نزح الكثير من سكانها ومنظمات إنسانية تعلنها منطقة منكوبة.. أزمة الجفاف بجحاف الضالع تبلغ ذروتها منذرة بكارثة إنسانية

> استطلاع/ غازي النقيب

> مديرية جحاف إحد مديريات محافظة الضالع، تبلغ مساحتها 87 كم، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 35.000 نسمة، يتوزعون في 360 قرية، يعتمد جزء من سكانها على الزراعة ورعي الأغنام، والجزء الآخر موظفون في السلك العسكري والمدني.
وتعاني مديرية جحاف منذ 6 سنوات من مشكلة الجفاف، ويعد هذا العام الأشد قسوة وجفافا، وأدت هذه الكارثة إلى نزوح الكثير من الأسر إلى المدن والمحافظات المجاورة.
«الأيام» استطلعت معاناة أهالي المديرية وبحثت مع المواطنين والجهات المسؤولة المشكلة وسبل حلها.
يقول المواطن صالح عبادي عيفر: "كانت جحاف قديماً من أهم المناطق الزراعية، حيث كانت تزرع البقوليات في الشتاء والذرة البيضاء في الصيف، وفيها أكثر من 360 بئرا، ولكن خلال السنوات الماضية قل هطول الأمطار فجفت الآبار وتضاءلت تربية الماشية، وهلكت الأشجار والغطاء النباتي، وقد شهدت المنطقة حالات نزوح كبيرة إلى المناطق المجاورة نتيجة لهذا الجفاف".
وأضاف: “في العام 1987م حضر إلى جحاف خبراء مختصون بالمياه من البنك الإسلامي لوضع دراسة حول المديرية، وأكدوا حينها بعدم وجود أحواض مائية فيها وأن جحاف شبه جزيرة لا تتسرب إليها المياه من مناطق أخرى".. وقال أيضا: "كان هناك مشروع مائي استراتيجي إلا أنه لم يكتب له النجاح، ومازال ضمن المشاريع المتعثرة وهو مشروع حجر جحاف".
وأشار عبادي إلى أن "هناك منظمات حضرت سابقا إلى المنطقة منها منظمة كوبي ومنظمة الإيفاد الإيطالية، وأنشأت خزانات صغيرة للمنازل لحصاد مياه الأمطار من أسقف المنازل، إلا أن ذلك لم يجدِ نفعاً بسبب قلة هطول الأمطار".. شاكرا فاعلي الخير الذين تبرعوا بشراء مياه الشرب لأهالي المديرية.
وجوه اتفقدت لشربة ماء
وجوه اتفقدت لشربة ماء

واستغرب عبادي في ختام حديثه من عدم وفاء منظمة الهلال الأحمر الإماراتي بما وعدت به من خلال حملتها التي دشنتها تحت شعار (ٍسقايا جحاف)، ووعدت حينها بتوفير 5000 صهريج مياه لسكان مديرية جحاف، بالإضافة إلى متابعة الوعود الحكومية التي وعد بها د. أحمد عبيد بن دغر رئيس الحكومة لدى لقائه لجنة الإغاثة بالمديرية وعددا من المسؤولين الحكوميين من أبناء مديرية جحاف منهم وزير حقوق الإنسان د.محمد عسكر ونائب رئيس هيئة الأركان اللواء صالح الزنداني، ومدير عام بريد منطقة الضالع سامي البرطي.
الشيخ محمد قائد علي الزنداني، شيخ منطقة السرير، وأحد الكوادر الطبية في المديرية بدوره أكد بأن "مياه الشرب في جحاف يصعب الحصول عليها بسبب الجفاف الشديد الذي تعاني منه المديرية".. وقال: "إن هناك أمراضا سببتها هذه الأزمة كالكلى والأمراض الجلدية والطفيليات بجميع أنواعها والإسهالات، ونحن نناشد كل فاعلي الخير مساعدتنا، كما نناشد الحكومة إيجاد معالجات عاجلة من خلال استكمال مشروع مياه حجر جحاف، ونطالب الهلال الأحمر الإماراتي بأن يفوا بما وعدوا به، ولا ندري ما السبب في إيقاف هذا الدعم رغم معرفتنا بأن إمارات الخير تمد بسخاء لأي مناطق وعزل سكانية تعاني أزمات إنسانية وتحتاج المساعدة".
آبار جفت منها المياة
آبار جفت منها المياة

وأضاف: "هناك أسر نزحت مجبرة من مناطقها بمديرية جحاف تاركة وراءها منازلها ومزارعها، حيث اضطرت تلك الأسر إلى بيع ماشيتها بأرخص الأثمان".
فؤاد حزام - أحد النازحين من جحاف جراء أزمة الجفاف - قال: "تركت منزلي الكائن بمنطقة الشيمة بسبب شحة مياه الشرب وتوقف هطول الأمطار.. وهناك أسر كثيرة غادرت المديرية بعضها انتقل إلى عدن والبعض الآخر إلى مدينة الضالع عاصمة المحافظة، وآخرون إلى مديريات أخرى". أما النازح منير أحمد عل ي فأشار إلى أنهم نزحوا من منطقة الجبل وتحمل أعباء الإيجار في المدينة، رغم أن ظروفهم قاسية ولكن الحاجة جعلتهم يتركون مناطقهم ومنازلهم وباعوا كل مايملكون.
وطالب النازح منير فاعلي الخير والمنظمات الإنسانية بالتفاتة إنسانية لمديرية جحاف التي أصبحت طاردة للسكان بسبب الأزمة الشديدة في مياه الشرب، والتي هي اليوم منطقة منكوبة.
وفي محاولات الأهالي وسعيهم لإيجاد الحلول العاجلة جراء أزمة الجفاف التي عصفت بمديريتهم قام ناشطون وإعلاميون بعمل مناشدات عديدة من خلال منشورات وزعت على كل شبكات التواصل الاجتماعي عسى يجدون فرجا عاجلا لأزمة المديرية، ولاقت تلك المحاولات استجابات من بعض فاعلي الخير الذين تبرعوا بالمال. وعلى غرار الدعم الخيري تم تشكيل لجان إغاثية برئاسة العميد الركن محمد علي حمود، وبدأت هذا اللجان بالمتابعة والعمل ورصد تبرعات فاعلي الخير ومد المديرية بعدد يسير من صهاريج الماء.
صهاريج الماء يفرغ المياة للأهالي
صهاريج الماء يفرغ المياة للأهالي

الناطق الإعلامي للجنة الإغاثية لمديرية جحاف رياض علي ناصر، حدثنا عن دور اللجنة قائلاً: "نحن نقوم بخطة عمل من أجل إغاثة القرى والمناطق الأشد عطشاً، وهناك ثلاثة صهاريج (بوز) تعمل ليلا ونهارا في ظل البرد القارس".. شاكرا رجال الخير الذين تبرعوا لتوفير مياه الشرب لأهالي المديرية.
وأكد رياض علي بأن هناك وعودا بدعم مديرية جحاف من قبل رئيس الحكومة د. أحمد عبيد بن دغر بمبلغ مالي لشراء شاحنات (بوز) لتوصيل الماء للمديرية، ويأمل أن تصدق تلك الوعود وتخرج إلى الواقع بأسرع وقت ممكن.
وقال الناطق الإعلامي: "إننا في لجنة الإغاثة فتحنا حسابا بنكيا لمن يريد التبرع عبر حساب البنك الأهلي اليمني فرع الضالع برقم 67115".
وأكد أنه نتيجة لأزمة المياه في جحاف تضررت كثير من الأسر التي اضطرت للنزوج من مناطقها إلى مناطق أخرى، إضافة إلى مشكلة اضطرار طالبات المدارس بالمديرية إلى ترك الدراسة للبحث على مياه الشرب من مناطق بعيدة باستخدام الحمير.
النساء وطوابير الحصول على المياة
النساء وطوابير الحصول على المياة

وأوضح رياض أن "الحل الوحيد لمشكلة الجفاف هو الطريق كونها تعد عاملا أساسيا في حل كارثة الجفاف، فإذا تم إيصال الطريق من مديرية الضالع - عاصمة المحافظة - إلى مديرية جحاف وسفلتتها سيتمكن المواطن من الحصول على الماء بكل سهولة، وهناك قرى لا تزال تعيش في العصور الوسطى لا توجد بها طرق، ويصل إيجار الصهريج الواحد فيها إلى 50000 ريال، المواطن يدفع 17500 والباقي تدفع من تبرعات الأخوة المغتربين وفاعلي الخير في الداخل، هذا فيما يخص البوزة المؤجرة، أما البوزة التي تتبع المجلس المحلي للمديرية فإيجارها 35000 ريال، يدفع نصفها المواطن (17.500ريال) والباقي من التبرعات".
وأردف رياض بالقول: "بالنسبة لمشروع مياه حجر جحاف، فهذا المشروع كان قد أنجز منه حوالي 80 % بتكلفة 380 مليون ريال، وكان لم يتبق منه إلا الشيء القليل، ولا نعلم حاليا سبب توقفه، تواصلنا مع الجهة الممولة وهي مشروع المياه والصرف الصحي بالضالع، فقالوا لنا إن المقاول احتجز المضخات مقابل مائة مليون متبقية، وتواصلنا مع الشيخ غالب مطلق وزير الأشغال في حكومة حبتور بصنعاء فوافق على تسديد المبلغ المتبقي إلا أن الظروف السياسية التي حدثت في صنعاء لم تمكنا من استلام المبلغ الموعود به".
اثناء توزيع الماء من احد المتبرعين
اثناء توزيع الماء من احد المتبرعين

وفي ختام استطلاعنا توجهنا إلى مدير عام مديرية جحاف محافظة الضالع العميد قائد عقلان، الذي تحدث إلينا قائلاً: "جحاف كما تشاهدون تعيش كارثة إنسانية كبيرة بسبب انعدام مياه الشرب وخصوصاً هذا العام الذي لم يسبق له مثيل في حياة المواطن.. وبالنسبة للمعالجات بعد تشكيل لجنة الإغاثة برئاسة العميد محمد علي حمود وعندما أعلن الإخوة الإعلاميون من أبناء جحاف عن وجود أزمة في مياه الشرب في جحاف كان هناك تجاوب من بعض الإخوة التجار ورجال الأعمال وقدموا تبرعاتهم وتم تشكيل لجنة الإغاثة وهي تقوم حالياً بشراء صهاريج المياه ويتم متابعة الصهاريج الأخرى التي تم التوجيه بشرائها من قبل الأخ رئيس الوزراء، وإن شاء الله سنحل ولو الشيء البسيط من الأزمة حتى نستطيع أن نوقف نزوح الأسر من المديرية إلى المناطق الأخرى”. وأضاف عقلان بأن "التواصل مع الهلال الأحمر الإماراتي مايزال قائما لإيفاء بما وعدوا به، وطلبوا منا دراسة حول مشروع مياه الشرب، وكذا مشروع الطريق، ومازالت المتابعة مستمرة معهم”.
سائق الصهريج (البوزة) وضاح عبدالله صالح الشعيبي قال: "نقوم بجلب الماء من منطقة حبيل الريدة عاصمة مديرية حالمين محافظة لحج التي تبعد عن جحاف بأكثر من 20 كيلو مترا، وهذا يسبب لنا إحراجات عندما نتأخر عن توصيل مياه الشرب، وعندما نصل إلى المنطقة المستهدفة حسب جدول التوزيع نتفاجأ بصعوبة الطريق فنضطر إلى الوقوف حتى يحضروا الكمبريشن من أجل تسهيل مرور شاحنة الماء ويصل الصهريج إلى القرية وخصوصاً قرى بعيدة في منطقة (بني سعيد) بشق الأنفس، إضافة إلى وجود معاناة الازدحام والطوابير التي نواجهها أثناء التوزيع وكذا الطابور اثناء التعبئة من الابار بمنطقة حبيل الريدة ،ويعاني السائقون غلاء الاطارات والزيوت وقطع الغيار والمبالغ الرمزية التي يدفعها المواطنين هي المورد الوحيد لاصلاح هذه الشاحنات وتموينها بالوقود لكي تواصل عملها في خدمة وانقاذ السكان.
استطلاع/ غازي النقيب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى