يوم صرخت المحامية راقية حميدان: يا عدالة القاضي.. هشام باشراحيل برسونانن جراتا

> نجيب محمد يابلي

> وقفت أمام يومين تاريخيين عزيزين هما وفاة هشام محمد علي باشراحيل يوم السبت 16 يونيو 2012م ويوم وفاة راقية عبدالقادر حميدان في 31 ديسمبر 2017م، الأول رئيس تحرير «الأيام»، والثانية أول خريجة قانون عدنية من جامعة لندن عام 1971م وحصولها على الماجستير عام 1972م من جامعة لندن، ما أثار ذاكرتي هو اليوم الذي كان من ضمن أيام حوكم فيها هشام باشراحيل وسأم كثرة الوقوف والتأجيل وتقدم بطلب إلى عدالة المحكمة بأن يرابط في قاعة المحكمة لتوفير طاقة الحركة من بيته إلى المحكمة.. وتهمة هشام أنه جسد رسالة صاحبة الجلالة (الصحافة) في حقوق الإنسان التي كفلها الدستور.
كنت قد كتبت موضوعاً في «الأيام» عنوانه «هشام باشراحيل برسونانن جراتا Persona non grata (تعبير لاتيني معناه «شخص غير مرغوب فيه»)، وقد كان هشام كذلك، وبحسب مخزون الذاكرة أن الشيخ صالح فريد العولقي قابل الرئيس الأسبق وجلسا على انفراد وبدأ الشيخ صالح الحديث بالقول الافتتاحي، بعد الصلاة على النبي: معي موضوع أريد أن أطرحه عليك يا فخامة الرئيس، بس أشتيك تفتح صدرك لي!!، قال فخامة الرئيس: ما عليك يا شيخ صالح، تفضل!! آمر!!، قال الشيخ صالح: والله معي موضوع هشام باشراحيل.. لم يكمل الشيخ صالح نطق الاسم حتى قفز فخامته من مقعده.. وقال الشيخ صالح: ألم أطلب منك أن تفتح صدرك لي. قال فخامته: يا شيخ صالح محد كبدنا مثل ما كبدنا هشام باشراحيل.
وفي سياق مرافعة المحامية الكبيرة راقية حميدان، وهي المرافعة التي تفوح منها رائحة جامعة لندن حينا ورائحة حافة حسين الكريترية حينا آخر.. وفي ذلك السياق صرخت المحامية راقية: يا عدالة القاضي.. هشام باشراحيل (وأدارت وجهها يمينا وأشارت بسبابتها لي) كما قال اليابلي برسونانن جراتا، لأنني فشلت في تفسير الحركات التي تقدم عليها السلطات الأمنية.. مرة تداهم البيت وتقلق النساء والأطفال، ومرة تعترض باص «الأيام» وتفرغ حمولته من صحيفة «الأيام» المخصصة للمحافظات وتصادرها دون وجه حق، ومرة تحتجز الباص في نفس النقطة لساعات، ومرة... ومرة.... طبعاً هذي التصرفات ما لهاش أي تفسير قانوني أو عرفي غير أن هشام باشراحيل «برسونانن جراتا».
هذه المرأة الجسورة تذكرني شجاعتها بغزالة (الخارجية) التي تحدّت الحجاج بن يوسف أن ينازلها فرفض.. ذلك أن المحامية الكبيرة راقية صاحبة رسالة وصاحبة مبدأ في وقت قلّت فيه المبادئ، وكان يخشاها أكبر النافذين في البلاد. وصدقت «الأيام» في صياغة خبر وفاتها في عددها الصادر يوم الإثنين، الفاتح من يناير 2018م.
راقية حميدان، رحمها الله، لم تكن رقما عادياً وإلا لما كانت أول عضو في اللجنة العليا للانتخابات (1992 / 1993)، وكانت المرأة اليمنية الوحيدة التي رشحت ضمن 1000 امرأة في العالم لجائزة نوبل للسلام عام 2005.. وكانت الراحلة الكبيرة أو غزالة (الخارجية) عضوا رئيسيا في اللجنة الفنية التي أعدت للحوار الوطني في العام 2012م وإعداد اللوائح المنظمة لسير الحوار الوطني.
إن أبلغ تعبير عن تقديرنا وتثميننا لأعمال هذه السيدة الجليلة التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه هو الإعداد لإصدار كتاب يضم سيرة كفاحها وحياتها والمواضيع التي نشرتها في مجلات قانونية متخصصة وآراء القانونيين في هذه القامة القانونية.
وأوصي بإفراد عدد من الصفحات عن أسرة عبدالقادر حميدان ومنهم آسيا حميدان وعبدالقادر حميدان ووديع حميدان وخدوج حميدان والدة عبدالله عبدالمجيد الأصنج والتربوية الجليلة آسيا الأصنج (المعروفة بآسيا حميدان).
رحم الله حبيبتنا راقية حميدان، وأسكنها فسيح جناته، وعصم قلوب أهلها بالصبر.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى