في ذكرى وفاة المرشدي الخامسة.. إذا كان الكابلي شيخ الأغنية الفصيحة في السودان فالمرشدي شيخها في اليمن

> هاني محمد سعيد الجرادة

> *ثنائية الجرادة والمرشد
هاني محمد الجرادة
هاني محمد الجرادة

يقول الجرادة كان المرشد يطربنا أنا ومحمد سعيد مسواط وغيره بأغان يغنيها الخليل محمد خليل وغيره من الندوة (ندوة الموسيقى) ومن (الرابطة الموسيقية)، ثم قدمت قصيدة للاستاذ محمد مرشد في أبين وكنت مدرسا فيها في تلك الفترة فالاستاذ المرشد اعجب بها، وكان ما يزال يغني للندوة الموسيقية ولم ينفرد بذاته، فقلت له: ما رأيك في ان تلحن هذه القصيدة؟ فأعجبته ولكن كان له اعتراض على كلمة (قشيب)، وكانت كلمة (قشيب) في تلك الفترة غير معروفة، فطلب مني استبدالها بكلمة اخرى، فقلت له: انت غنها وعندما تنتشر هذه الاغنية ستجد ان كلمة (قشيب) أحسن ما فيها.
ويقول المرشدي عن الجرادة:
ترجع صلتي بالجرادة إلى الظروف الفنية التي جمعتنا معا، وظروف وجودنا لأول مرة في نادي الشباب الثقافي - الشيخ عثمان - الذي كان يضم بين جدرانه مجموعة مثقفة على راسها زميلي في التعليم الابتدائي الفقيد المناضل (محمد سعيد مسواط) وكنت في اجازتي من عملي في (ابين) أقضي معظم الاجازة في هذا النادي وكان الاخوان بين حين واخر يطلبون مني ان اغني لهم.
وكان المسواط وعبدالرزاق معتوق هما اللذان يعرفان هواية الغناء عندي من الصغر، وكنت وقتها اغني الاغاني الشعبية اليمنية والمصرية، وعندما انضممت إلى ندوة الموسيقى العدنية بتحريض من عضو الندوة وقتذاك العزيز الشاعر ادريس احمد حنبلة وبتحريض اخر من الاخوين في النادي بعد ذلك لاقتحام ميدان التلحين بقصيدة من فقيدنا الاستاذ محمد سعيد جرادة، كانت القصيدة (وقفة) حملتها معي إلى (ابين) وقد قلت في برنامج (دفاتر الأيام) للتلفزيون الاردني اليمني المشترك عن هذا الموقف بأن قبول فقيدنا (الجرادة) تسليم قصيدته الرائعة لملحن تحت التمرين إما كان مجاملة منه او تضحية، وقد حظيت التجربة باستحسان لا بأس به من الاخوين في النادي ومن الشاعر العزيز، وهذا ما كان يهمني، واغنية (وقفة) هي التي مازلت احفظها إلى اليوم.
وهذه التجربة اللحنية فتحت الباب واسعا بيني وبين الفقيد الراحل (جرادة) وتلتها لقاءات كثيرة ساعدت على تطوير العلاقة الفنية إلى المحبة والصداقة وجمعتنا بعد ذلك زمالة التدريس في مدرسة النهضة العربية في الشيخ عثمان، ولقد كان المرشدي محقا فيما قاله عن تلك التجربة اللحنية (في وقفة) انها فتحت الباب واسعا بينه وبين (الجرادة)، فقد قدم الجرادة للمرشدي قصيدة (لقاء) “يا حبيبي اي عيد اي سعد” كما جاء على لسان الجرادة نفسه، حيث قال: قدمت له قصيدة (لقاء) حين كنت في تلك الفترة قد نزلت من المناطق الشمالية إلى عدن وقد كتبتها في (التشوق)، ثم قدمت له القصيدة الثالثة (ذات الخال) ومطلعها “صفوا حسنها عندي واطروا دلالها”، اما قصيدة (هجرت وابعدتني) وقصيدة (شبابك ندي ريان) فقد كنا في مدرسة (النهضة) وكان هو مدرسا ثم مديرا فيها لفترة، فكتبت له هذه القصائد التي لحنها وغناها.
وكما نعلم ان الجرادة قدم للمرشدي (ياسادي البرق) وقصيدة وطنية (ايها الحامل اثقال القيود)، ففي تقديري المتواضع اذا كان (الكابلي) شيخ الاغنية الفصيحة في (السودان) فالمرشدي شيخ الاغنية الفصيحة في (اليمن).
لقد ربطتني بالفنان الراحل محمد مرشد ناجي علاقة العم بابن اخيه كغيره من اصدقاء (الجرادة) محمد عبده نعمان الحكيمي وعمر الجاوي وعبدالله فاضل فارع والقرشي عبدالرحيم سلام، بالاضافة إلى توثق علاقتي بابن اخته القاص المبدع علي صالح عبدالله في كلية الاقتصاد، حيث كنا نتحدث في مسكن جده (المرشد) والد الاستاذ الفنان (محمد)، موضع مذاكرتنا ومثابرتنا وتحصيل علمنا الجامعي والادبي، ولقد صدق فقيد الفن (المرشدي) في وصف صوت ابيه (بالرخامة) و(العذوبة) فلطالما تناهى صوت والده إلى مسامعنا اثناء المذاكرة وبوجه خاص إلى مسمعي عندما احضر إلى مسكنه مبكرا (بلهجة اهل التربة) وكان يقول لي: يذكرني مقيلكم انت وعلي صالح والشاعر الراحل (محمد حمود) بمقيل والدك الجرادة وولدي محمد مرشد ومحمد سعيد مسواط في منزلي.
ويمكن القول ان (المرشد ناجي) فضل في تنمية ذوق ولده (الراحل محمد مرشد) الفني والشعري من خلال ترديده أغاني التراث، وكما اخبرني (ابو علي) انه كان يضع مسجلا لوالده بغير علمه (ليحيط بالكثير من الموروث الغنائي في ذاكرة والده)، حتى ان (ابو علي) طلب مني تسجيل ما قد يجود به الجرادة او ما قد تجود به ذاكرة الجرادة من تلك الاغاني في موروثنا اليمني (الاشارة إلى ما دار في اثيوبيا).
طلب المرشدي مني اعطاء الزيدي قصيدة من قصائدي الشعرية للغناء (واه على عمري)، وحبا في هذا الرجل ومدى خسارتي وخسارة الوطن فيه اهديته هذه المرثية بعنوان (الصادح والصدى):
ودعت من صحب الجرادة راجلا
ركنا من الابداع كان وصائلا
رزء القريض به وهامات له
تركوا لنا ارثا عظيما ماثلا
يا ايها الشادي على فنن الغنا
هو لم يكن الا بكم متكاملا
فلطالما شنفت اسماعا لنا
وهززت اوتار القلوب تواصلا
من بعدكم وكذا الألى سبقوكم
كفوا نراه وليس يوما خاذلا
فكفى بنا بدعا بابداع.. لكم
من ادعياء اطلقوها باطلا
وعلوا على قاماتكم وتصدروا
ساحاتكم جهلا بكم وتطاولا
وكفى بنا هدما لكل روافد
في ساحة الابداع عد فضائلا
او لم تكن عدن مناداتها إذن
او لم تكن للظامئين مناهلا
عجبا لنا يا مرشد نبكي على
عدن وايدينا تصير معاولا
لهفي عليكم بل على من قد رآها
درة، روحا وفكرا شاغلا
* قُدمت هذه المادة في منتدى خورمكسر بعدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى