وداعا أستاذتي «راقية» الأرض وأنا نشتاق إليكِ

> عفراء الحريري

>
عفراء الحريري
عفراء الحريري
جاءتني رسالة، وتلتها رسائل.. كنت أقرأ والألفاظ وحدها ترتجف على صوتي، ورسائل الناس تأتي مفعمة بالأمنيات والأحلام للسنة الجديدة، وكُل السنين مرت عجافا، وإذا بصوتي يهده الوجل، فقرأت الخبر على عجالة لمن حولي.. وآه إن كان يرد الخبر.. الروح على عجلي.
فقلت لهن والحزن قد بدأ يغمرني: «قرأت الخبر.. وفاة الأستاذة القانونية راقية حميدان في المملكة الأردنية».
وإذا بالهم في صدري كأنه جبل، أهكذا تموتين غريبة؟! في بلد آخر ومدينة أخرى، من أجل ماذا؟
أمل يحدوك للسلام.. أمل يحدوك بعودة عدن «عروس المدائن».. من أجل مستقبل في بلد سكنه الألم والموت.
لا.. لا.. لا لم يسكنه الموت، لأنه «البلد» ساكن فينا، ملامحه تشبهكِ، وجه له في القلب منزلة، ساطع نوركِ من نوره، وأنتِ البدر مكتملُ، كنت أبحث عنكِ، لأخبركِ بعد قلة حيلتي وعجزي وخوار قوتي:
«بأن مركز الإغاثة سرقوه.. مثلما سرقوا عدن»، وأنتظرتكِ ولم أكن وحدي، كانت الضحايا يبحثن عنكِ، تغيثينهن مثل «كل مرة حين يصيبنا اليأس والوهن» من الجوع والخوف، من الطرد والإفلاس والمرض، وتأتي إلينا بالخير والبشائر، وتمنحيننا القوة.. ونستكمل بوجودك المشوار.
وقفت على الخبر صامتة، أتداعى، تلعثمت كلماتي وخذلني لساني، وضاعت مني الحروف والجمل والعبارات والكلمات، وهي لا تعيد غريبا.. ولا تسترجع الروح في أجساد أمواتِ.
عند ذلك بكيت.. «سفحت دموعا.. ما بلغت عُشر من قدرها عندي، كأن لم يمت أحد سواها، ولم تفض على أحد إلا عليها مدامعي».
لم أستوعب بعد أن السنة انتهت وأنت راحلة معها.. لم أفهم ماذا يعني أن أبحث عنكِ ولا.. أجدك.. أن انتظركِ.. ولاتأتين.. أن أستغيثكِ.. وتغيبين.. وأسأل عنكِ تراب الأرض.. وزبد البحر ورمله.. ومزن السماء.. فهذه الأرض وأنا.. نشتاق إليكِ كثيرا.
هذه المدينة وأنا.. ننتظركِ طويلا.. هذه المدينة وأنا.. نشهد شمائلك النقية:
«حسنة المعشر.. لينة المنطق.. صادقة اللفظ.. الكرم والعطاء بلا من.. النخوة والموقف الجلل.. والوفاء طبع.. ما أصابه خلل.. هذه الأرض/ الأم لها شمائلكِ وتفتقدكِ أكثر.. وإذا كتبت كل الشمائل، ربما قصرت عن وصفكِ الجملُ.
هذه الأرض ومن وما فيها.. ومهجة العين.. ستبكيكِ غيث ما مسها يوما الكللُ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى