
بعد ثلاثة أعوام من انتهاء الحرب يطرح المواطن هنا تساؤلات كثيرة عن الأسباب الرئيسية التي تحول دون تحسن الخدمات الأساسية في المديرية.. «الأيام» نقلت تلك التساؤلات إلى مدير عام مديرية صيرة خالد سيدو، وأجرت معه لقاء، فإلى التفاصيل:
في البدء أوضح المدير خالد سيدو أنه تسلم المديرية بعد حرب التحرير في ظل انفلات أمني غير مسبوق ووضع خدمي متدهور، وقال: "تمثل سوء الخدمات بتكدس أكوام القمامة في مختلف المديريات، إضافة إلى المشكلة الأساسية وهي ضعف وعدم توصيل المياه ومشاكل الصرف الصحي، وهذه تعد المعضلة الكبيرة التي واجهتنا في المديرية، وفي تلك الفترة تم إعطاؤنا توجيهات من قبل السلطة المحلية في المحافظة، وكان هناك تشديد على الجانب الخدمي".
وأشار إلى أن "الحرب خلفت وضعا فوضويا تمثل باقتحام وسيطرة مجاميع مسلحة على مرافق حكومية والبسط عليها، مما أدى إلى إعاقة في هذه المؤسسات التنفيذية".
وأوضح أن "تعاون الجميع وخاصةً أفراد من المقاومة الجنوبية في تلك الفترة، والتنسيق مع إدارة الأمن مكن السلطة المحلية من استعادة كافة المرافق الحكومية، ومن هنا بدأت نقطة الصفر الذي ارتكز عليها العمل للنهوض بالجانب الخدماتي".
*النظافة
وعن النظافة بالمديرية قال سيدو: "يعد موضوع النظافة هو ما بذلنا فيه الجهد الأكبر، وكان أساس عملنا للوصول بالمديرية إلى المستوى اللائق بعراقة هذه المديرية، من خلال التنسيق مع منظمات المجتمع المدني، أمثال منظمة ميرسيكور الذي دعمتنا بشكل ممتاز من خلال توفير الشيولات وقلابات، إضافة إلى تواصلنا مع منظمات المجتمع المدني التي كانت فاعلة في تلك الفترة".
وأشاد بـ"تعاون أفراد المقاومة الجنوبية الذين بذلوا جهدا كبيرا في ضبط الأمن والاستقرار للحالة العامة في المديرية".
وقال: "مع تعيين المحافظ الشهيد اللواء جعفر محمد سعد، تم استقرار الأمن نسبياً، وكانت هناك حركة دؤوبة من قبل الشهيد، مما شكل لنا دافعا معنويا مكننا إلى الإرتقاء بالجانب الخدمي”.
وأضاف: "عملنا على إعادة تأهيل رصف شارع الطويل وجولة الفل، وقبل عملية الرصف عملنا على تأهيل البنية التحتية، مثل شبكة المياه و الصرف الصحي، وقمنا باستبدال شبكات المجاري، خصوصا في المناطق التي كانت تكثر فيها فيضانات الصرف الصحي في حارة القاضي، ومنطقة المسابة في القطيع والخط المؤدي إلى المعاشيق بجانب قصر السلطان".
*تأهيل المنشآت المتضررة
وفيما يتعلق في الجانب الإنشائي قال سيدو: "أعدنا تأهيل مجمع الميدان، ومكتب الأشغال العامة الذي تعرض للنهب والتخريب المتعمد، ومكتب المديرية".
وأضاف: "انتقلنا إلى المشاريع الخدمية بالتنسيق مع الأخوة في منظمة اوكسفام لإعادة تأهيل خط حارة القاضي، ونحن نسعى جاهدين للاستفادة من كافة المنظمات التي تستطيع أن تقدم الدعم في تأهيل الجانب الخدمي، مكتب الأشغال العامة الذي يتعامل مع البنك الدولي قام بإمدادنا بمجموعة من المشاريع خاصة في مجال الرصف، منها في جبل الشهداء وحدة فيصل في الخساف، ومشروع في البادري، منها ما أنجز ومنها قيد التنفيذ، وسيتم تسليمه في الأيام القادمة”.

وأردف: " أما بالنسبة لرصف شارع حافة القاضي كان مشروعا متعثرا منذ فترة ما قبل الحرب، وكان سبب التأخير هو عدم وجود تمويل لتأهيل شبكة المياه في الموقع، وهذا الموقع يندرج تحت برنامج استثماري في 2017، وقمنا ببدء الرصف وإعادة البنية التحتية، وحالياً نقوم باستكمال العمل فيه".
*مشاريع متعثرة
ولفت مدير عام مدير صيرة إلى عدد من المشاريع المتعثرة منذ فترة ما قبل الحرب ومنها مدرسة الطويلة التي أصدرت السلطة المحلية قرارا بإعادة ترميمها بعد منع هدمها، قائلا: "تم تسليم الموقع للمقاول، وتوقيع عقد العمل، وسوف تستغرق عملية الترميم والتأهيل حوالي سنة ونصف، كون المدرسة تعد نمطية وتمتلك طابعا خاصا في البناء، ولذلك تدخل فريق هيئة الآثار، لذلك أُلغيت عملية الهدم، وما سيتم إزالته هو جزء منها فقط".
وتابع سيدو متحدثا عن المشاريع المتعثرة في صيرة: "من المشاريع المتعثرة كورنيش صيرة المعتمد من ميركيور ومركز عدن مول التجاري، والذي عمل متنفذون بالبسط عليه بحجة الاستثمار، ولكن بقرار حكيم من رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر تقرر إعادة الموقع إلى العمل وضرورة إعادة تأهيله كمتنفس"، مضيفا: "نحن مهتمون بهذا المشروع كونه استثماريا وحيويا، وما له من فائدة ومتنفس للأسر والعائلات في هذه المديرية، ناهيك على أن مدينة كريتر مدينة مضغوطة ولا توجد فيها مساحات كافية، وخالية من المتنفسات، بعكس المديريات الأخرى الواسعة، والعقد لمدة سنة سوف يتم إنجاز المشروع، ولكن خلال نزولنا ومتابعتنا للمشروع وملاحظتنا أن العمل يبذل بجهود كبيرة هذا يعد مؤشرا جيدا على سرعة إنهائه قبل المدة المحددة له".
وأضاف: “من هذه المشاريع المتعثرة هو رصف شارع التنزانيا المؤدي للطويلة، وله 4 سنوات، وتأخره كان بسبب إشكالية بين السلطة المحلية في المديرية وساكني الحي، ولكن بفضل الله استطعنا إيجاد تمويل ذاتي من موارد المديرية، عملنا على تنشيط هذا المشروع ونجحنا فيه من خلال قيامنا على تغيير البنية التحتية، وحاليا يجري العمل في الموقع، وسيتم رصف الشارع من زكو وحتى الصهاريج”.
وأشار إلى أن "هناك مشروعا لإعادة تأهيل سوق البلدية المركزي في كريتر الذي يعد معلما من معالم المديرية، غير أن السلطة المحلية بانتظار اكتمال الجانب الأمني في المديرية وتفعيله والوصول إلى قوته الحقيقية".
*مشاريع تخص الشباب
وأكد المدير العام أن "السلطة المحلية بالمديرية لديها مشاريع خاصة بالشباب من خلال الاشتراك مع منظمات المجتمع المدني، وتكمن هذه المشاريع في استقطاب مجموعة من الشباب والشابات بالمناصفة، عن طريق أخذ دورات مهنية تدريبية عملية، وتم الاتفاق على مجموعة من المهن من خلال اللجان التي تم تشكيلها، وهي: صيانة كمبيوترات، هندسة جوالات، تسليك الكهرباء والمياه، التصوير، إضافة إلى الخياطة، التي انتهت خلال شهر، وبعد ذلك تم دخولهم إلى دورة ريادة الأعمال، وتم تصنيف الناجحين الذين يقدر عددهم بـ 140 شابا وشابة، على منح من حكومة اليابان بالتنسيق مع مؤسسة التنمية للجميع، وحصول كل شخص على مبلغ يقدر بـ 200 ألف ريال يمني، للبدء كخطوة أولى في مشاريعهم الصغيرة والمستقبلية، وبالفعل في تاريخ 27 ديسمبر من عام 2017 تم تسليم مبلغ 200 ألف ريال إلى 140 شابا وشابة عن طريق تحويل المبلغ عبر فرع الكريمي للصرافة".
وعن أهم الصعوبات التي تواجه السلطة المحلية عند إنجاز المشاريع قال سيدو إنها "قلة التمويل، كالمؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي التي تعد هي الجهة الممولة لمشاريع المياه والصرف الصحي، ولكن الحالة الصعبة التي تمر بها هذه المؤسسة أحالت دون ذلك، كونها مؤسسة مستقلة ماليا وإدارايا، وهي تعتمد على الإيرادات التي يتم تحصيلها من قبل المواطنين، ونأسف بأن المواطن هنا غير متعاون من خلال تخلفه عن سداد فاتورة المياه”.
*مشاريع مستقبلية
وقال سيدو: "بالنسبة إلى خططنا الاستثمارية للعام 2018م هي كالآتي: صيانة وتجهيز صهاريج الطويلة، مشروع إعادة بيانات المديرية، رفع سور شرطة الأحداث في عقبة عدن، إعادة تأهيل وبناء ثانوية لطفي أمان، بناء 8 فصول في مدرسة أروى للتعليم الأساسي، تجهيز مكتبة مسواط، بناء 8 فصول في ثانوية أبان، صيانة مجاري الخاصة بحمامات المدارس، تجهيز مجمع القطيع، تجهيز أقسام الطوارئ في المديرية، إعادة تأهيل ملعب الهوكي للأنشطة الرياضية".
الصهاريج
الصهاريج

*أسباب انقطاع المياه
أما عن أهم وأصعب المشكلات المتمثلة بانقطاع وضعف وصول المياه إلى عدد من الأحياء السكنية قال خالد سيدو: "إن هذه المشكلة ليست على مستوى مديرية صيره فقط، وإنما على مستوى الجمهورية بأكملها، ولكننا وجدنا بعض المعالجات الطارئة، ومن أهم أسباب مشكلة انقطاع المياه هو زيادة انتشار البناء العشوائي ووجود منازل فوق جبل شعب العيدروس التي تعد أعلى من ارتفاع الخزان المتواجد لدينا بالمديرية، والسبب الآخر هو شحة دخول للمياه من الآبار".
وأردف: “بعد فترة الحرب تم الاستيلاء من قبل مسلحين على منطقة حقل الرواء في أبين الذي كان يمول ما يقدر بثلثين من المياه لمديرية صيرة، وحاليا يتم تمويل محافظة عدن من مياه بئر أحمد بنسبة أقل”.
جبل شعب العيدروس
جبل شعب العيدروس

وأضاف: "رغم المشكلات المتعددة في جانب شحة المياه إلا أن لدينا معالجات، وحاليا لدينا مشاريع في مؤسسة المياه والصرف الصحي، وهو مشروع استراتيجي تم دفع تكلفته، وهذا لا يمنع أننا لانزال نبحث عن التمويل لتفادي مشكلة انقطاع المياه، لاسيما في منطقة شعب العيدروس"، موضحا أن “هناك استقرارا جيدا للمياه في عدد من الأحياء الأخرى".
*إيرادات المديرية
وأكد المدير سيدو "عدم وجود رقم تابث للإيرادات الخاصة بالمديرية التي تُستغل لإعادة تأهيل الخدمات بما يخدم المواطن".
وقال: "مديرية صيرة من المديريات التي استطاعت خلال السنة الأخيرة استعادة معظم الموارد المالية التي كانت تسيطر عليها بعض الجماعات الخارجة عن القانون، كان ذلك بالتعاون مع أمن عدن، من خلال قيامهم بعدة حملات، مما ساعد على انتعاش المشاريع في المديرية خلافا عن باقي المديريات.. وإيرادات المديرية تدخل في شقين أحدهما: موارد عامة وهي ميزانية المحافظة، والتي نستفيد منها في المشاريع الكبيرة وتقدر أكثر من 50 مليون ريال يمني، أما الموارد الخاصة بالمديرية نستخدمها في إطار صلاحياتنا في السلطة المحلية في المديرية في إدارة المشاريع الخدمية التي تستفيد منها المديرية، ونساعد فيها المؤسسات التي تعاني من شحة الموارد في إطار المديرية، وذلك ما ساعدنا كثيراً في تحسين الجانب الخدمي".
وأضاف: "إيرادات المديرية نتحصل عليها من الضرائب، الواجبات، المحلات ، تراخيص المهن، الأسواق، إضافة إلى المحلات الخاصة بالمديرية، والأقسام المعنية بكيفية التصرف بإيرادات المديرية هم: القسم المالي وقسم التخطيط، إضافة إلى الهيئة الإدارية في المديرية التي يتم الاجتماع معها لدراسة المشاريع"، موكدا أن "هذه الإيرادات لا تغطي كافة احتياجات المديرية بقدر ما تفي بالغرض”.
*قلة فرص العمل
وفي هذا الجانب قال سيدو: "كما هو متعارف بأن كريتر مدينة قديمة وتراثية ذات الشوارع الضيقة، وانتشار الأسواق الشعبية فيها هو مجرد تقليد، وهذا بسبب الوضع المادي الصعب داخل المحافظة بشكل عام والمدينة بشكل خاص، المتمثل في قلة فرص العمل ما أجبر الشباب على العمل في هذه البسطات، ونحن في السلطة المحلية نعمل جاهدين على تنظيم عمل هذه البسطات، ولكن للأسف بعض الشباب لا يستوعب فكرة العمل والمحافظة على جمال هذه المدينة"، مشيرا إلى أن "منطقة السايلة الكائنة في خط البنك سيعاد تأهيلها وتنظيمها لنقل كافة الباعة المتجولين إليها".
*الأمن هو العمود الفقري
وفي ختام الحوار شدد مدير عام مديرة صيرة خالد سيدو على ضرورة تفعيل الجانب الرقابي الأمني الواعي قائلا: "إن أهم الصعوبات التي تواجهنا في المديرية هو عدم الاستقرار الأمني وتعدد الجهات الأمنية مما أدى إلى التداخلات في المهام"، مطالبا الحكومة بـ"اتخاذ قرار يقتضي توحيد الجهات الأمنية وتحديد مهام كل منها".
التقته/ وئام نجيب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى