الشكل والموسيقى في شعر القمندان

> محمد فاضل حسين

> استكمالا لشكل القصيدة عند القمندان وتحديد خواصها نتناول في هذه الحلقة الشكل العمودي وأنواعه.
القصيدة العمودية
هي أقدم أشكال الشعر العربي تمتاز بوحدة الوزن والقافية ونظام الصدر والعجز، وهي أكثر الأشكال حضورا في الشعر العامي الفصيح في اليمن.
وقد لاحظ الباحثون في الشعر اليمني أن هذه القصيدة استطاعت مواكبة التطور في استخدام مجزوءات ومشطورات البحور وجدد شعراء اليمن باستخدام قافيتن أولهما للصدر والثانية للعجز، وكتابة أشطار غير متساوية.
والقصيدة العمودية في شعر القمندان تحتل المرتبة الأولى على بقية أشكال كتابته الشعرية، ويتضح من ديوان شعره أنه قد التزم بالغالب العام (وحدة الوزن والقافية)، ولكنه أجرى تجديدات ملحوظة في إطار بنيتها الداخلية وهيكلها العام، وقدم بعض النماذج المتميزة والجديدة.
ويمكننا هنا تحديد أهم خواص ومميزات وقصائد القمندان وفق الآتي:
1 - قصيدة موحدة الوزن بقافيتين الأولى للصدر والثانية للعجز.
2 - قصيدة موحدة الوزن بقافية واحدة للصدر والعجز.
3 - قصيدة موحدة الوزن والقافية مكونة من ثلاثة أشطار الصدر، ثم قسّم العجز إلى قسمين، كما جاء في قصيدته (ياطير كف النياح). وهذا شكل أبدعه القمندان ولم يكن معروفا قبله وفق اطلاعي في الشعر اليمني.
يقول القمندان:
أما أنا لا فرقته
ما يسعني الدار
من حيث ولّى وسار
الجار من فرقة الجار
قلبي يوده ولا شي في المحبة عار
ما شي معي قلب صبار
متى متى واجهك
واسمر مع السمار
يومي جعلتك مزار
ما ليلة إلا ونا مار
ما ذا عسى في مديحك تنطق الشعار
حويت كل الفخار.
4 - قصائد تداخل فيها الصدر والعجز بشكل جلي، وإن وجدت أحيانا فقرات سجعية غير متساوية تتراوح بين الظهور والخفوت، وعلامات ترقيم نحس بها أثناء القراءة، وهذه القصائد تتوحد فيها القافية وحروف الروي في عجز البيت الشعري، ويمكننا أن نعتبرها شكلا جديدا من أشكال القصيدة العمودية بمالها من خواص متميزة مثل قصيدة (يا ليلة النور، يا مال بحالي قل لذول العنب).
5 - قصيدة السجع ويتكون فيها البيت من عدة فقرات مسجوعة تختلف من بيت إلى آخر تتوحد القصيدة في قافية العجز، وقصيدة السجع قديمة الجذور في الشعر العربي وترجع بداياتها إلى العراق العباسية. والكتابة في هذا النموذج فيها صعوبات جمة تتطلب مراعات عناصر متعددة من سجع ووزن وتساوي الفقرات مع الاهتمام باختيار الألفاظ المناسبة للمعنى والجو النفسي.
لذلك فهي تحتاج إلى مهارات فائقة وقدرات عالية في مجال اللغة والموسيقى، ويبدو أن الشاعر القمندان قد استحسن هذا النموذج وكتب فيه ونجح بامتياز .
يقول القمندان في قصيدته (بكير يا تين)
يا مسك ياعنبر يا عقديا جوهر لوله ومرجانه
يا فل يا نرجس
يا عرف كاذي نس
يا غصن من بانه.
6 - وكتب القمندان قصائد مكونة من شطر واحد، أما الشطر الآخر فيتكون من عنوان القصيدة ويتكرر في كافة أبيات القصيدة مثل قصيدته (نجيم الصباح) وهي قصيدة مقطوعات موحدة في الوزن ولكل مقطع قافية مختلفة عن الأخرى في العجز، أما الصدر فيتكون من عنوان القصيدة (نجيم الصباح) في كافة المقاطع، ولهذه القصيدة إيقاع موسيقي رائع، يقول القمندان:
نجيم الصباح ويش جلسك بعد قمنا
نجيم الصباح سامر على الورد والحنا
نجيم الصباح سامر على الفن والمغنا
نجيم الصباح هذا مبرح وذا مثنى
نجيم الصباح اعطف على الصاحب المضنى.
وكتب بنفس الأسلوب قصائد أخرى (قفيت يا ناس ودمعي يسيل
بعد ما سار الهلي روحي تعب) غير أن المكرر هنا هو عجز البيت ويتكون من عناوين هذه القصائد بعكس النموذج السابق.
محمد فاضل حسين*

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى