ألهم فيه مآرب أخرى ؟

> فضل مبارك

> لست مع القرار الذي اتخذه نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الأخ أحمد الميسري خلال اجتماعه مع قيادات الوزارة للوقوف على أحداث عدن الدامية. والذي قضى ـ أي ذلكم القرارـ باعتماد مليوني ريال لأسر شهداء الواجب في الدفاع عن الشرعية، وذلك بموجب توجيهات من الرئيس المشير الركن عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن، وتكفل الوزارة بعلاج الجرحى.
ومنبع اعتراضي إن صح اتخاذ القرار وأنه ليس تسريبا أو أن هناك لبسا في صياغة الأخبار التي تناولت القرار ليس تدخلا أو اعتراضا على قرار الوزير فحسب ظني أن من حقه اتخاذ قرارا كهذا اعتمادا على توجيهات فخامة رئيس الجمهورية.
لكن وجه الاعتراض هو في تجاوز القانون الذي تستدعيه الحكومة ومؤسساتها متى ما راق لها الأمر وأرادت تمرير أو تدليس شبهة ما أو مسألة ما. فيما ترمي بهذا القانون عرض الحائط عندما يتعلق الأمر باستحقاقات للناس والوطن ولا تدخل في مزاج الحكومة مهما كانت شرعية تلك المطالب.
حيث إنه ينبغي قبل التفكير في إصدار هذا القرار دراسة الوضع القائم حاليا. والوقوف على حالة الاحتقان الناشبة في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى. وما هي مسببات ودوافع اندلاع تلك الأحداث المؤسفة والدامية.. وماترتب عليها من تداعيات واتساع رقعة الهوة في النسيج الاجتماعي، وكذا تعمق آفة الفتنة التي تغذيها كثير من القوى والجهات.. وأيضا كان ينبغي النظر بروية وتأن إلى مدى انعكاسات هذا القرار مجتمعيا وسياسيا..
هناك كثير من القرارات أصبحت تصدر ولا تؤت أكلها وثمارها على حياة الناس وأمنهم وسلامتهم بقدرما تزيد الطين بلة وتخلق آثارا سلبية وكارثية في النسيج المجتمعي وفي بنية الوطن أيضا.
ماهو شاخص للعيان أن تداعيات أحداث عدن الدموية التي وقعت الأسبوع الماضي لم تنته بعد وأن جراحاتها لم تندمل وأن أيادي الطرفين الذين تقاتلوا لازالت على الزناد وأن السيوف لم ترجع غمدها مثلما هو حال الأسلحة والدبابات والاطقم التي خرجت إلى ساحات المواجهات في أكثر من مدينة وحي على الرغم من صدور قرارات وتوجيهات بذلك من لجنة التهدئة السعودية / الإماراتية.. وكذلك ما هو معروف أن لجنة التهدئة لم تستكمل أعمالها بعد ولم ترفع تقريرها.. وبالتالي فإن اتخاذ قرارات كهذا القرار يعقد المشكلة أكثر ولا يساعد على تهدئة الوضع.
صحيح جدا ما يذهب إليه كثيرون بأن الدولة من حقها مكافأة من دافع عن شرعيتها ووقف وتصدى لقوات الانتقالي والحزام الأمني التي اعتدت على مرافق ومؤسسات الدولة أو كما يسميه البعض القيام بمحاولة انقلاب ضد شرعية الدولة، وأنه من حق الدولة عدم مكافأة أو احتساب من سقط من الطرف الآخر شهداء لأنهم وجهوا سلاحهم إلى صدرها وقاموا بمقاومة قواتها واقتحام ونهب عدد من مؤسساتها..
لكن ينبغي في ظروف وتعقيدات مشهد كهذا الذي نعيشه اليوم أن يسعى الجميع إلى قطع فتيل الفتنة والعمل على التهدئة وتفويت كثير من الفرص على المتربصين. وكان ينبغي أن يؤجل كقرار كهذا إلى حين، لاسيما وأن صدوره في هذا التوقيت المبكر أراه غير موفق ويخلق تداعيات سلبية تضر ولا تنفع وتعطي إيحاءات أن القرار اتخذ لأهداف أخرى لا علاقة لها بمكافأة الشهداء أو معالجة الجرحى.. وهي تأتي استفزازا عند كثيرين.
ومن نافل القول إن كانت الحكومة حريصة على القيام بدورها ـ ولو نصف الحقيقي ـ كان عليها أن تنظر للكل من زاوية واحدة على الأقل تنظر إلى أتباع الطرف الآخر أنه مغرر بهم.. وأن تمارس صلاحياتها وفق ماتدعيه وتشكيل محاكمات لمن ترى أنه تمرد عليها وقاد انقلابا.. لكن ـ وآه من لكن ـ فهي أعجز ما يكون للقيام بأي دور.. لذلك فالأفضل لها أن تترك رأسها مدفونا كالنعامة... إن لم تقم بفعل أي خير لصالح الناس. وأن تكف عن إصدار أية قرارات تؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإراقة الدماء.
لو كنت في مقام وزير الداخلية أو بيدي سلطة لكسبت الجولة من أوسع أبوابها وسحبت البساط من تحت أقدام الطرف الآخر بأن أجعل القرار يشمل كل من سقط في تلك المواجهات الدامية من الطرفين أو أصيب ولجعلت هؤلاء عينين في رأس واحدة. لكن يبدو أن الحكمة أحيانا تضيع أو تطغى على مضمونها السياسة قصيرة النظر، أو الهادفة إلى مآرب أخرى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى