فيصل علوي.. ربيب الألحان قمندان العود

> بسام فاضل

> لا يختلف اثنان على أن فيصل علوي ابن بيئته لحج التي لا تخلو كل قرية من قراها الظافرة من فنان، شاعر، ملحن، عازف.
لحج ينساب هوى الفن فيها كانسياب نبعها الصافي آلات من نهرها “تبن” ومروج رباها البديعة التي تتنوع شذى رياحينها الخضراء كتنوع أصالة الفن فيها، فما جبلت عليه نفائس الفن الزراعي ولد طبيعة خلابة ثرية من التنافس الفني، وإن جاز التعبير فإن لحج تعتبر من بين حواضر الجنوب تمايزا وتفوقا في شعرائها وفنانيها وملحنيها، إذ لا توجد محافظة تضاهيها في كثرة الفنانين والمبدعين.
بن علوي تشرب الفن منذ نعومة أضافره فاستطاع أن يجاري كبار الفنانين الذين ذاع صيتهم في ذاك الزمان، ومن ثم بقدرته الهائلة في إجادة العزف واستساغة الألحان، قفز إلى أن توج أفضل من يداعب العود وينطقه بأعذب صوت ويطوعه بخفة وسلاسة ليناسب الألحان الصعبة، وبتمكنه من العزف طور ألحانا وألحانا، ولحن قصائد لم يسبقه إليها أحد من كبار الملحنين، كانت أروع القصائد وأجملها للأمير أحمد القمندان والشاعر عبدالله هادي سبيت، وصالح نصيب، وغيرهم من كبار الشعراء، كانت عبارة عن ملاحم خالدة، ومنها (يانجمة الفجر، يالي تركت الدمع، يا مرحبا بالهاشمي، يا وليد يا ونينوه، مطر نيسان... إلخ).
فيصل علوي فنان يمتاز بلونه الخاص الذي عرف به في كل أرجاء الوطن اليمني آنذاك، شماله وجنوبه، وفي الوطن العربي كله، وإن كانت شهرته خارجيا محدودة فلأن تنقلات الفنان كانت قليلة، نظرا للإمكانيات التي قيدت الفن في لحج وأهملت المبدعين وأدت إلى تقوقعهم إلى هذه اللحظة التي نعيشها.
كما إن شعبيته حالت دون أن يغادر أرض الوطن الذي ظل مرتبطا به، فالفنان المبدع صاحب الصوت الأجش يحظى بشعبية غير عادية، تربع على قلب الجماهير تربعا لا يضاهيه أحد، شعبية مكنته من الخلود، وأرغمته على عدم مغادرة بيئته ومحاكاة الواقع فنيا بألحان عذبة زادت من تفوقه وأجّجت حب الجماهير لفنه، فمن المستحيل أن يكون احتفاء بدون فيصل، ومن المستحيل أن تمر مناسبة دون أن يكون فيصل سادنها، وما من قرية من قرى لحج المحيطة بالحوطة إلا وقد كان لفيصل أمسية وحفل فيها.
فيصل علوي، رحمه الله، شكل استثناء باذخا في ألحانه وعزفه المميز على العود، فلم يكن العود قبل فيصل بهذه الألحان الخفيفة والإجادة الفائقة، ولم يكن أيضا بعده ربما لدهر من الزمن.
بسام فاضل

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى