نموذج للانطباع ما فوق الامتياز.. الزعيم تشافير الذي استوطن الفقراء قلبه فأسكنوه حدقات العيون

> أسماء الحمزة محمد

>
أسماء الحمزة محمد
أسماء الحمزة محمد
وأنا أتصفح صحيفة «الأيام» لفت نظري وشدني للكتابة بعد طول انقطاع عنوان مقالة للزميل «الابن» عبدالقوي الأشول، العدد (6174) الخميس، بصيغة سؤال: كيف نترك انطباعاً جيداً؟
وإثراء للإجابة التي تفضل بها أحببت أن أدلو بدلوي بقدر معرفتي المتواضعة عن نماذج تركت الانطباع ليس الجيد فحسب بل بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وهم قلة قليلة قياسا بأعداد الانطباع «صفر».
نذكر على سبيل المثال وهو المثال الأعظم ببصماته الملموسة في أرض الواقع «القائد الفنزويلي هوغو تشافيز» الذي صادفت ذكرى رحيله الخامسة 5 مارس 2018م بداية شهرنا الجاري شهر المآسي والأفراح (5 رحيل تشافير، 8 عيد المرأة، 14 رحيل والدتي، 21 عيد الأم، 26 المأساة الكبرى الحرب الظالمة التي أشعلها الأخوة على أمهم اليمن، عفواً و18 مارس جمعة الكرامة 2011م).
وبالعودة إلى موضوعنا.. القائد والزعيم «تشافيز» دخل الحياة السياسية مناضلاً ميدانيا لم يصل على أكتاف وتضحيات الآخرين بل بهم ومن أجلهم.. رجل من أصحاب المقولة الوطنية «لكل الناس وطن يعيشون فيه إلا نحن ورفاقنا من محبي السلام والإنسانية فلنا وطن يعيش فينا ولا نعرف حدودا، فالعالم بأسره وطننا» (تشي جيفارا).
قام بتسخير الجزء الأكبر من موارد بلاده لصالح الطبقات الاجتماعية الأكثر فقراً وهم الغالبية العظمى، الذين انتقلوا في عهده من قاع الفقر إلى مرتبة المنتفعين بثروات بلادهم، ومن العبودية إلى مرتبة السيادة (خادم القوم سيدهم).
جعل الكرامة والعمل وخدمة الشعب وصيانة الوطن «عبادة» والفساد والارتزاق والاتجار بالبشر ونهب ثروات البلاد والعبث بالمال العام «خيانة» لا تغتفر وجريمة مع سبق الإصرار والترصد.
لم يترك بلاده (جربة عجر من جاء نجر) ولم يسلمها للفاسدين والملوثة أيديهم بدماء وعذابات شعبه (ديمة وخلفنا بابها)، ولم يضع المتسلقين والانتهازيين والأقارب على رأس مؤسسات الدولة ولا مستشاري السوء ولا هم يحزنون.
أرسى علاقة ولا أروع مع شعبه (علاقة القائد بشعبه)، اعتمد جسر التواصل المباشر لا أطقم ولا خرسانات إسمنتية تحجبه عن شعبه، وبإطلالة أسبوعية على شاشة التلفاز يتحدث ويستمع لمقترحات وآراء الناس، التي أخذ الكثير منها على محمل الجد وبعين الاعتبار عند إعادة النظر في عدد من السياسات التي توجه لها النقد.
قمة في المواقف والشجاعة تجاه قضايا الشعوب التواقة للحرية، وعلى رأسها مواقفه من (فلسطين).
خلص شعبه من مستنقع «قطيع وطيع» يساق، تسوقه الأنظمة كما اعتاد الطغاة، بسياسة الشعب وما يريد لا ما يراد له.
لانه ببساطة بعض من جوهر شعبه النفيس صاغها بيده في دأب بعد طول معاناة وانتظار ولم يكن مصنوعا سلفا في مصانع السياسة تربصا للفرص.
قمة العظمة والشجاعة والجرأة، ولا أدل من وقفته مع القضايا العربية وخصوصا (فلسطين).
وندد بغزو العراق وكانت فلسطين لها مكان غير، جعلها قبلة النضال في الوقت الذي يولي حكام الأعراب وجوههم إلى أبو «مونيكا» ترامب.. شتان ما بين مواقف صناعة الحياة وصناعة الموت.. طرد السفير الإسرائيلي في الوقت الذي يرفرف العلم الإسرائيلي على العواصم العربية المطبعة.. مواقف تحتاج لمجلدات للحديث عنها.
أما مع الجوار والأشقاء فهنا تتجسد الآية الكريمة «رحماء بينهم» وقول رحمة رب العالمين النبي صلى الله عليه وسلم «من فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»، فقد مد يد العون بالمليارات في أزمة الأرجنتين قروضا ومعونات (دون قيد أو شرط)، ودعم كوبا فيدل رفيق الكفاح وملهم التضحيات وبناء الإنسان.
قائد أدرك مبكرا بوعي أن القائد إن لم يكن مثالا وقدوة أمام شعبه لا يستطيع حتى الحبو نحو الهدف.
قائد وزعيم حق لم تنتكس بلاده بعد الرحيل، بقت فنزويلا شامخة تتحطم على صخورها الصلدة المؤامرة تلو الأخرى، وما زالت مستهدفة حتى اللحظة، ذلك لأنه وضع الطريق الصحيح، لم يذر الرماد في العيون.
مما تقدم من الإنجازات والمواقف والكثير مما لا نعلم عنه أحدثت في النفس وحفرت من ذاكرة الشعب الانطباع ما فوق الامتياز مع أعلى مراتب الشرف، وشكلت الرصيد الذي تصدى به لأعدائه الذين أغضبهم إسعاد الغالبية العظمى بسياسته المنحازة لأصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير الذين وقفوا سياجا لحمايته وتلقفوه حين أريد له السقوط بالانقلاب العسكري الذي لم يدم أكثر من يومين، عاد فيه «تشافيز» إلى سدة الحكم وعندما استمرت احتجاجات المعارضين تحت مبرر عدم شرعيته والاستبداد أخذ سيل (العفو عند المقدرة) لا صاروخ ولا طلقة رصاص ولا حتى قرحة طماشة، احتكم لصوت ضمير الشعب (الاستفتاء) فحصد أكثر مما حصل عليه في انتخابات الوصول إلى الرئاسة وكانت بمثابة تزكية جديدة لشرعيته مكنته من تعزيز مكانته وقدرته على العطاء أكثر وعمقت ثقة الشعب، فما أسخى الشعب وأكرمه تجاه القائد الحر، مستعد دائما أن يهب ثقته ويمنح قلبه ولكن لا يمنح دون قيد أو شرط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى