(صُنع في بلدي الفيوش) الحناء.. المنتج الذي أنعش اقتصاد المزارعين في لحج

> تقرير: هشام عطيري

> شجرة الحناء، اسمها العلمي (لاوسونيا)، وهي شجرة معمرة متساقطة الأوراق، أوراقها خضراء صغيرة ذات أزهار بيضاء، جذورها حمراء وأخشابها صلبة، تحتوي على مادة ملونة تستعمل كخضاب للأيدي والشعر باللون الأحمر.. ويوجد أصناف كثيرة من شجرة الحناء، والتي يتم زراعتها طوال السنة في محافظة لحج وبقية المحافظات، لما له من فوائد كثيرة، واعتباره مصدرا أساسيا لدخل الكثير من الأسر كمنتج نقدي تستفيد منه شريحة واسعة من المواطنين، ويدخل في العديد من الاستخدامات.
منطقة «الفيوش» بمديرية تبن بلحج هي إحدى المناطق التي تشهد توسعا في زراعة شجرة الحناء، مما دفع بالعديد من الجمعيات التعاونية إلى الاهتمام بهذا المنتج وإقامة المشاريع التي تهدف الى بيع وتسويق الحناء في الاسواق، مما يشكل دخلا ماليا منتظما يعود بالنفع على الأسر العاملة في إنتاج الحناء.
*مشروع خيري
جمعية سد المنتصر التعاونية أخذت زمام المبادرة، من خلال انشاء اول معمل للحناء في المديرية تحت شعار «صنع في بلدي الفيوش»، كأول جمعية تعاونية تقوم بإنشاء هذا العمل وتشغيل 10 نساء فقيرات بالتعاون مع مؤسسة جسور للحلول التنموية.
يقول أنور البقعي رئيس جمعية سد المنتصر التعاونية الزراعية متعددة الأغراض إن «الجمعية أنشئت بموجب قانون الجمعيات والتعاونيات الزراعيه بتصريح رقم 30/2016م في ظل أوضاع زراعية متردية في المنطقة من بعد عام تسعين وغياب التمثيل لشريحة واسعة من المزارعين فيها لعدم وجود جمعيات متخصصة في المجال الزراعي وحصر تلك الجمعيات على مستخدمي مياه السيول فقط فأصبح الجانب الزراعي في حالة يرثى لها مما أدى لتحوله الى استقبال فقط لما يأتيه من دعم دون ان يكون هناك استراتيجية لوضع حلول ذات تنمية مستدامة.
أنشأت جمعية سد المنتصر أول مشروع لها هو مشروع معمل الحناء (صنع في بلدي الفيوش) تعمل فيه العديد من النسوة المنضوين في إطار الجمعية اللاتي تعاني أسرهن من الفقر حيث شكل معمل الحناء بارقة أمل للمزارعين في التوسع بزراعته حيث يستفيد منه حوالي 85 % من المزارعين في المنطقة بشكل مباشر أو غير مباشر حيث تسهم زراعة الحناء والتوسع فيها الى التقليل من مخاطر التصحر والزحف العمراني وتتحمل شجرة الحناء الظروف الصعبة».
*طموح للتصدير خارجيا
يحدثنا مدير العلاقات العامة في الجمعية رائد الصويلحي بقوله: «إن المعمل تشتغل فيه 10 نساء موزعات الى مواقع مختلفة في المعمل ما بين التنقية وهش وطحن وغربلة ووزن وتغليف»، مشيرا إلى أن المعمل ساهم في زيادة إنتاج الحناء في المنطقة، ودفع بتحريك السوق الراكدة وتشجيع المزارعين على الاهتمام بحقول الحناء.
إحدى العاملات تقوم بطحن الحناء
إحدى العاملات تقوم بطحن الحناء

ويضيف الصويلحي: «رغم شحة الإمكانيات إلا أن الطموح كبيرة جدا، فنحن نريد التوسع والتصدير إلى دول الخليج العربي وغيرها، كما نطمح الى اعادة المنطقة الزراعية إلى سابق عهدها الزراعي في التصنيع مثل ما كان مصنع معجون الطماطم والإنتاج الحيواني البيطرة لتربية الأبقار وتأهيل المنطقة لتربية النحل»، مؤكد أن دعم مؤسسة جسور للحلول التنموية «ساهم في بروز هذا المشروع إلى النور، ليعود بالنفع على أهالي المنطقة».
*تحسن دخل العاملات
أم محمد، إحدى العاملات في المعمل، تقول إن لديها خمسة أشقاء اضافة الى والدها المتقاعد براتبه الزهيد، وأن معمل الحناء أسهم في توفير العائد المادي المناسب لتوفير مصاريف المنزل، وتطمح إلى توسيع العمل.
ويزيد العائد المادي للنساء العاملات، وهو ما أكدته أم أحمد، التي كانت تعيل أربعة أولاد وزوجها الذي ليس لديه عمل، وقدمت شكرها للداعمين للمعمل بتزويده بالطاقة الشمسية لزيادة الدخل المادي له وتطويره للحفاظ على استمراره.
من خلال هذا المعمل الخاص بالحناء كان لجمعية سد المنتصر الريادة والتميز في محاربة الفقر والعمل على إيجاد مصدر دخل ثابت تعيل منه عشرات الأسر لتكون إحدى الجمعيات النموذجية على مستوى المحافظة، وتستدعي قيام المختصين بتعميم تجربة الجمعية على الجمعيات الزراعية الأخرى حتى لا تكون تلك الجمعيات مستقبلة فقط لما يأتيها من دعم من قبل المنظمات الدولية دون أن يكون هناك مشاريع طموحة من قبل القائمين على تلك الجمعيات لتحسين مستوى دخل العضو في الجمعية وايجاد مشاريع مدرة للدخل.
مدير عام مؤسسة جسور للحلول التنموية محمد البان يشير إلى أن الهدف من المشروع هو تشجيع زراعة وإنتاج الحناء في محافظة لحج، حيث سيتم استهداف سلاسل القيم بشكل خاص بدءا من المنتجين ومرورا بالبائعين حتى الوصول للمستهلك وخلق قيمة مضافة في هذا المحصول الهام الذي يعتمد عليه عدد كبير من المزارعين والنساء اللاتي يعملن على مشاريع نقش الحناء. وقال «لدينا طموح في تطوير وإنتاج وتسويق هذا المحصول على طريق استحداث منتجات تجميل من خام الحناء وفتح أسواق جديدة تلبي احتياجات المستهلك المحلي والخارجي، حيث سيعود بالنفع الكبير على تحسين مستوى الدخل لكثير من الأسر سواء في المناطق الريفية او المدن، وبالتالي نكون قد ساهمنا في مكافحة البطالة والقضاء على الفقر بأساليب مختلفة، لافتا إلى ان المؤسسة لديها توجه نحو المناطق الزراعية بشكل خاص لما تمتاز به هذه المناطق من رقعة زراعية ممتازة.
مكينة طحن الحناء
مكينة طحن الحناء

وأوضح المدير أن اهداف المؤسسة هي خلق شراكة فاعلة مع منظمات المجتمع المدني كون التعاون والشراكة من الأسس الهامة لنجاح أي مشروع أو برنامج يستفيد منه المجتمع.. مشيرا إلى أن «المشاريع المقدمة من قبل منظمات المجتمع المدني سيتم دراستها من قبلنا والتواصل مع المنظمة الشريك في حال وجود أي استفسارات من قبلنا ومن ثم الدخول في الشراكة بما يعود بالنفع على الفئات المستفيدة وفقا لأهداف المؤسسة التي نحث دوما على ابتكار حلول تنموية نوعية لمشاكل التنمية»، موضحا أن «علاقة المؤسسة ممتازة بالسلطة المحلية وتتنامى يوميا بعد آخر، ونحن مؤمنون بان الشراكة الفاعلة مع السلطة المحلية هي داعم قوي للتنمية المستدامة في المجتمع، وكلنا يد واحدة للبناء والتنمية بما يحقق طموحات وتطوير بلدنا والقضاء على البطالة ومكافحة الفقر وتعزيز الأمن الغذائي والدفع بالعملية التعليمية إلى الأمام».
*خطط مستقبلية
نجاح جمعية سد المنتصر التعاونية متعددة الأغراض في معمل الحناء والعديد من البرامج الزراعية، وفق الخطط المعدة لذلك، أدى إلى توقيع اتفاقية بين الجمعية ومنظمة كير العالمية بشأن عمل مشتل لشجرة الحناء، حيث أوضح البقعي أن «المشتل يعتبر أول مشتل في منطقة الفيوش وقابل للتطوير من خلال الاهتمام بزراعة الاشجار وخصوصاً شجرة الحناء التي تعتبر من الأشجار التي يتم زراعتها طوال السنة، ومالها من فوائد كثيرة، وأيضا باعتبارها المصدر الوحيد للدخل للكثير من الاسر في منطقة الفيوش وبعض مناطق لحج.
إن العمل الجاد والتخطيط السليم يؤديان إلى الوصول للهدف، فهناك مئات الجمعيات التي أنشئت ولم نسمع عنها شيئا سوى في وقت الانتخابات أو اثناء استلام الدعم من قبل المنظمات، فهناك العديد من الجمعيات الزراعية التي انتهت صلاحيتها القانونية وتعمل منذ سنوات مضت خارج إطار القانون، وهو ما يستدعي الجهات المختصة في مكتب الشئون الاجتماعية والعمل ومكتب الزراعة لإعادة تقييم الجمعيات الزراعية غير الفاعلة، ووضع الخطط والبرامج بما يسهم في تحول تلك الجمعيات الى مساهم فاعل في تحسين الانتاج الزراعي وتطوير مستوى دخل المزارع الفقير.
تقرير - هشام عطيري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى