ضاعت الأخلاق فضاعت الهوية

> عفان عبدالله نعمان

> نعم مات أبناؤك يا عدن! ماتت كل العقول النيرة والأخلاق الخيرة، ضاعت الأخلاق مات الزمن الذي كان يحضنا بعاداته وفضائله، بأمنه وتعليمه، هكذا كنتِ بأبنائك متفاخرة، يقدمون لك كل ما تحتاجينه من العدل والمساواة والتعايش وكل متطلبات الحياة، إنها الأخلاق والهوية.. الهوية هي العادات والتقاليد والأخلاق التي يتميز بها النسيج الاجتماعي لعدن، ولأي بلد، والمحافظة عليها من خلال التعامل مع الآخرين بأخلاق تنعكس على الفرد والمجتمع والوطن.. إذا اعتز الكل بهويته الوطنية وأحسن فهمها وأجاد لغة التعبير عنها، ستجد الكل يقدّم لعدن الكثير فلا تجد فسادا ولا إفسادا.
أما الآن فلابد أن نتعايش مع وضع فُرض علينا، ضاعت الأخلاق والهوية، وصار البلاطجة هم على حق ونحن على باطل، حتى نتعايش مع الوضع ويمشي الحال، وإلا سيكون الوضع يا إنك تقف ضد هذا العمل وتُقتل ولا أحد سيكون بجانبك أو تموت قهرا وكمدا لعدم تقبلك للوضع..وقد قيل من أمِنَ العقاب أساء الأدب، لعدم وجود عقاب لمثل هذه الأعمال فتمادى البعض للأعمال الخارجة عن القانون لعدم وجود العدل والنظام والقانون.
باقي قلة قليلة من الشباب والشابات الذين ما زالت القيم النبيلة والأخلاق العالية مزروعة فيهم من خلال التربية الحسنة أو المدرسة التي نقشت التربية والأخلاق في عقول طلابها، والتي تبقى ذخرا لهذه الأمة، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم “الدين المعاملة”، فالأخلاق هي المعاملة ويقول من تعامل معهم رحمة الله على من ربى وعلم. هذه هي أخلاق أهل المدينة التي عرفها الكثير من خلال قدومهم إلى عدن وتعلم حسن التعامل مع أهلها، أو من خلال هجرة البعض من أبناء عدن للخارج ونقل تلك الأخلاق والهوية في تعاملهم ومعاشرتهم مع مواطنين تلك البلدان.
أما الآن وما تمر به عدن من ضياع الأخلاق وضياع الهوية، فقد أظهرت معادن الرجال وأفرزت الشرفاء والفاسدين منهم والأشرار، البعض منهم يديرون المؤسسات كالكهرباء والمياه والمشتقات النفطية وغيرها، لا تجد فيهم رجلا وطنيا لازال محافظا على هوية وأخلاق عدن من خلال نهبه للمال العام، وعصابات أخطبوطية في كل مكان تعرقل أي إصلاح أو خدمة أهل هذه المدينة المغلوبين على أمرهم بشكل متعمد من أرفع مسئول إلى أدنى موظف، وكل همهم المال حتى وإن كان حراما بصفقات شراء مشبوهة لا توجد رقابة أو محاسبة أو نزاهة، وكأنهم جاؤوا منتقمين من هذه المدينة وأهلها وليسوا منها.
كل الصراعات جلبت إلى عدن والمواطن لا يريد سلطة ولا رئاسة، أهل عدن يريدون فقط الخدمات كهرباء ومياه وتعليم وصحة وراتب فقط لا يريدون غير ذلك. عدن منذ القدم مدينة تجارية، مدينة التعايش.. والتعايش فيها معناه وجود الأمن والأمان ومتى ما وجد الأمان وجد الاستثمار والاقتصاد، قلناها مرارا في ورشة عمل أقامتها منظمة تجديد للتنمية والديمقراطية تحت عنوان “عدن عاصمة اقتصادية”، خذوا الكراسي والسياسة واتركوا عدن للتجارة.
إلى متى يستمر الوضع في تدهور وأنتم تشاهدون هذه الفوضى في كل مكان، وبيدكم كل مفاتيح الإصلاح والحل، وسنظل ننادي حتى يسمع من به ذرة وطنية أو هوية لهذه الأرض حتى لو بلغ بنا الفقر والجوع حد الموت، سنظل أوفياء لهذا الوطن ونطرق أبواب كل الجهات، فلابد أن يصحا البعض لإنقاذ ما تبقى من هوية وأخلاق وطن اسمه “عدن”. وصدق الشاعر إذ يقول:
فقير في بلادي غير أني غنيُ النفس مملكتي علاكا
مريض غير أني لست أشفى على يد أي جراح سواكا
أأحيا كي أراك كما أحب؟ أُقبِّلُ يا عراقَ الحزنِ فاكا
كنوز الأرض تعجز أن تساوي رغيفَ العزِّ تحملهُ يداكا.
(كريم العراقي)
نعم أُقبِّلُ يا عدن الحزنِ فاكا
كنوز الأرض تعجز ان تساوي رغيفَ العزِّ تحملهُ يداكا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى