لازلت أتنفس ذكراك

> عدلي طه عمر مكاوي

> مازلت أتذكر حبك ولا زلت أتنفس ذكراك، ولم تفارق خيالي طول ما عشت عمرا، لم أنساك يوماً فذكرياتك نحتت في عقلي وخيالي ولن تمحوها السنوات أبدا، ولم أنس العطف والحنان اللذين كنت تغرسهما في جسدي بلحظة عناقك فتتغلغل مشاعرك بشراييني وتسكن بوريدي ذاك الحضن التي تربيت معه منذ نعومة أظفاري، والذي استمد منه القوة والعزة والشموخ، ذاك هو المرشد الذي لطالما ينصحني ويحدد مساري وكافة اتجاهاتي ويسدد خطاي بوصلة حياتي وكان ملهم دنيتي، ويا لها من كلمة يعجز لساني أن يلفظها لغيرك أبي.
فعجز قلمي أيضا أن يصف معاليك فيقف القلم عاجزا عن الحركة، ولا يستطيع وصف مشاعري ويعجز مداده أن يخط أحرف سموك يا أبي.. فلولاك يا أبي لم أكن أنا عدلي، فاذكر إن لم يكن لي هما بوجودك كهمي فقط للعبتي، ولم أكن أعلم يوما أن توبيخك وعتابك لي منذ صغر سني هو تربية لي ودرس من دروس إصلاح وتهذيب النفس فتعلمتها على يديك في مدرسة الحياة.
فكم أنورت دنيتي في وجودك، فذكريات حبك تأتيني كألامواج لا بل كالفيضان تتدفق إلى قلبي تسري بمجرى الدم كافة أفعالك وأقوالك، فكنت نعم الأب ربيت أولادك على مكارم الأخلاق، وزرعت قيم الدين فينا وثبت سنة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم.
فغاب أبي - وهذه إرادة الله - عن حياتي، وانتقل إلى جوار ربه، فاطمأن قلبي فهو بجوار ربه الرحمن الرحيم، ولكن أظلمت دنياي فكنت كالذي يرى الدنيا بعيني أبي وأصبحت فجأة كالأعمى الذي لا يرى شيئاً بعد فراقه، فيا لها من لحظات عظيمة حين يعيش الولد مع والديه، فحقا إنها نعمة من نعم الله التي لا تشعر بها ولا تدرك عمق ألمها ومرارتها إلا بعد زوالها، فأيقنت بأن الذكريات الجميلة مثل هذه لا تعود ولن تتكرر في حياتنا أبدا، فالله وحده يعلم مدى اشتياقي إليك ولن تستطيع بحور أشواقي أن تعيدك إلي ولو للحظة من الوقت.. فكم تمنيت عودة تلك الأيام الجميلة التي هجرتنا والتي لن تعود إلى ديارنا، فكم وكم تمنيت ولكن لم يستجب لأمنياتي..
فليسمح وليأذن لي الشاعر لطفاً أن أغير بيت شعره حباً لأبي: من “ليت الزمان يعود يوما... فيعود أبي حيا لا يغيبو” إلى “ليت الزمان يعود يوما... فتعود إشراقة أبي لا تغيبو”.
فهيهات أن يعود يوما، ولكن سأصبر روحي بأن نلتقي بأبي ومن أحببناهم في جنات النعيم في عليين، فهو الآن ضيف أكرم الأكرمين، ولن أقول وداعا يا أبي ولكن سأقول إلى لقاء قريب في جنات الخلد، وسأظل أتنفس ذكراك في كل شهيق وزفير ما دمت حيا.
عدلي طه عمر مكاوي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى