إخوان الجنوب.. أين أخطأوا ؟

> صالح علي الدويل

> اغتيل خلال اليومين الماضيين إمام مسجد من منتسبي التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن).. أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته.
القتل غيلة فعل بشع والقتل السياسي.. والاغتيال السياسي أو الاغتيال على الرأي كلها أعمال مدانة في الشرائع والأعراف ولا تقبلها الفطر السوية، ولن تؤسس لمجتمع مستقر بل تفكك اللحمة المجتمعية وتؤسس لدورة عنف حلزونية كل ضحاياها من الأبرياء، يقتل القاتل وهو لا يدري لماذا قتل؟ ويغتال المقتول وهو لا يدري لماذا اغتيل؟ فالولوغ في الدم الإنساني بدون حق جريمة نكراء.
هناك ملمحان شدا انتباهي في اغتيال الرجل، الأول تعليق لقيادي إصلاحي، والثاني لمواطن لا أدري عن هويته الحزبية، لكن من خلال كتاباته لا يبدو أنه معاد للجماعة..
الأول: دعوة وزير الشباب اليمني البكري إلى هبة شعبية في عدن بعد اغتيال القيادي في حزبه !! ، وهي دعوة تعكس أزمة الحزب، لأن الساحة شهدت اغتيالات لأئمة مساجد من تيارات أخرى ولم نجد دعوة كهذه!! ما يعني أن هنالك اتجاه لتوظيف الاغتيال سياسيا، وهذا عمل مدان بنفس إدانة الاغتيال لأنه سيمنع أية تحقيقات محايدة للوصول للحقيقة ومن ثم محاصرة تداعياتها.
الثاني: هو تعليق لأحد معلقي صفحات التواصل الاجتماعي يقول فيه: «من يجاوبني؟.. لماذا بدأت الناس تكره جماعة الإصلاح.. ولا تتحسر على موتهم؟.. هل هو بسبب قياداتهم ورموز حزبهم.. الذين فيهم من القول.. ألف قول؟ أم ماذا ؟».
اكتسبت جماعات الإخوان المسلمين في العالم العربي أنصارها من خلال انحيازها لقضاياهم وتعبيرها عن همومهم في ظل أنظمة وطنية تفهم أن الوطن هو الجغرافيا فقط وليس الإنسان وإنسانيته وقضاياه وهمومه، بغض النظر عن صدق أو عدم صدق انحيازها، فهي إلى الآن لها تجربة حكم نجحت في تونس لأنها استوعبت قضايا تونس المحلية واستوعبت التنوع السياسي في مجتمعها.
وتجربة فشلت في مصر، وفشلها كان قبل الثورة عليها لأنها لم تستطع أن تفصل هيمنة المرشد عن منصب رئاسة الجمهورية عدا محاولتها تجفيف التنوع السياسي الذي كان نظام الاستبداد من عوامل تجفيفه. فاكتشفت أنها وحيدة، لم يترحم أحد على قتلاها!!
في الجنوب كانت غلطة إخوان اليمن أنهم طبقوا نفس نظرية أنظمة الاستبداد، فالوطن عندهم الجغرافيا في الجنوب وليس الإنسان وتطلعاته، هم يعلمون أن مشروع الوحدة مصاب بشرخ وطني عميق منع الاندماج الوحدوي، وإنكارهم له لا يعني عدم وجوده وقوة تأثيره في الجنوب.
أما إخوان الجنوب فقد كانوا ملكيين وحدويين أكثر من ملوكهم ورموز حزبهم، وكانوا ينفذون الفتاوى التنظيمية لحزبهم بدون مناقشة ومراعاة خصوصية واقعهم..وهذه هي أزمتهم.
لو أن الإخوان المسلمين في الجنوب اعترفوا بحقائق مشكلة الجنوب أو سمحت لهم رموز الحزب الشمالية بذلك ووقفوا معها لما نظر الناس إليهم بأنهم جنوبيون وولاؤهم للشمال.
قال أحد الباحثين العرب إن معاوية بن أبي سفيان لما خشي فتنة أهل اليمن على ملكه رمى بهم إلى أواسط آسيا والأندلس، وكانوا سبب ضياع ملك العرب وسبب انهيار الحضارة الإسلامية في تلك الأقطار، لأن التراتبية في العقل اليمني هي: الفيد، القبيلة، الدين.
نفس الحال ينطبق على زعماء ورموز إخوان اليمن في نظرتهم للجنوب، فالأولويات هي: الفيد، اليمننة، الأخونة.. لذلك أرادوا من مشروع الإخوان في الجنوب أن يكون الجنوب فيد لليمننة أو أن يكون «كعب أخيل» لها لقتل الجنوب، ولو لم يكن كذلك لتركوا إخوان الجنوب يعملون بشكل مستقل، ويقدمون خطابهم بما يتناسب وتوجهات شعبهم.. وهذا سيصب في المحصلة الأخيرة لصالح مشروع الإخوان العالمي، لكنها نظرة الفيد اليمنية.
صالح علي الدويل

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى