زمن الفنون والسياحة في محافظة لحج

> أحمد فضل ناصر

> دوما نتذكر ونتحسر على معالم ومواقع لحج الجميلة، وصروح العلم فيها، كالمدرسة المحسنية، بالإضافة للأدب والفن والثقافة، والجوامع كجامع (الدولة) وغيره، ناهيك عن القصور العبدلية والبساتين كبستان الحسيني والرمادة وحيط الكرود وحيط عبدالقوي والروضة ولحج الجديدة وحيط الحبيل، ودار العرايس التي كنا نقصدها جميعا للسياحة واستنشاق الأنفاس النقية، حيث أبدع الأمير الراحل أحمد فضل القمندان في تصوير كل ذلك في الكثير من إبداعاته، ومنها ما جاء في إحدى شهيراته:
قلي ليه يا سيدي
طبعك ليه صبح مقلوب
قلي ايه جرى مني
سامحني وانا باتوب
إلى أن يقول:
في دار العرايس با تصيف مع المحبوب
انت غصن باني لك قامة غنا منصوب
فقد أضحت قرية العرايس بساكنيها تئن وتشتكي من تجاهل وإهمال الجهات المختصة، التي تناست هذا المعلم السياحي، الذي كان مزارا سياحيا يقصده الزوار من عدن وغيرها، كما كانوا يقصدون المآثر الأخرى كالحسيني.
ولمؤسس الحسيني تذكرنا هذه الأبيات القمندانية الغنائية، بعضا من أمجاده ومنها:
في الحسيني جناين والرمادة زراعة
عادني عادني بالي من الزين ساعة
كما نتغنى دوما بما أبدعه القمندان من تصوير لهذا المعلم السياحي اللحجي التاريخي بما يلي:
شفت الحسيني والرياض الراضية
واغصانها فيها الغصون الدانية
وكذلك:
في الحسيني من الفواكه كثيرة
والفنص والجامبو جاد خيره
باتحمم على شاطئ البحيرة
كما نستشهد بما قاله الشاعر المرحوم صالح نصيب:
جنات الحسيني فاحت بالعبير
والاغصان نامت في ثوب حرير
كما نعرج على ما أبدعه من تصوير الشاعر والملحن الأمير الراحل عبده عبدالكريم للمعلم السياحي حيط الحبيل وغيره:
وتذكر الخاطر ظبا حيط المخرج والخداد
ومن سكن حبيل ابن عبدالله
وقرية بن زياد
فقد كان ولازال بستان الحسيني مصدر إلهام كل المبدعين، الذين تغنوا به ومن ذلك نتذكر ما جادت به قريحة كل من الشعراء أمثال صالح مهدي بن علي:
زمان والله زمان من يوم غمزة عيانه
وضحكته والكلام.. على الحسيني سلام
ناصرعلوي الحميقاني:
ياذي وصفت الحسيني
وصفت ورده وفله
خليك قدام عيني يا شمس قلبي وظله
انت الحسيني بكله
كثيرة هي الدلائل والنماذج التي تجسد جمال وروعة الحسيني وغيره من المعالم السياحية والأثرية اللحجية التي تغنى بها الشعراء والمبدعون.
انقطعت سياحة لحج وتواصلت الفنون لبعض الوقت، بل إنه بعد أن كان بستان الحسيني موقعا جميلا ومزارا سياحيا، أضحى يتيما.. بعد أن قست عليه الظروف، وصار لفترة من الزمن بما معناه محطابة ومخشابة، وبقايا مراعي للإبل والأغنام، في عهد التخريب للمعالم والآثار الذي شهدته لحج لفترة سيئة من الزمن بفعل فاعل، وكلنا يتذكر ما حدث.
وها هو اليوم بيد أحد الملاك لا نعلم ما مصيره، ولكم تمنينا ونتمنى أن يستثمر هذا المعلم السياحي ويعاد تأهيله سياحيا، بالتنسيق مع كائن من يكون، لما له من إرث سياحي يعكس الوجه الحضاري للمحروسة لحج، الذي شهدته على مدى أعوام.
هذه رغبة كل الخيرين، في انتعاش السياحة في لحج من بوابة الحسيني، الذي كنا ولازلنا نفخر ونعتز به أيما اعتزاز.
كما كانت وكما كنا ولازلنا نفخر بها وبمواقعها السياحية، فكفانا سباتا يا خزينة السياحة.. كما تذكرنا تلك الرحلات السياحية إلى لحج لأنها كانت مقصدا سياحيا رئيسيا لأبناء عدن وغيرهم، إلى لحج وإلى الحسيني تحديدا، بأسرهم شبابا ونساء وأطفالا وشيبانا، بالرغم من أننا لم نكن نسمع آنذاك عن وجود وزارة سياحة لها مخصصاتها، تُعنى بهذه الأمور، إلا أن سياحة لحج كانت نشيطة جدا، عكس زمننا الحالي، الدولة وشغفها بحقيبة السياحة وموازنتها، وهي أساسا غائبة عن لحج منذ أعوام، وليس لنا علم أين يكمن الخطأ، فهلا يعاد الاعتبار لعودة لحج إلى حضن السياحة؟ وهل نستمتع ونفخر ولو بقرية سياحية لحجية، يتم إعادة تأهيلها سياحيا، للحفاظ من خلالها على بصمات مؤسس الغناء اللحجي الشهير وأحد أبرز أعلام الفن والأدب والزراعة التي أسس من خلالها لسياحة لحجية، ولازالت بصماته شاهدة عليها، وهو الأمير الراحل أحمد فضل القمندان.
فهل تعود العرايس؟ فقد شكا ساكنوها الأمرين إن لم نقل زوارها كذلك، وهل يعود الحسيني كما ألفناه؟ ولو بجهد مستثمر، إن ظلت سياحة الدولة في سباتها، من أجل وجه لحج الذي عرفه كل الناس في الداخل والخارج منذ قرون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى