فاتح الأندلس طارق بن زياد

> محمد حسين الدباء

> لقد خلد الشاعر المصري علي محمود طه قصة طارق بن زيادة في قصيدة مشهورة طويلة شارحا فيها بطولات الرجل الذي ينسب له فتح الأندلس، فهناك العديد من القصص والحكايات المتعلقة بحياته الشخصية أو موضعه التاريخي، ونهايته غير معروفة بوجه الدقة إلى اليوم.
لقد ارتبطت شخصية طارق مبدئياً بالبطولة وتحقيق حلم كبير كدخول العرب إلى بلاد الفرنجة، التي ظلّ بها المسلمون لحوالي ثمانية قرون منذ أوائل القرن الثامن الميلادي إلى القرن الخامس عشر بسقوط دولة بني الأحمر في غرناطة سنة 1492.
وعرف طارق كأحد قادة جيش موسى بن نصير في بلاد المغرب في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك، وقد أبدى مهارة في القيادة لفتت الانتباه له، ما دعا إلى اختياره حاكماً لمدينة طنجة مكافأة له، وهو يبذل الصبر والإصرار ويظهر المواهب.
لكن شهرته الأساسية ارتبطت بالأندلس وعملياته الاستطلاعية التي سبقت الحملة، بحيث يمهد الطريق إلى هناك بناء على رؤية واقعية بالأرض، ولا يزال جبل طارق المسمى باسمه شاهداً إلى اليوم على تاريخ الرجل.
وفي عام 95هـ توجه طارق بن زياد بصحبة موسى بن نصير إلى دمشق ومعه أربعمائة من أفراد الأسرة المالكة وجموع من الأسرى والعبيد والعديد من النفائس. ولمَّا وصلا طبريَّا في فلسطين، طلب منهما سليمان بن عبد الملك ولي العهد التأخّر حتى يموت الخليفة الوليد الذي كان يصارع الموت. لكنهما تابعا تقدّمهما ودخلا مع الغنائم إلى دمشق.
وعندما تولّى سليمان الخلافة، عزل موسى وأولاده، أمَّا طارق بن زياد فقد انقطعت أخباره إثر وصوله إلى الشام، واضطربت أقوال المؤرخين في نهايته، ويبدو أنَّه آثر أن يعيش بعيدًا عن الأضواء، ويُمضي أيَّامه في العبادة والزهد بعيدًا عن مسرح الشهرة وضجيج السياسة، ونقل أيضا أنه في أيامه الأخيرة عاش فقيراً ومعدماً إلى أن مات، بل إنه شوهد يتسول في المساجد، وهي المفارقة المدهشة التي لو صدقت فإنها تصوّر إجحافاً كبيراً تم بحق هذا القائد العظيم من السلطة الأموية.
وجاء في قصيدة علي محمود طه:
من علّم البدوي نشر شراعها
وهداه للإبحار و الإرساء
أين القفار من البحار وأين من
جنّ الجبال عرائس الدّأماء؟
يا ابن القباب الحمر ويحك!
من رمى بك فوق هذي اللّجة الزّرقاء
تغزو بعينيك الفضاء وخلفه
أفق من الأحلام والأضواء
جزر منوّرة الثّغور كأنّها
قطرات ضوء حفاف إناء
والشّرق من بعد حقيقة عالم
والغرب من قرب خيالة رائي
ضحكت بصفحته المنى و تراقصت
أطياف هذي الجنّة الخضراء
ووثبت فوقها صخورها وتلمّست
كفّاك قلبا ثائر الأهواء
فكأنّما لك في ذراها موعد
ضربته أندلسيّة للقاء !
ووقفت و الفتيان حولك، وانبرت
لك صيحة مرهوبة الأصداء:
هذي جزيرة إن جهلتم أمرها
أنتم بها رهط من الغرباء
البحر خلفي و العدو إزائي ضاع
الطّريق إلى السّفين ورائي !!
وتلفّتوا فإذا الخصمّ سحابة
حمراء مطبقة على الأرجاء
قد أحرق الرّبان كلّ سفينة
من خلفه إلاّ شراع رجاء
ألقى عليه الفجر خيط أشعة
بيضاء فوق الصّخرة الشّمّاء
وأتى النّهار وسار فيه طارق
يبني لملك الشّرق أيّ بناء

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى