قصة قصيدة

> «الأيام» خاص

> جاء رجل إلى الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وقال: يا إمام لقد اشتريت دارا وأرجو أن تكتب لي عقد شرائها بيدك، ونظر الإمام إليه بعين الحكمة، فوجد الدنيا قد تربعت على عرش قلبه وملكت عليه أقطار نفسه.
فكتب، يريد أن يُذِكّره بالدار الباقية، بعدما حمد الله وأثنى عليه:
«أما بعد:
فقد اشترى ميت من ميت دارا في بلد المذنبين وسكة الغافلين لها أربعة حدود، الحد الأول ينتهي إلى الموت والثاني ينتهي إلى القبر والثالث ينتهي إلى الحساب والرابع ينتهي إما إلى الجنة وإما إلى النار». فبكى الرجل بكاء مرا، وعلم أن الإمام أراد أن يكشف الحجب الكثيفة عن قلبه الغافل فقال: يا أمير المؤمنين «أُشهد الله أني قد تصدقت بداري على أبناء السبيل».
فقال له الإمام الحكيم هذه القصيدة العصماء:
القصيدة العصماء للإمام علي بن أبي طالب
النفس تبكي على الدنيا وقـد علمـت *** أن السعادة فيهـا تـرك مـا فيهـا
لا دار للمرء بعـد المـوت يسكنهـا *** إلا التي كـان قبـل المـوت يبنيهـا
فـإن بناهـا بخيـر طـاب مسكنـه *** وإن بناهـا بشـر خــاب بانيـهـا
أموالنـا لـذوي الميـراث نجمعهـا *** ودورنـا لخـراب الدهـر نبنيـهـا
أين الملوك التـي كانـت مسلطنـة *** حتى سقاها بكأس المـوت ساقيهـا
فكم مدائن فـي الآفـاق قـد بنيـت *** أمست خرابا وأفنى المـوت أهليهـا
لا تركنـن إلـى الدنيـا ومـا فيهـا *** فالمـوت لا شـك يفنينـا ويفنيهـا
لكل نفـس وإن كانـت علـى وجـل *** مـن المنـيـة آمــال تقويـهـا
المـرء يبسطهـا والدهـر يقبضهـا *** والنفس تنشرهـا والمـوت يطويهـا
إن المـكـارم أخــلاق مطـهـرة *** الديـن أولهـا والعـقـل ثانيـهـا
والعلـم ثالثهـا والحلـم رابعـهـا *** والجود خامسهـا والفضـل ساديهـا
والبـر سابعهـا والشكـر ثامنـهـا *** والصبر تاسعهـا والليـن عاشيهـا
والنفـس تعلـم أنـي لا أصادقـهـا *** ولسـت أرشـد إلا حيـن أعصيهـا
واعمل لدار غـد رضـوان خازنهـا *** والجـار أحمـد والرحمـن ناشيهـا
قصورهـا ذهـب والمسـك طينتهـا *** والزعفـران حشيـش نابـت فيهـا
أنهارها لبن محـض ومـن عسـل *** والخمر يجري رحيقا فـي مجاريهـا
والطير تجري على الأغصان عاكفـة *** تسبـح الله جهـرا فـي مغانيـهـا
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها *** بركعـة فـي ظـلام الليـل يحييهـا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى