فيما «أطباء بلا حدود» تحزم أمتعتها وتترك الضالع إثر تنامي الاعتداءات ضدها

> تقرير/ علي الأسمر

> بدأت منظمة أطباء بلا حدود نقل معداتها من محافظة الضالع صباح أمس.
وقال سكان محليون ومصادر طبية إن «المنظمة قامت بنقل معداتها من مستشفى النصر بالضالع، ونقلت طاقمها الطبي من الأجانب إلى العاصمة عدن».
وكانت المنظمة أعلنت الأسبوع الماضي تعليق أعمالها في المحافظة لمدة ستة أسابيع.
وأثار قرار منظمة أطباء بلا حدود ردود أفعال واسعة في صفوف المواطنين والناشطين بالمحافظة.. «الأيام» بدورها قامت برصد تلك الردود وتداعيات أثر القرار في التقرير الآتي.
*تعليق النشاط
أرجعت منظمة أطباء بلا حدود تعليقها لأنشطتها في المحافظة لأسباب أمنية، والتدخل في القرارات الطبية.
وقالت المنظمة في بيان لها، ذيل باسم رئيس المنظمة في اليمن، حصلت «الأيام» على نسخة منه: «لم يكن أمام منظمة أطباء بلا حدود خيار سوى تعليق جميع أنشطتها في محافظة الضالع، عقب تصاعد وتيرة الحوادث الأمنية التي استهدفت المنظمة بشكل مباشر، بما في ذلك استخدام العنف للتأثير في القرارات المتعلقة بالعمل الطبي».
وأوضح البيان أن «المنظمة ستعلق جميع أنشطتها بشكل كامل في الضالع، ابتداء من 1/4/2018 لمدة لا تقل عن ستة أسابيع».
وأشار إلى أنه «سيتم خلال هذه الفترة إعادة النظر ومراجعة شروط دعم منظمة أطباء بلا حدود لسكان الضالع، وكذلك تعاونها مع السلطات المحلية والمجتمع المحلي في المحافظة».
وتابع: «قبيل عودتنا لممارسة الأنشطة الطبية، علينا أن نتأكد من أن مبادئنا ستطبق، وأن نضمن أمن وسلامة موظفينا ومرضانا، وأيضاً أن تُحترم استقلالية قراراتنا الطبية».

*دور السلطة المحلية
وعلى غرار تداعيات قرار منظمة أطباء بلا حدود عقد محافظ الضالع اللواء الركن علي مقبل صالح، أمس الأول، اجتماعا موسعا ضم عددا من أعضاء المكتب التنفيذي وقيادات الأمن والجيش والحزام الأمني بمكتبه في مدينة الضالع، لمناقشة تعليق منظمة أطباء بلا حدود أعمالها في الضالع، ودعا رجال الأمن للوقوف صفا واحدا لمواجهة العناصر التي وصفها بالمدفوعة الأجر مسبقا، لتشويه الضالع وزعزعة أمنها واستقرارها، ومحاولة منهم إلى إخراج منظمة أطباء بلا حدود من الضالع التي تقدم الخدمات الصحية لكافة شرائح المجتمع بالمجان.
وناقش الاجتماع كيفية تأمين وحماية المنظمة وعملية استئناف عملها بعد تعليقها العمل لستة أسابيع.
وأكد المحافظ في تصريح لـ«الأيام أن «السلطات ستقوم بواجبها في محاسبة الجناة، والذين لا تهمهم مصلحة الناس ولا مصلحة الضالع، وسيتم توفير الحماية للمنظمة».
وقال المحافظ: «إن السلطة المحلية إلى جانب التدابير الأمنية المتخذة دعت إلى عقد اجتماعات مع الشخصيات الاجتماعية في المحافظة للضغط شعبيا، لإثناء المنظمة عن قرارها، وسيتم التواصل مع المنظمة، كونها تقدم خدمات جليلة تخدم المواطنين».
*قرار صعب ومجحف
وفي رده على قرار إيقاف المنظمة أعمالها قال القائم بأعمال مدير مستشفى النصر بمدينة الضالع د. محمود محمد علي لـ«الأيام»: «إن القرار بالنسبة لإدارة المستشفى صعب جدا ومجحف، ومغادرة المنظمة يعتبر خسارة كبيرة للجميع، وأن الفترة الزمنية قصيرة بين إعلانهم للقرار والتعليق».
وانتقد د. محمود قرار منظمة أطباء بلا حدود، وقال: «كان يفترض بهم التشاور مع إدارة المستشفى قبل اتخاذ القرار كونهم شركاء عمل».
وإشار إلى أن القرار جاء في أصعب الظروف التي تمر بها الضالع التي تعتبر منطقة صراعات، وحرب، وفقر وانتشار الأمراض والأوبئة (الحصبة الدفتيريا والكوليرا).
وحاولت «الأيام» التواصل مع مدير الصحة بالضالع إلا أنها واجهت صعوبة في إيجاده كون هواتفه مغلقة على مدى يومين.
*خطورة القرار
منذ ما قبل الحرب التي شنها الانقلابيون على محافظة الضالع تتكفل منظمة أطباء بلا حدود بتشغيل مستشفى النصر الحكومي الوحيد في المدينة، وقامت بعلاج أعداد كبيرة من الجرحى.
ومنذ ذلك الحين تقوم المنظمة باستقبال كل الحالات، ويجد معظم الأهالي في المستشفى المكان الأفضل للعلاج، فكل الخدمات تقدم مجانا، وتكمن خطورة القرار بكونه يلقي بتأثيره المباشر على المواطنين من ذوي الدخل المحدود.
وبحسب إحصائيات رسمية فإن «أكثر من 80 % من المواطنين في الضالع يعيشون تحت خط الفقر».
وتتأثر هذه الشريحة الكبيرة بشكل مباشر من تعليق المنظمة لأعمالها، خصوصا مع توقف نسبة كبيرة من المراكز الصحية الحكومية عن العمل بسبب توقف النفقات التشغيلية جراء الحرب.
*الفقراء والمرضى
وتداول ناشطون في محافظة الضالع على صفحات التواصل الاجتماعي منشورا يوضح أن «مئات الحالات كانت تصل إلى مستشفى النصر يوميا»، متسائلين «أين سيذهب المرضى الفقراء؟».
ووجهوا أصابع الاتهام إلى «السلطة المحلية، كونها لم توفر الأمن لموظفي المنظمة، لأن الضالع تحتوي على أعداد كبيرة من القوات الأمنية والعسكرية، لم تستطع توفير الأمن لمساحة صغيرة تبلغ عدة مترات فقط».
*سد آخر منفذ
الإعلامي وضاح الأحمدي قال: «إن إيقاف أعمال منظمة أطباء بلا حدود في الضالع، يعني سد آخر منفذ كان يتنفس منه الناس، وفي الضالع لا صوت يعلو على صوت الغباء والبلطجة، وندعو الجميع إلى إنقاذ الضالع».
*مطالب شعبية
من جهته، المواطن نعيم المريسي، طالب محافظ الضالع بأن «يقوم بدوره لإثناء منظمة أطباء بلا حدود عن قرارها، وقال: «إن المنظمة تقدم خدمات كبيرة وملموسة، وسيتضرر من قرارها الكثير».
*دعوة للتظاهر
من جانبه دعا الناشط شائع الأزرقي إلى «الاحتشاد أمام مستشفى النصر»، موضحا بأن «منظمة أطباء بلا حدود في الضالع، تتعرض وللمرة الخامسة للاعتداء»، واصفا قرار المنظمة بمغادرة الضالع بـ«الكارثي بالنسبة للفقراء».
وأضاف: «علينا جميعا أن نستشعر الخطر المحدق بعد رحيل المنظمة، كون مستشفيات الضالع الخاصة والعامة لا تمتلك سوى البندول»، على حد وصفه.
وناشد الأزرقي قوات الأمن والجيش «التدخل قبل أن يقع الفأس في الرأس، وقبل أن نندم على مغبة هذه الأفعال التي يقوم بها بعض من وصفهم بأمراض النفوس، في ظل صمت مريب من قبل القيادة المحلية»، التي قال: «إنها أصبحت ضميرا غائبا».
*صمت شعبي
من جانبه علق عضو المجلس المحلي محمود عبيد على القرار بالقول: «لا نستحق بقاء منظمة أطباء بلا حدود في الضالع طالما وهناك صمت شعبي أمام ممارسات الصعلكة، وضعفاء النفوس».
ويأمل الأهالي في الضالع أن تعود المنظمة لتقديم خدماتها، خصوصا مع تردي الحالة الصحية في المحافظة وانتشار الأوبئة.
تقرير/ علي الأسمر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى