أحلام على كرسي متحرك

> سالم فرتوت

> كان يحلم بأن يخطف من الشمس قبساً من نارها، ومن القمر هالته، فيهديهما إلى محبوبته! كان يحلم بالأنسام تهب عليها من مسامات جيده كلما اشتد عليها الهجير، كان يحلم بفاكهة الآفاق تصير في متناولها. وفجأة اندلعت الحرب حرب ضروس، استخدم فيها المتحاربون، مختلف أنواع الأسلحة، طالت قذيفة منزلهما، أصابت الحبيبة إصابة أعاقتها عن الحركة.
وجم الرجل ! فلم يعد يتطلع إلى الأعالي، ولم تُجب عيناه الافاق، إذا راح يحلم بكرسي متحرك يدفعها علية! اشتدت الحرب فرض الحصار على بلدتهم جاع الناس تضورت محبوبته جوعاً. لقد صار هيكلها العظمي بادياً للعيان، فراح يحلم بكسرة خبز يسد بها رمقها.. آه ردد مقطع من قصيدة مازال يذكره (أحار كل لحظة أراك يا بلادي في صورة / قتلتيني / قتلت أغنياتي / أأنت مجزرة ام ثورة؟!)
جعلت الناس تستغل أية ثغرة للنفاد بجلودها بعيداً عن نيران الحرب ودويها المرعب، تسللوا طمعاً في ملاذ آمن بينما الحرب تشتد، وثمة من يرسل للمتحاربين الأسلحة الفتاكة ثم يرفع عقيرته بالصوت داعياً المتحاربين إلى الحوار، ولا يتورع عن انتظار المدنيين اللائذين بحنيته
وعلى الشاطئ حيث تدفقت جموع من المدنيين يلتمسون النجاة، حمل الرجل الحالم محبوبته الموشكة على الهلاك وصعد بها قارباً كان قد امتلأ بعدد من الناس من أعمار مختلفة شيبة وشباناً وأطفالا، تحرك القارب وإلى جانبه قوارب أخرى وثمة قوارب قد سبقتهم، رأى قارباً يتمايل في عرض الماء وتناهى إلى سمعه صياح النساء والأطفال المذعورين، حاول المهربون في ذلك القارب السيطرة عليه بيدا انه غرق بمن فيه، صك جبينه قائلاً: يا إلهي!!
وصل بعد ساعات طويلة قاربهم بالسلامة إلى الشاطئ الآخر استقبلتهم امرأة شقراء ومعها رجال، بحنية خففت من معاناتهم قال لمحبوبته إنهم ارحم من بني جلدتنا.. وبعد ساعات حضر إليهم اطباء عرض عليهم محبوبته قالوا له: (لا أمل في شفائها) وكان ثمة حشود قدمت إليهم رافضة وجودهم غادر الاطباء تأخر احدهم وكان يبدو أنه حسن النيات بالفعل همس في أذن الرجل قائلاً «عد بها من حيث أتيت علاجها بيدك وفي بلدك».
للشاعر ادونيس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى