رئيس جامعة تعز د. محمد الشعيبي لـ«الأيام»: صعوبات وعراقيل تعيق استمرار العملية التعليمية في ظل تجاهل الحكومة

> حاوره/ صلاح الجندي

> شكلت عودة جامعة تعز للعمل بعد تحرير المدينة، نقلة مهمة لعودة الحياة إلى المدينة التي تعجز السلطة المحلية حتى اليوم عن إعادة تفعيل معظم المؤسسات فيها رغم دعم الحكومة الشرعية لهذه التوجه، باستثناء جامعة تعز الذي أصبح مسار عودة العملية التعليمية فيها خارج الاهتمام الفعلي للحكومة، ومعتمدا على الجهود الذاتية التي بذلتها قيادة الجامعة بإمكانيات محدودة، وباتت اليوم تواجه عراقيل قد تهدد استمرار العملية التعليمية، خصوصاً في الكليات العلمية التي يطالب الدارسون فيها بإيجاد الجانب التطبيقي، وعودة دكاترتهم للتدريس، وفتح المعامل، مثل كلية الهندسة والعلوم التطبيقية.
رئيس جامعة تعز د. محمد الشعيبي
رئيس جامعة تعز د. محمد الشعيبي

وأجرت صحيفة «الأيام» حوارا مع د. محمد الشعيبي رئيس جامعة تعز ، للتعرف على أبرز المشكلات والتحديات التي واجهت وتواجهه جامعة تعز، فإلى الحوار:
*بداية حبذا لو تطلعنا على الوضع العام لجامعة تعز لا سيما في ظل فترة الحرب ؟
- في البدء نتوجه بالشكر الجزيل لصحيفة «الأيام» المتميزة والمتابعة بشكل مستمر لهموم المجتمع والجامعات وخصوصاً جامعة تعز.
أما فيما يخص الوضع العام في هذه الجامعة فلا يخفى على أحد، حيث تعرضت لتدمير طال المباني والمعامل على حد سواء، بالإضافة إلى النهب، ناهيك عن توقف الرواتب، والميزانية التشغيلية لها، ونحن في إدارة الجامعة نعمل جاهدين منذ سنتين ونصف السنة على معالجة المشاكل سواء من خلال عمل المراكز في الأماكن التي يتواجد فيها الطلاب كنازحين في صنعاء، وإب، ووسط المدينة، وفي الحوبان، والتربة، ومخلاف، وبحمد الله استطعنا حل الكثير منها، وها نحن ننهي الفصل الدراسي الأول.
*ما نسبة النهب الذي تعرضت له الجامعة؟
- الجامعة تعرضت للهدم وعمليات سرقة وزرع ألغام، ولكن إذا ما قارناها بمؤسسات الدولة الأخرى فبكل تأكيد كانت أقل مؤسسة تعرضت للنهب، وما تم نهبه منها عبارة عن مجموعة من الأجهزة سواء من الحاسبات أو غيرها من الأجهزة المرتبطة بالمعامل العملية، بالإضافة إلى سرقة الأسلاك التابعة لمحطة الكهرباء وبيعها بأسعار بخسة لا تتعدى 1 % من قيمتها، والتي تكرم خالد أحمد هائل بإصلاحها.
*ماذا عن وضع الكليات بعد الحرب؟
- كان وضعها مأساويا وغير عادي، لكن أبى الطلاب المتميزون إلا أن يواصلوا تعليمهم في الجامعة برغم الصعوبات التي كانت تواجههم، وفي مقدمتهم طلاب كلية الهندسة، وقد وصل الحضور في أول يوم دراسي نحو 40 طالبا وطالبة.
والظروف الحالية تُحتم علينا العمل بالمتاح والممكن، نظرًا لعدم وجود الميزانية.. والتقصير الحاصل في بعض الكليات يعود إلى أننا لا نمتلك ميزانية، ولا رواتب، وغياب الجهات الداعمة والتي من شأنها أن تُلبي احتياجات الجامعة.

*هل لكم من تواصل مع الجهات غير الرسمية لدعم الجامعة ؟
- بدأنا بالتخاطب مع الوالد العزيز علي محمد سعيد، أحد ممثلي مجموعة هائل سعيد أنعم، وقد رصدت لنا المجموعة 45 مليون ريال، واستطعنا فعلًا خلال أشهر أن نعالج مشكلة النوافذ المكسرة والمعامل والأبواب الداخلية، وكذا عمل صيانة في الأمور العامة، وسُلم للمقاول جزء منها ليكمل ما تبقى من الصيانة ومتعلقاتها، وهي عبارة عن خطوة أولى، أما الخطوة الثانية فتمثلت بافتتاح الدراسة، ووجهنا كل ما نتحصل عليه من نفقة خاصة وتعليم موازي لمصلحة الأساتذة والموظفين ليتمكنوا من الوصول إلينا نتيجة لتوقف مرتباتهم.
*ماذا عن شكوى طلاب كلية الهندسة حول إغلاق معظم المعامل فيها؟
- مشكلة المعامل تُعد مشكلة جوهرية، ونحن ندركها ويدركها كل الأكاديمون والطالب والإداريون، فبدون معامل لا تكتمل الدراسة، وقد نتج عنها تباطؤ في الدراسة، وهناك أيضاً صعوبة في تفعيلها كاملة، وبدأ الطلاب التحرك والشكوى بهذا الخصوص عبر صحيفة «الأيام» الغراء، وأظهرت بعض جوانب المشاكل في كلية الهندسة، وكان على الطلاب أن يتوجهوا بشكواهم إلينا أولًا قبل ذهابهم إلى صحيفتكم.
وهناك شكاوى أخرى من قبل الطلاب، وقد تبنيت فور عودتي من السفر من خارج البلاد خطة مزمنة لمعالجة الاختلالات، ومازلنا نتابعها بكل جدية، وقد ابتدأنا بفتح المكتبة، وتنظيم عمل البوفية الخاصة بالكلية، ووجهنا بافتتاح المعامل، وحضور الأساتذة، وكذلك حل المشاكل العالقة داخل الكلية، والاحتقان الحاصل.
*وماذا عن موضوع إحلال خريجين ومعيدين بدلًا عن الدكاترة غير الموجودين؟
- في الحقيقة نأسف بأن نجد أُناسا لديهم ضعف انتماء لجامعة تعز ولتعز بشكل عام، حيث مازالوا مستمرين في المكوث خارج المدينة ولم يحضروا قط.
ونحن في مجلس الجامعة عملنا بهذا الخصوص بدائل، وطالبناهم بالحضور وفي المقابل سنؤمن لهم كل ما يتخوفون منه، وأنا أجزم هنا بأنه إلى الآن لم يحدث أن تعرض أي موظف أو طالب لأي أذى من قبل الجهات الأمنية وفصائل المقاومة أو الجيش.
* ما أبرز الحلول التي قمتم بها جراء ذلك؟
- الحلول كثيرة وقد خاطبنا الدكاترة بأن عليهم الدخول إلى هنا، ومن لا يستطيع الدخول لأسباب أمنية متعلقة بسلامته، طالبنها بأن يأتي بدكتور بديل، خصوصًا في السنة والنصف التي لم نستلم خلالها الرواتب.
وللأمانة هناك كثير من الدكاترة والموظفين تعاملوا بإيجابية وتفاعل بنسبة 80 % ، والنسبة الأخيرة هي من الأساتذة الذين يتحدثون حاليًا عن فساد جامعة تعز في وسائل الإعلام والقنوات، في الوقت الذي هم خارج المدينة ومنقطعون عن تلبية واجبهم الأخلاقي في تدريس الطلاب.
وأنا هنا أتساءل: هل هناك أفسد من هذا الانقطاع، واستلام الرواتب حتى لو كانت قليلة، وهم في بيوتهم؟، لاسيما وهم يستلمون 50 % بطائق تموينية من الطرف الآخر، ومن يتواجدون داخل المدينة لا يستلمون حتى الـ 50 % ومع ذلك يقومون بواجبهم.

أما فيما يخص المشاكل المتعلقة بالكليات، فقد فتحنا علاقات مع جهات مختلفة لحلها، ونحن أمام إصلاح الجامعة فيما يخص المشاكل الرئيسية، وعمل ملاعب وحدائق داخلها، واستكمال كلية الحقوق، بالإضافة إلى عمل برنامج نظام آلي شامل، وقد بدأنا بتحقيقه في العلوم الإدارية، وتبقى لنا كلية الهندسة، ولنا أيضاً إنجازات تمثلت بافتتاح برنامجين اثنين في الماجستير بالطب (جراجة، وباطنية)، بالإضافة إلى افتتاح قسم الأسنان والصيدلة، وبرامج ماجستير في مدينة التربة، وآخر في مركز الدراسات العليا، وكذا في العلوم السياسية، والآداب، وغيرها من البرامج.. وإنجازاتنا هذه تحققت في ظل ظروف استثنائية، كما قمنا أيضاً بـ"الأتمتة"، والتي بموجبها تخطت جامعة تعز 1400 جامعة عربية وعالمية وفق تصويت عالمي، نتيجة لتلك الإنجازات.
*أين تذهب المبالغ المالية التي يدفعها الطلاب كنفقة خاصة ورسوم موازي؟
- نستطيع أن نقول بأن هذه النفقة وجهت بأحسن وأفضل فترة، هي فترة الحرب، حيث صرفت كمكافآت وللأساتذة، وكبدل مواصلات، وسلف، وفي هذه الفترة هناك تقصير نوعا ما، ولهذا اتفقنا أن يكون الطلاب شركاء ومتواجدين في مجلس الكلية ومجلس الجامعة وعليهم أن ينتخبوا من يمثلهم في الاتحاد، للاطلاع على الموازنة وسير تصريفها.
*ما أبرز العراقيل التي تواجهكم في الجامعة بشكل عام ؟
- العراقيل كثيرة، يأتي في مقدمتها عدم صرف الرواتب، وكذا الميزانية التشغيلية، ففي السابق كانت سلطة صنعاء تتكفل بالميزانية قبل أن تقوم بتوقيفها، الأمر الذي جعلنا والطلاب في وضع صعب، وأمام طريقين اثنين لا ثالث لهما، إما أن نمشي في خط النجاح والنجاة، أو غيره.
*حبذا لو تطلعنا عن الدعم الخاص بالجامعة الذي تحدث عنه الوفد الحكومي أثناء زيارته للمحافظة؟
- للأسف عندما أتى الوفد الحكومي بقيادة عبدالعزيز جباري إلى المدينة وعدونا بدفع 200 مليون للجامعة، وهو الوعد الذي لم نرَ منه شيئًا، ولهذا لابد من آلية واضحة للحكومة مع ضرورة إيجاد البدائل لحل كل المشاكل، ولو أن الحكومة استندت للجامعة لقدمت لها الحلول، فلدينا كوادر في السياسة والاقتصاد والقانون وخبراء في مختلف المجالات، لكن لا أحد يولي الجامعة اهتماما.
*ماذا عن دور المنظمات والجهات الممولة.. هل لها من دعم للجامعة؟.

- المنظمات تكرمت مشكورة بتقديم السلال الغذائية للدكاترة، وحصلنا على ثلاث سلال غذائية خلال شهر نتيجة العمل والبحث الدائم لسد حاجات الموظفين والإداريين والدكاترة.
ونأمل من المنظمات أن تقدم المزيد، فنحن في الجامعة نُعاني كذلك من عدم توفر مادة الديزل وغير قادرين على تشغيل المحطة لنقص الديزل وتعرض الأسلاك للنهب.
وعبر «الأيام» أوجه الشكر للمنظمات التي دعمت الجامعة وقدمت الأضاحي والسلال الغذائية، ومنها مؤسسة دروب النور ورئيسها د. جلال الشرعبي الذي دعم كلية الآداب بالحواسيب وغيرها مما يلزم لترتيب وضع الإدارة، وكذا دعم برنامج النظام الآلي الشامل، بالإضافة إلى تقديم نحو ألف سلة غذائية.
*هل لكم من مخاطبات ورسائل وجهتموها إلى الحكومة الشرعية لطلب الدعم؟.
- نعم قمنا بذلك عدة مرات، والتقينا بهم وخاطبناهم والكل في الحقيقة يرحب ويوعد ولكن لم نجد أي تنفيذ لها.
وبهذا الخصوص صرح لنا نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية بأنه قد تم طرح مشاكلنا، وأن وزير التعليم العالي متفاعل، لكن مع ذلك كله لم نرَ أي شيء على أرض الواقع من الحكومة فيما يخص الرواتب والميزانية التشغيلية، على الرغم من مناشدتنا لهم ورفع العشرات من المذكرات.
*هل من رسالة تود توجيهها في ختام هذا الحوار؟.. وإلى من؟.
- أوجه مناشدتي للجميع بضرورة الالتفات للجامعات، والاهتمام بها، ونقول لهم بأن عدم الالتفات والاهتمام بالجامعات اليمنية وجامعة تعز على وجه الخصوص لها تبعات سلبية، فكل شيء ممكن التغاضي عنه إلا التعليم والصحة، فيجب أن يكونا في منأى عن كل شيء. وختاماً أقول:
إذا لم يتزامن الاهتمام بالجانب الأمني مع الاهتمام بجانب التعليم، فلا تنمية ولا فائدة منه، وسنخضع للفوضى.
حاور/ صلاح الجندي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى