أما قبل عاصفة الحزم وأما بعدها

> همام عبدالرحمن باعباد

>
همام عبدالرحمن باعباد
همام عبدالرحمن باعباد
أما قبل.. كان الهدوء الحذر يحيط بالعاصمة صنعاء وكأنه ينذر بعاصفة وشيكة بدت تلوح في الأفق السياسي للبلاد بعدما تحكم الحوثيون وحلفاؤهم باستلامهم للعاصمة يوم 2014/9/21م، عندها وقفت المؤسسة الأمنية موقف المحايد، كما أعلنت وارتضت التفرج على مؤسسات الدولة تسقط بأيدي المسلحين القادمين من شمال الشمال الذين كان وصولهم للعاصمة صنعاء بهذا الشكل حلما بعيد المنال بالنسبة لهم في السيطرة عليها، والتحكم بالقرار الصادر منها بعد أن وجدوا صعوبات في محاولاتهم المتتابعة للسيطرة على دماج بصعدة، إلا أن الكفة بدت تميل إليهم والأمور تصب في مصلحتهم بعد سقوط حصن الدفاع الأخير عن العاصمة المتمثل بمقر اللواء 310 مدرع بقيادة اللواء الركن حميد القشيبي الذي قضى مدافعا عن العاصمة، وبسقوط عمران التي قامت بدور الثور الأبيض المذكور في قصة “الأسد والثيران الثلاثة” في كتاب كليلة ودمنة، وفي تلك الأثناء ظهر أنصاف كتّاب ليحاولوا إيهام الرأي العام بأن ما حدث في عمران لم يكن إلا صراعا بين جماعات متناحرة ولا يمس سطوة وقوة الدولة ومؤسساتها من قريب أو بعيد، وإن الدولة قصدت عامدة ترك هذه الجماعات تتناحر فيما بينها، لكن هذا الافتراء وهذه الفرضية سرعان ما تلاشت بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ومن ثم تهديدهم بإبعاد الرئيس هادي من عدن التي لجأ إليها بعدما فقد السيطرة على صنعاء.
تتبع الحوثة إلى عدن بعد خروج هادي إليها كانت واحدة من أكبر أخطائهم القاتلة، التي كان بإمكانهم تلافيها، لو بقوا في صنعاء وقاموا بالتطبيع السياسي مع الأطراف الأخرى، خصوصا تلك الموقعة على اتفاق السلم والشراكة الذي رعاه المبعوث الأممي آنذاك جمال بن عمر، لكنهم ساروا على درب سلفهم صالح الذي استفرد بالحكم بدخوله إلى عدن في حرب 1994م وأعلن سيطرته على الجنوب وإنهاء محاولة الانفصال، فحصل إن اقتفى الحوثة درب صالح، وأرادوا السيطرة على عدن من جديد التي وصل إليها هادي لاجئا، بعدما ساءت الأحوال بصنعاء وأعلنها عاصمة محتلة ليكتب فصلا جديدا في عمر الجمهورية عنوانه “اللاوضوح واللاتوازن واللاحسم”، وهو ما يلخص المرحلة التي نستعرضها بعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع ما يسمى “عاصفة الحزم” التي ذاق فيها الشعب ويلات الحرب واكتوى بنيرانها التي كان نصيب بعضه، الذي لم تكن مناطقه مسارح للقتال، أزمات متتابعة جديدة ومتجددة في كافة مناحي الحياة، وللأسف صارت المناطق المحررة مواطن للأزمات كضعف في الخدمات، وانعدام السيولة النقدية وتأخر الرواتب، وهو ما جعل أبناء هذه المحافظات يضعون أكثر من علامات تعجب واستفهام عند كل نقص أو قصور يمكن تلافيه بسهولة أو الحد منه وحصره في حده الأدنى في أضيق الحدود، وهو ما أراه صالحا لأن يكون ولوجا للجزء الثاني من هذه الإطلالة التي لن تعدو أن تكون إضاءة صغيرة في بحر الظلمات اليمنية.
أما بعد.. قبل الحديث عن عاصفة الحزم، أود أن أشير إلى أن تسمية العواصف العادية التي تندلع بين فينة وأخرى، يكون له نصيب من اسمها؛ إذ إنها تعصف بما يعترض طريقها وتعمل على اقتلاعه من جذوره لو أمكن لها، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تكون العاصفة نسيما ينعش النفس العليلة ويبعث فيها راحة البال وهدوء الخاطر، وهو ما لا يتأتى بسبب العاصفة التي تقتلع كل ما يعترض طريقها، وهنا أشير إلى أهم أهداف عاصفة الحزم كما جاء على لسان الناطق باسم التحالف العربي آنذاك العميد أحمد عسيري، “إنهاء الانقلاب وعودة الشرعية” وهو ما لم يحصل حتى اللحظة، مما دفع باثنين من وزراء الحكومة إلى تقديم الاستقالة والاعتذار عن إكمال مهامهم، فكانت عاصفة الحزم هي طوق النجاة الذي رماه دول شقيقة وصديقة للشعب تلبية لنداء الرئيس هادي، بعدما اندلعت حرب شوارع في العاصمة التي كتب عليها أن تعيش مرارة الحرب الثالثة في أقل من عشرين عاما فقط، أعني هنا الفترة من (2015-1986) بدءا بحرب 13 يناير 1986 مرورا بحرب صيف 1994م وانتهاء بحرب 25 مارس 2015م التي هانت سابقاتها أمامها بعدما اقتفى الحوثيون أثر حليفهم علي عبدالله صالح في فرض السيطرة بالقوة ملقين بالحلول السلمية والنهج الديمقراطي عرض الحائط في مشهد كوميدي لن يمحى من أذهان الجنوبين، حتى اندلعت الاشتباكات مع المقاومة الجنوبية في عدة مناطق، حتى أتت الأنباء العاجلة مع اقتراب ساعات الخميس الأولى لتعلن عن استهداف طائرات مقاتلة سعودية وأخرى عربية لمواقع عسكرية في صنعاء ومحافظات عدة من ضمنها عدن التي تعززت جبهة المقاومة فيها، وتعالى التكبير وازداد النفير إلى جبهات القتال حتى طرد الحوثة من الجنوب بعد أشهر من استلامهم السيطرة عليه بعد مساعدات كبيرة من القوات التابعة للرئيس المخلوع، لتبدأ مرحلة ما بعد التحرير التي تأمل الشعب في ما يسمى بالمحافظات المحررة أن تكون أفضل من سابقاتها، ولم يدر بخلده أن تمتلئ بالمنغصات صباح مساء لكن بقي عزاء المؤيدين لعاصفة الحزم موقف الرئيس هادي الذي تطابق مع موقف مشابه حدث في الأندلس للملك المعتمد بن عباد الذي قال عندما حذر من الاستجارة بيوسف بن تاشفين: “اي الإبل عند ملك المسلمين خير من رعي الخنازير عند ملك النصارى”، ولا زالت للقصة بقية لم تكتمل تفاصيلها بعد، وتفاصيل أخرى لم يكتب لها الظهور حتى اللحظة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى