سجع الحمام في الشعر العربي (3)

> د. سعيد العوادي

> ومن عجيب ما تذكره مدونات الأدب في ما قيل في الحمام، ما أورده ابن حجة الحموي في ثمرات الأوراق.. أن بباب الطاق في بغداد سوقا للطير وأنهم يزعمون أن من عسر عليه أمر واشترى طيرا وأطلقه تيسر أمره.. ومن لطيف ماذكره أن عبدالله بن طاهر طال مكثه في بغداد إذ لم يأذن له الخليفة بالخروج منها.. فمر بالسوق ذات يوم فراعته قمرية تنوح فأمر بشرائها فامتنع صاحبها فأغلى له حتى رضي فاشتراها منه ثم أطلقها وقال:
ناحت مطوقة بباب الطاق
فجرت سوابق دمعي المهراق
كانت تغرد بالأراك وربما
كانت تغرد في فروع الساق
فرمى الفراق بها العراق فأصبحت بعد الأراك تنوح في الأسواق
فجعت بأفراخ فأسبل دمعها
إن الدموع تبوح بالأشواق
تَعِسَ الفراق وبت حبل متينه
وسقاه من سم الأساود ساقي
ماذا أراد بقصده قمرية
لم تدر ما بغداد في الآفاق
بي مثل مابك يا حمامة فاسألي
من فك أسرك أن يحل وثاقي
ويبقى ابن الرومي فذا في هذا النص الماتع الراقص إذ ينمي عن عبقرية تصور ورحابة خيال ورهافة حس.. وانك لواجد تناغما بديعا بين الطبيعة الهامسة واللغة الواصفة.. وليس بدعا أن يضع العقاد هذه المقطوعة الفريدة في فصله الذي عقده في عبقرية ابن الرومي في كتابه المهم (ابن الرومي.. حياته من شعره).
يقول ابن الرومي:
حيتك عنا شمال طاف طائفها
بجنة فجّرت روحا وريحانا
هبّت سُحيرا فناجى الغصنُ صاحبه
موسوسا وتنادى الطير إعلانا
وُرق تُغنّي على خُضرٍ
مُهدّلةٍ
تسمو بها وتشم الأرض أحيانا
تخالُ طائرَها نشوان من طربٍ
والغصنَ من هزه عطفيه نشوانا.
ومازال لسجع الحمام بقية...

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى