تاريخ وموروث لحج الثقافي يواجه خطر الضياع.. والأدباء يناشدون السلطات المحلية.. أدباء: نطالب السلطة بالاهتمام بتاريخ هذه المنطقة وموروثها بشكل عام

> تقرير /هشام عطيري

> تميزت محافظة لحج بموروث ثقافي وتاريخي على مدى مراحل الحياة، وكانت الحركة الأدبية والثقافية بالعقود الماضية في أوج ازدهارها، إلا أن هذا الموروث الحضاري لم يجد أي جهات رسمية تعمل على توثيقه وأرشفته، وهذا الأمر أدى إلى قيام بعض من المهتمين من أبناء لحج بتدوين وتوثيق كل المراحل التراثية والثقافية التي مرت بها المحافظة بطريقة شخصية، إضافة إلى إصدار العديد من الكتب التي دونت هذا التاريخ بأشكال مختلفة.
وتواجه لحج حاليا خطر ضياع هذا التاريخ الذي تشتت إلى أكثر من شخص، مما ينذر بضياعه، ولعل أهم الأسباب الرئيسية في ذلك هي عدم وجود توجهات من قبل السلطة المحلية في إنشاء مراكز توثيقة تقوم بجمع وثوثيق الموروث التاريخي والثقافي لمحافظة لحج بطريقة حديثة ومتطورة لحفظه وتخليده للأجيال القادمة.
الكاتب والأديب محمود المداوي أحد المهتمين بمجال الموروث الشعبي بلحج يقول: “باعتباري أحد المهتمين بهذا الجانب كانت هناك جهود إيجابية تمت بالفترات الماضية وبمبادرة ذاتية من قبل الجانب الحكومي آنذاك في لحج، ممثلة بالفقيد المناضل عوض الحامد وبعض الخيرين من أبناء المحافظة، لتوثيق موروث لحج الشعبي، وتم تنظيم المؤتمر الأول للتراث الشعبي في عاصمة المحافظة في عام 1974م، وخرج المؤتمر بعدد من القرارات والتوصيات الهامة التي أقرت تجميع ألوان الموروث الشعبي والثقافي للحج في ثلاثة مجلدات”.
ويشير المداوي إلى “عدم وعي المجتمع بأهمية وتاريخ لحج وما تعاقب عليها من أحداث ومنعطفات، وما خلفه الأوائل والرواد من موروث عظيم لا يستهان به بمجالات الحياة، وفي الصدارة التاريخ السياسي للمنطقة وثقافتها المتعددة والمتنوعة أدبيا وفنيا ورياضيا، وعلى مستوى الحياة الاجتماعية والاقتصادية للناس”.
ويطالب الأديب المداوي السلطة المحلية بمحافظة لحج، ممثلة باللواء أحمد عبدالله التركي، بـ “الاهتمام بتاريخ هذه المنطقة وموروثها بشكل عام، وأن تضع هذا الجانب ضمن خططها المستقبلية، وتهتم السلطة بتوفير كادر متخصص في قضايا التوثيق والبحث وجمع الموروث بكل ألوانه ومن منابعه الأصلية، ويجب تأسيس مركز خاص يعمل على أرشفة موروث لحج”.
حسن علي حسن عبد الرب قال: “يعرّف التوثيق بأنه مهمة وطنية، فهو يعنى بتدوين تاريخ وثقافة وممتلكات وإبداعات ماضي وحاضر أبناء الوطن، ويضمن انتقالها الآمن من جيل إلى جيل قادم، ليتم الاستفادة منها والبناء عليها عند التخطيط للمستقبل”.
ويؤكد حسن بأن “الجوانب التاريخية والفنية والتعليمية والرياضية وغيرها لم يشملها التوثيق في عهد السلطنة العبدلية، حيث انحصرت فيما جرى تأليفه من كتب عن لحج وتاريخها وغنائها سواء من أبنائها أو من غيرهم، وعلى سبيل المثال (كتاب هدية الزمن للقمندان وسلاطين لحج لصالح حسن شهاب)”.
ويبين حسن أنه “رغم الانتعاش الفني والثقافي والتعليمي والرياضي الذي واكب حكم المتأخرين من سلاطين العبادل إلا أنه لم يكن يتوفر حينها متحف أو مركز توثيق للفن والحركة الرياضية في لحج، وأننا مقصرون في هكذا مهمة، بل ويمكن القول بأننا قد أسهمنا في العبث بوثائقنا وتاريخنا، وخير دليل على ذلك ما حدث في آخر أيام العبادلة في لحج من اقتحام للمحكمة الشرعية والرمي بالوثائق التي يحتويها أرشيفها إلى الشارع، إضافة إلى قيامنا بنهب وتدمير متكرر للقصور التي كان يسكنها سلاطين لحج، والتي تُعد من معالم لحج التاريخية البارزة، كما لقي المتحف الوحيد نفس المصير”.
المربي القدير أنور عوض سعيد بدأ منذ سنوات العمل على توثيق تاريخ المحافظة التربوي والتعليمية، وقال: “إن عدم توفر الإمكانيات والمبنى المؤهل والتجهيزات الحديثة أدى إلى تبعثر الوثائق التاريخية، الذي يسعى بين الحين والآخر بتذكير الناس وبطريقة شخصية من خلال عمل النشرات والملصقات التي تتحدث عن هذا التاريخ”.
وأضاف “عن أية وثائق تتكلمون إذا كنا لا نستطيع حماية معالمنا الأثرية، ومن الطبيعي جدا أن تكون وثائقنا مبعثرة، منها من يملكها أشخاص في مكتباتهم الخاصة، ومنها التي تعرضت للسرقة والعبث، والكثير منها خرجت إلى خارج اليمن، ولا نعلم متى سيأتي الشخص الذي سينقذ ما يمكن إنقاذه من تراث لحج الفني والثقافي والأدبي وحتى الزراعي، ويجمعه في متحف لحجي كاملا وشاملا، هذا ما نأمل أن يتحقق، كون تراثنا أكبر وأعمق، ونحن بحاجة لمتحف يضم آثارنا ووثائقنا”.
ويحمل الأديب كمال منيعم الجهات الرسمية هذا القصور، ويقول: “القصور الذي تعانيه الجهات الرسمية التي تحتل مواقع في المحافظة، خاصة الجهات الثقافية والإعلامية تعاني من قصور ذاتي في أهمية مركز الحوطة، بل دلتا تبن، ونتمنى توفر جناح خاص في إدارة الثقافة يجمع ويؤرشف الأغنية اللحجية كلمة وأداء وتدوين أصحاب تلك الأعمال من ملحنين وشعراء وفنانين، ومعروف أن ذلك يحتاج لأجهزة تسجيل لأرشفة مراحل تطورالأغنية اللحجية”.
هاني كرد يؤكد أن “لحج تمتلك خزينة كبيرة من التراث الذي كان له الدور الكبير في النهضة في الجزيرة والوطن العربي، إلا أن هذا المخزون بدا بالضياع بسبب عدم توثيقه من خلال البحث عليه عند الجيل القديم الذي عايش مراحل النهضة الفنية والأدبية بلحج، وممن كان لهم دور في بناء هذه النهضة”.
يوجه كرد نداء إلى السلطات لتدارك من تبقى من كبار السن، لتوثيق ما يحملونه في عقولهم من تراث، وكذلك حفظ ما تبقى، وجمع الوثائق المنتشرة هنا وهناك، والاستعانة من أصحاب الخبرات والمهتمين بالتوثيق لجمع موروث لحج الفني والثقافي والسياسي والزراعي والعلمي، حتى تستفيد الأجيال القادمة من هذا التاريخ الجميل، علما أن هناك من بذل جهود ذاتية في والوقت الحاضر من أجل توثيق بعضا من تاريخ لحج.
تاريخنا مهدد بالضياع والتلف بسبب تعدد الأشخاص والجهات التي تملك هذا التاريخ، وهو ما يستدعي تدخلا عاجلا من قبل قيادة المحافظة والمهتمين لجمع هذا التاريخ بمختلف الوسائل الممكنة، كون من لا يملك تاريخا ليس له وطن، وإنشاء مركز توثيق مطلب ملح في هذه الفترة، والاستفادة من خبرات السابقين في هذا الجانب، وندعو كل من يملك الوثائق التاريخية والكتب والصور عليهم نفض الغبار عنها وإعادة أرشفتها بطريقة عصرية حتى لا نندم في الأخير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى