تـعــز.. بين السيطرة على الجيش وإعاقة التحرير.. مصادر عسكرية لــ«الأيام»: قيادة المحور التابعة للإصلاح تأمرنا بعدم التقدم وتصفي من يخالف أوامرها

> تقرير/ صلاح الجندي

> بعد أن تحررت عدن من قبضة الانقلابيين، سعت جماعة الإخوان بذراعها السياسي في اليمن (الإصلاح) جاهدة إلى تصدر المشهد فيها، لإثبات أن قيادة الحزب هي من تُدير الفعل الشعبي المقاوم للانقلابيين، غير أن الاستياء الشعبي في المدينة تجاه هذه الحزب وخطواته أطاح بآمال الإخوان بحكم المحافظة.
وحينما شعرت قيادة هذا الحزب بأن أوراق رهانه الضاغطة على خارطة التسويات القادمة باتت تتلاشى مع اشتداد موجات الاستياء الشعبي العام في اليمن، لجأت إلى تغيير استراتيجيتها في بسط سيطرتها والإحكام على الجغرافيا اليمنية، ورأت في العمق التعزي عوضًا تراهن عليه لتحكم قبضتها على المشهد.
حيث سارعت إلى تعزيز حضورها على حساب إضعاف بقية القوى السياسية الحاضرة بقوة في المشهد التعزي المقاوم، عبر إمكانياتها المتوغلة والمتوارثة من الدولة العميقة للنظام السابق، وعززت نفوذها مستغلة قربها من دوائر صناعة القرار السياسي والسيادي في المؤسسات العسكرية والمدنية، بحكم علاقتها بالجنرال علي محسن الأحمر.
ويصف مراقبون محاولة الإصلاح بأنها "باتت مكشوفة وتنمرها أصبح واضحا، وأن عراقيلها أخذت أبعادًا خطيرة بفتح علاقات لها مع جماعات مصنفة "إرهابية" في قوائم المجتمع الدولي، وكذا وقوفها عائقًا ضد تحرير تعز بحكم نفوذها في قيادة الجيش الوطني".
كما يرون بأن قيام جماعة الإصلاح بهذه التصرفات الهدف منه "تعكير الأجواء وفرض أجندتها التي تحاول أن تحد من استهدافها وتغييبها عن المشهد القادم، أو في أي خارطة طريق قادمة قد تفرضها المرحلة المقبلة، فعمدت للاستحواذ على قيادة الجيش عن طريق قيادة المحور، وترأسها لمعظم الألوية في المحافظة".
وبدا ذلك الاستحواذ واضحًا مع أي محاولات لحلحلة المشهد التعزي المقاوم، والذي سرعان ما يتعثر لوجود “اللوبي الإخواني" المنفتح على كل الخيارات إلا خيار التحرير وإنجاز الحسم، والذي اعتبره الكثيرون من أبناء المحافظة متاجرة بأوجاعهم على حساب مصالح القيادات العسكرية في الكسب المادي لفترة أطول".
احتجاج الجنود الذين اسقطت اسماؤهم من كشوفات الراتب
احتجاج الجنود الذين اسقطت اسماؤهم من كشوفات الراتب

وبحسب سياسيين فإن "الشرعية والتحالف العربي الداعم لها والمجتمع الدولي يُدركون حجم التحديات التي تعانيه تعز، وحجم التغول والتنمر للإصلاح على هذه المحافظة، فيما يدرك الإخوان بأن سقوط تعز من أيديهم ستسقط كل أوراقهم الضاغطة، وبالتالي القضاء على آمالهم كحزب”.
*عائق أمام التحرير
وبات الكثير من أبناء تعز لا يثقون في قرار التحرير، بسبب ما يشاهدونه على الأرض من تخاذل وعدم الجدية من قبل قيادة المحور وبعض الألوية التابعة للحزب، مع غياب النية الحقيقية للتحرير، والتي ظهرت جلية بعد استلام الجماعة قبل أشهر ثلاثة مليار ريال من التحالف بهدف التحرير.
وأوضحت مصادر ميدانية في الجيش الوطني أن أوامر من قيادة المحور كانت تمنعهم من التقدم في الجبهات، في الوقت الذي كان يخوض فيه الجيش معارك عنيفة مع المليشيات، الأمر الذي يضطرون بموجبه إلى التوقف والتراجع، رغم سقوط عدد من الشهداء والجرحى جراء تلك المعارك".
وأكدت المصادر ذاتها "أن لا نية حقيقية للتقدم من قبل قيادة الجيش في تعز"، وأنهم "قادرون على التقدم في عدة جبهات إذا ما وجدت النية الصادقة للتحرير".
*السيطرة على الجيش
وصرح مصدر عسكري مهتم بالشؤون العسكرية لـ«الأيام» بأن "قيادة المحور التي تتبع أوامر الإصلاح وتنتمي إليه هي من تضبط إيقاع المعركة والتحرير في المحافظة وتنضم عملية التوازنات فيها بحيث لا يكتمل التحرير ولا يعود الحوثيون إلى وسط المدينة كما كانوا"، مشيراً إلى أن “تلك العملية تتم عبر الخيوط الموضوعة كلها بيد المحور كتعيين كل قيادات المعارك والجبهات من المدنيين الذين لا يفقهون بالتخطيط والتكتيك والإمداد، وكذا استبعاد كل ضباط وأفراد الجيش المدربين لخوض المعارك، بالإضافة إلى سحب آلاف المقاتلين ممن تدربوا واكتسبوا الخبرات القتالية من مختلف الجبهات والألوية وتجميعهم في قيادة المحور في سابقة غريبة وفريدة وخطيرة في الجيش".
أحد الجنود الذين تم اسقاط اسمائهم
أحد الجنود الذين تم اسقاط اسمائهم

وأوضح المصدر أن إرسال المقاتلين إلى المعارك دون دعم كافٍ من الذخائر والأسلحة اللازمة كالقنابل والمعدات أو دون تعزيزهم بالأفراد وقت المعارك يحول دون تحقيق الانتصارات وبالتالي يؤدي إلى تراجع المقاتلين وسقوط المواقع بيد المليشيات كما حدث مؤخرًا في جبهة العنين بجبل حبشي، حيث أحرز المقاتلون فيها نصرًا استراتيجيا هائلًا وسرعان ما فقدوه بعد تصديهم لهجومين مرتدين للعدو لقلة المقاتلين والذخائر، والناتجة عن تخاذل قيادة المحور".. وقال: "ولو أن القيادة حافظت على ذلك النصر لمثّل ذلك نقطة انطلاق لكسر الحصار عن تعز وملاحقة العدو".
وأكد المصدر العسكري، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لــ«الأيام» أن “قيادة المحور في المحافظة عمدت - من خلال شعبة التجنيد - إلى تجنيد عشرات الآلاف ممن هم في المنازل والمدارس والجامعات والمغتربين الذين لا يعرفون الجبهات، في الوقت الذي حرمت منه من هم في الجبهات، بل إن الكثيرين ممن يستشهدون ويجرحون لم يكونوا مرقمين ضمن أفراد الجيش، فمثلًا في آخر هجوم في الجبهة الغربية سقط أربعة شهداء و12 جريحا ومعاقا لم يكن أحد منهم مرقما ضمن أفراد الجيش رغم مطالباتهم المستمرة".
*سيطرة على الألوية
وكشف المصدر أن حزب الإصلاح يسيطر على اللواءين (17) و(22) بشكل كلي، مع تغييره لقيادة اللواء (170) دفاع جوي لعدم خضوعه لتوجيهاته، والأمر ذاته في الألوية الحديثة، مع الاستمرار في السيطرة على الجيش من خلال تعيين القيادي الإخواني عبده فرحان الملقب "سالم" مستشارا لقائد محور تعز، وكذا للرد على تعيين د. أمين أحمد محمود محافظا لتعز"، مؤكداً في ذات السياق أن “هناك أكثر من 120 عميدا وعقيداً تم منعهم من قبل الإصلاح من المشاركة في المعارك، في الوقت الذي مكنوا فيه معلمين من قيادة المعارك".
أحد الجرحى المحتجين لاسقاط اسمائهم
أحد الجرحى المحتجين لاسقاط اسمائهم

*ملشنة الجيش
وأوضح المصدر العسكري أن "الحزب يسعى بشكل دؤوب للسيطرة على الجيش والأمن بكل الطرق والوسائل للسيطرة على الجبهات من خلال التخلص من المقاتلين الحقيقيين بعدد من الإجراءات التي دفعتهم إلى المغادرة بما في ذلك تهديد حياتهم وقطع كل وسائل وإمكانيات الحياة عنهم، بل وصل الحال إلى تصفية مقاتلين حاولوا التقدم في جبهات القتال بنيران صديقة، كما حدث في جبهة الشقب، إلى جانب تحويلهم الأسلحة والخصم من مرتبات الأفراد إلى ملكية خاصة بالحزب وإقحام المدرسين في الجيش بعد منحهم الرّتب العسكرية، في سعي الحزب إلى ملشنة الجيش وتحويله إلى ملكية خاصة وأفقده الالتفاف الشعبي، ووفر المبررات المماثلة للمليشيات لتواصل دورها في زعزعة أمن واستقرار الوطن وإعاقة بناء مؤسساته الوطنية التي يعد الجيش أهم مرتكزاتها”.
*تلاعب بكشوفات الجيش
وكان محافظ تعز د. أمين محمود أصدر قرارًا بتوقيف العقيد أحمد السفياني رئيس شعبة التجنيد بالمحور، وإحالته للتحقيق بتهمة التلاعب بكشوفات أفراد الجيش الوطني والعمل على عرقلة صرف الرواتب، بعد أن احتج جنود تابعين للجيش في شارع جمال وقطع الطريق بإطارات السيارات احتجاجًا على إسقاط أسمائهم من قِبل قيادة المحور.
وشُكّل على إثر القرار لجنة برئاسة وكيل الدفاع والأمن اللواء عبدالكريم الصبري للتحقيق مع السفياني لدراسة الإشكالات وعمل المعالجات اللازمة، والتي لم تبت في قضية التحقيق حتى اليوم.
وعمل السفياني خلال السنة الماضية على التلاعب بكشوفات الجيش، وإسقاط جنود أساسيين واستبدالهم بآخرين من طلاب المدارس المنتمين لجماعة الإصلاح التي ينتمي إليها، بالإضافة إلى سقوط أسماء عدد المقاومين المرابطين في الخطوط الأمامية، الأمر الذي دفع بهم لتنظيم وقفات احتجاجية متكررة حتى دمجت أسمائهم في كشوفات ما سمي بـ(الملحق).
*احتجاجات وشكاوى
ونفذ المئات من أفراد الجيش الوطني مطلع الأسبوع الماضي وقفات احتجاجة على إسقاط أسمائهم من كشوفات الرواتب من قبل قيادة المحور، وعدم صرفها من الألوية التي ينتمون إليها.
وقال المساعد بلال الصبري والذي يعمل في الجيش منذ 22 سنة، والتحق بصفوف الجيش الوطني منذ بداية تشكيله إنه لم يستلم راتبه من قيادة اللواء 22ميكا منذ أشهر، ليتفاجأ هذا الشهر بسقوط اسمه من كشوفات الرواتب بمعية الكثير من زملائه ومن ألوية مختلفة".

ويضيف لـ«الأيام»: "قيادة المحور أسقطتنا لتستبدلنا بآخرين، وكذا لتأخير عملية صرف المرتبات، ونحن في وقفتنا هذه نطالب بإرجاع رواتبنا وضمنا لكشوفات الجيش، بالإضافة إلى تغيير القيادة العسكرية في تعز، لعدم احترامها تضحياتنا وحقوقنا".
وقال جندي آخر تحفظ عن اسمه، وهو أحد مقاتلي الجبهة الشرقية لـ«الأيام»: "نحن من دحر عصابات المخلوع ومليشيات الحوثي وحررنا محافظة تعز، والآن نقاتل في عدة مواقع في الخطوط الأمامية بجبهات المحافظة، وما زلنا نقاتل لأجل القضاء على الانقلاب وعلى الفساد ورؤوسه".
وأضاف: “في الوقت الذي نحن فيه في الجبهات نقاتل نتفاجأ بسقوط أسمائنا من كشوفات اللواء 22 ميكا رغم أننا عساكر قدامى وتم تحويلنا من قبل قيادة المحور إلى الملحق، ولا ندري ما الأسباب، بل إن المؤسف أن من تم استبدالنا بهم هم من سواقي الموتورات (الدراجات النارية) وطلاب المدارس، ومغتربون خارج الوطن".
ووفقا لجندي آخر فإن عدد من أسقطت أسماؤهم من كشوفات الجيش يتجاوز الستة آلالف عسكري قديم ومن ألوية مختلفة".
تقرير/ صلاح الجندي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى