ماذا تفعل قطر في مقديشو؟ الدوحة وأبوظبي.. صراع بين الهدم والبناء في الصومال

> «الأيام» عن «حفريات»

> «الأيام» عن «حفريات»*
في الصومال، توجد أكبر قاعدةٍ عسكريةٍ خارجية لتركيا، وتقع جنوب العاصمة مقديشو، مطلةً على المحيط الهندي، ووفقاً لما نشره موقع "بي بي سي" بتاريخ 30 سبتمبر 2017، فإنّ الهدف الرئيسي من القاعدة الكبيرة، هو "إنشاء جيش صومالي قوي قادر على مواجهة حركة الشباب الإسلامية المتشددة وغيرها من الجماعات المسلحة". وهو ما يتناقض بشكل صارخ، مع تواجد الحليف القطري على الأراضي الصومالية، وهو متهمٌ من بعض الدول العربية بتمويل واحدة من أخطر الجماعات الإسلاموية المسلحة في الصومال، وهي حركة الشباب الإسلامية ذاتها!
صحيفة "التيليغراف"، نقلت خلال تقريرٍ نشر في 20 سبتمبر الماضي أنّ رجل الأعمال والأكاديمي القطري عبد الرحمن النعيمي متهم "بتمويل تنظيم القاعدة الإرهابي في سوريا والعراق، وكذلك حركة الشباب الإسلامية في الصومال".
وكان رئيس لجنة إسناد الحوار الوطني في السودان، والمتخصص في الملف الصومالي عمار السجاد، صرح لموقع بوابة العين أنه “لا مجال لإنكار دعم قطر لتلك الحركة الإرهابية، واصفاً حركة "الشباب" الصومالية بأنها داعشية وقاعدية مائة بالمائة، ولا علاقة لها بمفهوم الجهاد الإسلامي".
وأوضح السجاد في تصريحه، المنشور بتاريخ 22 ديسمبر 2017 أن قطر “قدمت دعماً عينياً لكل الحركات الصومالية التي كانت تحت مسمى (الاتحاد الإسلامي للمقاومة) وخرجت من رحم حركة الشباب المتطرفة”.
وكان الموقع نفسه، نشر يوم 16 أبريل الجاري تقريراً نقله عن “المجموعة الدولية للأزمات”، والذي ورد فيه أن “الحكومة القطرية وعدت بمد الجماعات المسلحة بالمال والسلاح بعد انفصال جمهورية “صوماللاند” عن الأراضي الصومالية في عام 1991، وذلك لحماية مصالحها الاستثمارية في تلك البقعة الوليدة من رحم حرب أهلية طاحنة استمرت لسنوات”.
ولا يتوقف الدور القطري في الصومال عند هذا الحد كما يبدو، فقد نقل موقع “Garowe Online” الصومالي بتاريخ 13 أكتوبر 2017، ومن خلال تحقيقاتٍ أجراها أن “قطر تقوم بتجنيد شباب ورجال صوماليين مقابل مبلغ 6 آلاف دولارٍ للفرد وذلك للدفاع عن قطر”. بحسب الموقع وهو ما يثير التساؤل بشأن البلد العربي صغير المساحة وقليل التعداد من ناحية السكان، وإذا ما كانت له حروب لا يعلمها أحد؟ أو أن التجنيد ربما يتم لصالح غاياتٍ مجهولة وفق شائعاتٍ عن وجود مقاتلين أفارقة في إفريقيا نفسها، وفي دولٍ مثل سوريا وليبيا.
*الإمارات في خلفية الأحداث
الإمارات العربية المتحدة، دانت “مصادرة قوات الأمن الصومالية بضعة ملايين من الدولارات من إحدى طائراتها المدنية بمطار مقديشو. وقالت الإمارات إنّ هذه الأموال كانت مرسلة للجيش الصومالي لدعم عملياته ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وأوضح وزير أنّ السياسة الداخلية الصومالية هي السبب على ما يبدو في هذه الواقعة التي احتجزت فيها قوات الأمن الصومالية الطائرة بشكل مؤقت”.
هذا ما نقلته وكالة “رويترز” للأنباء، يوم 10 إبريل الجاري، إضافةً إلى واقعةً سابقة تحدث عنها المصدر ذاته، وتمثلت في حظر الصومال منذ الشهر الماضي، نشاط شركة موانئ دبي العالمية في البلاد. وتقوم الشركة المملوكة لحكومة دبي بتطوير ميناء في منطقة أرض الصومال (صوماليلاند) شبه المستقلة في الصومال”. وهو الحدث الذي يسلط الضوء على الدور الإماراتي التنموي في الصومال.
وفي هذا السياق، تشير صحيفة صوت الصومال المستقلة، في توثيق نشرته منذ مايو 2015، أن “دولة الإمارات العربية المتحدة “تواصل دعم جمهورية الصومال الفيدرالية في كل المجالات المخلتفة، وذلك من أجل خروج الشعب الصومالي من الأزمات السياسية التي أدت إلى التخلف والانقسام”.
وتضيف الصحيفة، “إن الإمارات العربية المتحدة ساندت جمهورية الصومال في هذا المجال منذ تاريخ طويل حيث كانت تمد الحكومة المركزية برئاسة محمد سياد بري معدات عسكرية من بينها 12 طائرة حربية من طراز هوكر هنتر بريطانية الصنع حيث استخدم الصومال وقتذاك في العمليات العسكرية للدفاع ودعم القوات الحكومية الشرعية في البلاد”.
كما عملت الإمارات، على إكمال المستشفى الميداني بمديرية حي عبد العزيز بالعاصمة مقديشو والذي سيتقبل يوميا أكثر من 200 مصاب يتلقون العلاج اللازم مجاناً، بالإضافة إلى استقبال المرضى لإيوائهم وتقديمهم للرعاية الصحية المركزة. وبجانب مشروع هذا المستشفى، هناك مستشفى آخر تابع لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي في منطقة “كيلو 4” وهو مستشفى حنانو للأمومة والطفولة، حيث يقدم هذا المستشفى خدمات صحية لمعظم السيدات والأطفال في العاصمة مقديشو والمناطق الأخرى من البلاد.
كما سعت الإمارات العربية المتحدة إلى “تشجيع كل المبادرات والمصالحات الوطنية الصومالية سواء أكانت في الداخل أو الخارج، ودعمت الصوماليين للعمل والتجارة الحرة في دولة الإمارات، وشاركت منذ العام 2013 في مشاريع إعادة الإعمار والخدمات وإفراز فرص عمل للمواطنين الصوماليين، ولم تكتف بتقديم مساعداتٍ غذائية أو عينية.
كل هذا، توج مؤخراً، باحتجاز الطائرة الإماراتية التي كانت موجهة لدعم الجيش الصومالي ضد الإرهاب، إضافةً إلى “اضطرار دولة الإمارات لإغلاق مستشفى الشيخ زايد في مقديشو بعد مصادرة الدعم الموجه إلى دولة الصومال”. وفق ما نقله موقع “الإمارات اليوم” بتاريخ 16 إبريل الجاري.
*قاعدة عسكرية تركية
وبرغم الدعم المتواصل من دولة الإمارات للصومال منذ سنوات، إلا أن تصرفات بعض الأطراف الصومالية، لم تأت بصورةٍ موضوعية، إنما تحوم حولها أشباح الأزمة الخليجية والتدخل القطري في الصومال، ويمكن إسناد هذا الرأي إلى تقريرٍ مطول بالإنجليزية لموقع “دويتشة فيله”، ونشر في 29 أغسطس 2017، حول "تمويل قطر للحملة الإنتخابية للرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد، وهو ما أثر في العلاقات بين الدولتين". وفي هذا إشارة إلى دعم السلطة الصومالية بالتحديد، من أجل تحقيق مصالح معينة، بغض النظر عن الوضع العام الصعب والمعقد في الصومال.
الصومال، دولةٌ تقع في قلب القرن الإفريقي، قريبةٌ من المضائق البحرية المهمة وطرق التجارة البحرية المطلة على خليج عدن والمحيط الهندي، وحدودها البرية، تتشارك مع أثيوبيا وجيبوتي، اللتين تشهدان منافسة أمريكية صينية تركية وفرنسية شرسة، للإشراف على الممرات البحرية التجارية والسيطرة. أما مصلحة دولة قطر في هذا الصراع، وعلاقاتها مع حليفها التركية صاحب القاعدة العسكرية الطبيرة في الصومال، فهو محل تساؤل.
ولعل الاتهامات حول دعم حركة إرهابية كالشباب الإسلامية، يضع الدور التركي وحليفها القطري في محل تساؤل، فيما إذا كان لهما دورُ في التشويش على جهود تنموية لدولة عربية كالإمارات المتحدة في الصومال، ولصالح من يجري ما جرى؟ في ظل تنامٍ مطرد لنفوذ دول مثل الصين والكيان الصهيوني في القرن الأفريقي.
*(موقع حفريات للدراسات والأبحاث)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى