أزمة عدن (سياسية) ..!

> أديب السيد

>
أديب السيد
أديب السيد
تنبع المشكلات والأزمات عادة من نوعية التفكير، ومنها تنعكس سلبا على مجمل الجوانب والاتجاهات. فالعقلية المنتجة للأزمات والمشكلات لن تكون يوما صانعة الحلول أو تقبل بها، خاصة أنها عقلية تعيش على الأزمات وتتكسب منها بأسلوب (تجار الحروب).
في عدن مؤخرا برزت أزمة جوهرية، وهي أزمة ليست عابرة، بل تنبع من خلاف سياسي تجسده العقلية المأزومة لشخصيات وقيادات (الشرعية وحكومتها وأحزابها).
ففي الوقت الذي أبدى الشعب الجنوبي وقياداته حسن نواياهم في التعامل مع طرف الشرعية الهاربة للجنوب، والعائدة إليها بحماية الجنوبيين، وعلى حساب انتصاراتهم وتضحياتهم، أرادت تلك الشرعية ومكوناتها طعن الجنوبيين وتنفيذ مخطط خيانة تاريخي.
تحاول الحكومة تصوير أن وضع الخلاف والأزمة بعدن هو خلاف عابر ضمن الأزمة اليمنية، وتحت إطار الشرعية، وهو التصوير الساذج الذي يصطدم بإرادة ومشروع شعب الجنوب وممثله السياسي (المجلس الانتقالي الجنوبي).
الخلاف في عدن هو خلاف مشروعين هما مشروع الجنوب (استقلال واستعادة دولة الجنوب) ومشروع الشمال (الوحدة اليمنية الفاشلة وفروعها من فيدرالية مأقلمة).
تعتقد الشرعية وحكومتها وأحزابها أنها قادرة على إعادة تموضعها في الجنوب والتحكم فيه وبمصيره، بينما هي ذاتها لولا الجنوبيون وقوات مقاومتهم الباسلة وتضحياتهم لما كانت شيئا يذكر. لهذا تحاول الشرعية وأبواقها الحكومية تذويب الجنوب في بوتقة صراع الشرعية مع الانقلابيين عليها بالشمال، محاولة تجاوز الحقيقة الموضوعية التي أفرزتها الحرب الأخيرة وعاصفة الحزم، وتغيير ميزان القوى وخارطة التموضع والسيطرة.
وبهذا ستظل الشرعية أزمة تخص الجنوب ممتدة منذ فشل مشروع الوحدة السياسي، وتحولها إلى احتلال الشمال للجنوب في عام 94.. وما لم تتغير نظرة وتفكير الشرعية وشخوصها نحو الجنوب ستظل المشكلة قائمة.
هذه المشكلة لن تضر الجنوب وحده اليوم، بل تضر المنطقة وأمنها واستقرارها والمصالح العالمية والأمن والسلم الدوليين، التي نصت قرارات مجلس الأمن عليها بشأن اليمن.
شرعية عاجزة عن فرض نفسها بالشمال وبعاصمتها الرئيسية صنعاء، بل إنها خذلت التحالف العربي الذي يقول افتراضيا إنه جاء لنصرتها، لن تكون إلا شرعية فاشلة وعاجزة، وفاقد الشيء لا يعطيه.
ومن هنا، فليس من المنطقي أو العمل الوطني أن يظل الجنوب وشعبه تحت رحمة وحكم شرعية فاسدة عاجزة، تمارس صنوف الإذلال والمعاناة لشعب نصرها وأعاد لها مكانتها بل ووفر حمايتها، وهي اليوم في حقيقة الأمر أصبحت شرعية وهمية لا تتواجد إلا إعلاميا أو في قرارات حبر على ورق.
والمنطق الصائب، هو أن يتم إنقاذ الجنوب وشعبه، ووضع الحلول المنطقية في إدارة الجنوب بأيدي أبنائه، فهم الأقدر على حمايته أمنيا، وصون تضحيات شهدائه وجرحاه، وإخراجه من دمار الحرب وممارسات الإذلال والانتقام الذي تقوده الشرعية.
فليدر الجنوب ممثلوه السياسيون، ويعيدوا له تنميته واستقراره، لتكون محافظاته نموذجا للمحافظات المحررة، وبعد انتهاء الحرب يتم الحوار على طاولة واحدة لحل مختلف القضايا وفي مقدمتها القضية الجنوبية.
وبغير هذا ستظل انتصارات عاصفة الحزم وإعادة الأمل رهن سياسات ومؤامرات وحماقات الشرعية وحكومتها وأحزابها الفاقدة للمشروع أصلا منذ تأسيسها، والتي تهوى ممارسة الابتزاز للتحالف العربي.
أما الجنوب فلن تنكسر إرادة شعبه، وسيواجه الصلف والعبث والاستبداد الممتد منذ احتلال الجنوب الأول، وسينتصر لا محالة شعب الجنوب، وسيحمي انتصاراته ومكتسباته، وسينتزع استحقاقاته التاريخية والسياسية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى