مؤسسة مكتبة الاستعارة سميرة اليافعي لــ«الأيام»: على المثقف الخروج من قوقعة الصمت فهو المحرك الأساسي للنهضة والسلام

> حاورها/ عبد اللطيف سالمين

> عدن كانت منذ القدم رائدة في المجال الثقافي والتنويري، وبعد أن شهد الوضع الثقافي موخرًا - في السنين السابقة - ركودا في الحركة الثقافية، ما زال هناك شباب عاهدوا أنفسهم مواصلة تدفق التيار الثقافي، في مبادرة ثقافية جميلة، بتدشين مكتبة استعارة مجانية في حرم كلية الهندسة، وكان معنا حوار مع الكاتبة سميرة اليافعي، مؤسسة مكتبة الاستعارة وعضو مباردة (آفاق الثقافية)، للحديث عن مبادرة آفاق، والدور التنويري للمثقفين في عدن.
* أولًا أخبرينا، كيف بدأت فكرة مبادرة آفاق الثقافية؟
- بدأت من (عدن تقرأ)، فعدن تقرأ تأسست قبل (مبادرة آفاق) وكانت حملة تضم مجموعة كبيرة من الناشطين المثقفين الشباب، ولظروف معينة انقسمنا لنشكل نوادي ومبادرات مختلفة من ضمنها آفاق الثقافية.
* هذه الحملة التي تضم مجموعة كببرة من الناشطين الثقافيين، مَن مِن المشاركين معكم من المؤلفين أو الشعراء؟ وما هو إنتاجهم الأدبي؟
- كأعضاء أساسيين باعتقادي نحن مجرد شباب موهوب له ميول أدبي، كفريق مشارك دائم في فعالياتنا، هناك الشاعر أسامة المحوري وله ديوان قيد الطبع، ومشاركات في عدد من الصحف المحلية والعربية، والشاعر ناجي عطية، وله عدد من المشاركات في الصحف المحلية.
* بما أنكم شباب ذوو ميول أدبية، ألم يكن الأحرى أن تكون مكتبة الاستعارة في كلية ذات تخصصات أدبية؟ لِم تم تخصيص كلية علمية كالهندسة بالذات عن بقية الكليات؟
- الأمر لا يقتصر على كلية معينة أو مكان محدد في عدن، فحملة (عدن تقرأ) تستهدف المدينة بأكملها، وقبل مكتبة الهندسة أقمنا فعالية في كلية الحقوق ورفدنا مكتبة الكلية بـ 200 كتاب وعدد من المجلات العلمية.
وبعدها الجامعة اللبنانية، والآن كلية الهندسة، والعمل مستمر ليشمل جامعة عدن، وعدن ككل.
أما بالنسبة لكون كلية الهندسة كلية علمية، فهذا سعي منا وتركيز لتوعية المهندس بأن الطالب الجامعي لا يكتمل بدون القراءة والإلمام بجميع نواحي الحياة، فالعلم والأدب يرتبطان برابط الثقافة التي يسعى لاكتسابها كل طالب جامعي وليس المهندس فقط.
* في سياق الرابط الثقافي، برأيك ما الصفات الواجب توافرها في من يحمل الحقيبة الثقافية والأدبية؟
- تقصد حقيبة العمل التطوعي؟ لأن هناك فرقا.
* ما هو الفرق، حدثينا بشكل عام ما بما أننا في غمار الحديث عن الدور الثقافي لتوعية المجتمع؟
- هناك فرق بين المثقف رائد العمل التطوعي الذي يعنيه تطور المجتمع ثقافياً وهم قلة، والمثقف الذي يركز على تطوير نفسه فقط، فالأول وهو محور حديثنا “المثقف رائد العمل التطوعي الثقافي”: أولاً عليه أن يعي أن كلمة مثقف طالما يسعى إليها هي تكليف وليست تشريفا، ويقع على عاتقه السعي، بكل ما أوتي من جهد وإيمان، لخدمة المجتمع ورفعته فكرياً وثقافياً بشكل يحافظ على طابعه وتراثه وحضارته، وبذات الوقت يخدم عجلة التقدم والنهضة التي تبدأ أولاً من الإنسان ذاته، لذلك الحب والإيمان والتفاني والوعي وتقبل الآخر، والأهم حب هذه المدينة التي يسعى لخدمتها، هي من أهم الصفات التي يجب أن يمتلكها.
* دعينا نتحدث إذن عن الفئة الأخرى، الذين ينشغلون بتطوير أنفسهم فقط، غالبا ما يتم توجيه اللوم لهم، بالقول إن الوضع الراهن لا يحتاج كل هذا السكوت من المثقفين، وأنه قد آن الأوان في المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد والتي تقتضي مشاركة المثقفين سياسيا. وهذا ما يضعنا أمام جدلية المثقف والسياسي، والمناورة التي لا تنتهي. برأيك سميرة أيهما يحتاجه الشارع العدني اليوم، المثقف السياسي أم السياسي المثقف؟
- السياسي المثقف طبعاً، ثق بأن كل ما تمر به البلاد سبب من أسبابه هو غياب السياسي المثقف.
منذ القدم وفي تاريخ الشعوب وحتى اللحظة المثقف كان ولا زال المحرك الأساسي للنهضة والسلام.
لذلك على المثقف أن يخرج من قوقعة الصمت والانزواء وأن يقوم بواجبه تجاه هذا الوطن.
* هناك أسباب لهذا الغياب بالطبع. ودائما ما كانت هناك جدلية المثقف والنظام، العلاقة بينهما شائكة ومعقدة، الأمر الذي انعكس في الواقع العربي من سيطرة السياسة والسياسيين على الثقافة وأهلها، وخوف بعض الأنظمة من المثقفين لتطاردهم هنا وهناك وتسلبهم حرياتهم، وتهمش أدوارهم في المجتمع، الصراع محتدم في الغالب ولغة الحوار تكاد تكون معدومة بين الطرفين، في إطار محاولات إسكات الأنظمة للمثقف، وسعي المثقف لإثبات وجوده. برأيك من يتبع الآخر يا ترى؟ وهل يؤمن الأول بدور الثاني في التنوير؟ وما مدى ثقة الثاني في قرينه الذي يقف له بالمرصاد؟
- الأول يتبع الثاني مسيراً وليس مخيراً طالما أنظمتنا أنظمة قمعية، الإيمان نسبي في هذه الحالة ومحدود، وفي ظل شروط أهمها عدم وجود صدام من شأنه التأثير على العامة، كون المثقف هو صوت الشعب والعنصر الفعال والمؤثر الأكبر فيه، وبخصوص الثقة، من يثق بالأنظمة العربية أساساً ليثق بها المثقف؟
* نعود للحديث عن الشارع، هناك معضلة الرهاب الاجتماعي الذي يمنع الشاب من المشاركة في الفعاليات الثقافية، ما سبب هذا الرهاب من خلال تجربتكم؟ وهل واجهتكم مثل هذه المشاكل في نشاطاتكم السابقة؟
- هذه معضلة سببها الأول والرئيسي المجتمع ثم التوجهات والتيارات السياسية والدينية، فبعد حرب عام 2015م تغير مسار العجلة الثقافية بجهود شبابية عظيمة، وبذات الوقت دخيلة على المجتمع الحالي في ظل تهميش كبير للجانب الثقافي لأعوام طويلة، لذلك من الممكن أن يُتهم ويُنبذ ويهدد ويقتل صاحب هكذا أعمال ثقافية، مما جعل الشباب متخوفا حقيقة من الانخراط في جانب العمل التطوعي الثقافي، ولكن من وجهة نظري الشباب العدني شباب طموح ومثابر وجسور إلى حد لا تؤثر فيه الأسباب المعرقلة، طالما أن هناك قضية وهدفا ساميا يسيره.
* مستقبلا هل هناك أية نوايا للانتقال من العمل في المبادرة نحو عمل مؤسسي ثقافي؟
- طبعاً، هذه خطة مطروحة ومعدة، ولكن لم نجد حتى اللحظة أية جهة تتبنى المشروع.
* في ختام حوارنا هذا، ما هي الكلمة التي تحبين أن توجهيها للقراء وكل رواد الثقافة وللمجتمع؟
- رسالتي هذه ليست موجهة لفئة معينة دون آخرى، هي لجميع أبناء هذه الأرض، ألا تتوقفوا عن القراءة أبدًا، فهي آفآق المستقبل، ويجب أن تعززوا إيمانكم وحبكم لهذه المدينة والشعور بالمسؤولية تجاهها بداية من أنفسكم، وألا تجعلوا الأجيال القادمة تلعن خرابكم ودماركم هذا، اصلحوا ما أفسدتم، وشكرا لك، وشكرا لصحيفة «الأيام» على هذه الالتفاتة الواعية والجميلة.
حاورها/ عبد اللطيف سالمين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى