الذكرى 11 لرحيل الأديب والشاعر والملحن.. عبدالله هادي سبيت

> الأميرة/ مريم صالح مهدي بن علي العبدلي

> تحل علينا الذكرى الأليمة والحزينة، الذكرى الحادية عشر لرحيل القامة الوطنية التربوي الفاضل الأديب والشاعر والملحن والمسرحي الأستاذ عبد الله هادي سبيت، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته.. التي صادفت أمس الأحد الموافق 4/22، والحديث عن الأستاذ سبيت يطول ويطول، وهو بحاجة إلى وقفات وبحوث ودراسات يفترض أن تقوم بها المؤسسات البحثية والأكاديمية والمؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية، لأن الأستاذ سبيت يعد علما رائدا من أعلام التربية والتعليم والثقافة والأدب والشعر والمسرح، ومن قادة العمل الوطني والنضالي، ليس على مستوي الجنوب فقط، بل على مستوى الوطن اليمني والمحيط العربي.. أشهر من نار على علم.. ومناضل صلب، ومن قادة الاستقلال في الجنوب.
وفي مناسبة الذكرى الحادية عشر لرحيل الأستاذ عبد الله هادي سبيت، سوف نتحدث وبشكل موجز عن علاقة الأستاذ عبد الله هادي سبيت، بالسلطان الثائر علي عبد الكريم فضل بن علي محسن العبدلي، طيب الله ثراهما.. حيث ارتبط السلطان الثائر علي عبد الكريم بالأستاذ عبد الله هادي سبيت، بعلاقات أخوية وصداقة وطيدة، وكان السلطان علي يعتبره بمثابة الأخ والصديق والرفيق له، وعاشا معاً وتقاسما مرارة وصعوبات الحياة والنضال الوطني، وكنت أشاهد الأستاذ سبيت دائماً برفقة خالي السلطان علي عبد الكريم، والذي خصص له غرفة في قصر (البراق) قصر (الرزميت) في كريتر، كسكن للأستاذ سبيت، وبحكم سكنه وقربه من سكن خالي السلطان علي، كنت دائماً أشاهدهما وهما يتحدثان معاً ويجلسان معا ويتناقشان في أمور السلطنة العبدلية، ويخططان في كيفية تنمية السلطنة وتطويرها، متأثرين بذلك بثورة يوليو وبالزعيم الراحل الخالد جمال عبد الناصر، رحمة الله عليه.. والعلاقة التي ربطت الأستاذ عبدالله هادي سبيت بخالي السلطان علي، تعود بداياتها منذ أن كان السلطان علي عبد الكريم وليا للعهد، واستمرت إلى أن تولى السلطان علي عبدالكريم السلطنة في لحج، وكان الأستاذ سبيت من الملازمين للسلطان علي عبد الكريم والمترددين عليه في لحج وعدن، وعند اختيار السلطان الثائر علي عبد الكريم العبدلي سلطانا للسلطنة العبدلية، لحج، في الخامس من شهر يونيو 1952، عُين الأستاذ عبد الله هادي سبيت سكرتيرا خاصاً له.. ومستشاره الذي كان ملازماً للسلطان علي في لقاءاته واجتماعاته وزياراته وتنقلاته، وقف الأستاذ سبيت مع السلطان الثائر علي عبدالكريم العبدلي، وأيد توجهاته ومواقفه الوطنية ونضالاته، معا ضد المخططات والمشاريع الاستعمارية في الجنوب، حيث سخر الأستاذ سبيت قلمه وصوته وقصائده الوطنية الحماسية ضد المستعمر، وكان صوته يجلجل في كافة الساحات والميادين والمهرجانات المفتوحة في لحج وعدن، ومن الإذاعات العربية ومن على منابر المساجد، وفي الأندية والمنتديات والمراكز الثقافية، وفي المبارز في لحج وعدن وأبين، وكانت كتاباته تزخر بها الصحف في عدن والصحف المصرية. كان للأستاذ عبدالله هادي سبيت حضور متميز ومؤيدون كثر، ومواقف معادية ضد المستعمر، وكان يجاهر بها، وقد ناله ما نال السلطان الثائر علي عبد الكريم من المضايقات والملاحقات ومحاولات الاغتيال، وعند خلع السلطان علي عبد الكريم من حكمه وسلطنته، وخروجه مجبراً من عاصمة سلطنته الحوطة، وحادثة اقتحام وتطويق منزله في (قصر روضة) لحج من قبل القوات البريطانية، كان للأستاذ سبيت مواقف متميزة ورفض عملية الاقتحام واحتلال مدينة الحوطة عاصمة السلطنة العبدلية، وطالب بعودة السلطان علي عبد الكريم للحكم، ولم يستمع له، وظلت المضايقات ومحاربة أتباع السلطان علي ومناصريه وأصدقائه، من أبرزهم الأساتذة:
محمد علي الجفري، عبد الله علي الجفري، علوي الجفري، شيخان الحبشي، عبد الله هادي سبيت، وآخرون، رحمة الله عليهم، والذين تم أيضا ملاحقتهم واقتحام منازلهم، وإجبارهم على الخروج والرحيل من لحج.
وفي فترة حكم السلطان الثائر علي عبدالكريم، والتي شهدت فيها سلطنة لحج تطورا كبيرا في مختلف المجالات، وكانت لحج مركز إشعاع وطني وثقافي وأدبي وفني ومسرحي ورياضي، كان للأستاذ عبد الله هادي سبيت، رحمة الله عليه، دور كبير وبصمات واضحة، في هذا النهوض والتطور.. وسلطنة لحج تعد من الداعمين للحركة الوطنية وللشخصيات الوطنية، والتي قدم لها السلطان علي عبد الكريم الدعم والغطاء والحماية، ووفر لهم كل الوسائل المادية والمعنوية للتحرك وبحرية، لممارسة نشاطهم الوطني. سواء على مستوى مدن ومناطق لحج، وعموم مدن ومناطق الجنوب العربي، ومدن ومناطق الشمال آنذاك، ومن أبرزهم الأستاذ والشخصية الوطنية المناضلة عبد الله هادي سبيت، كانت قصائده الحماسية والوطنية، أسواطاً من نار وجهها ضد المحتل البريطاني وأعوانه. ونتذكر بأن الأستاذ سبيت، كان يعرض بعض أعماله الأدبية والفنية، منها الحماسية الوطنية والعاطفية، على خالنا السلطان علي عبد الكريم، وكذا ألحانه الغنائية لأخذ رأيه في بعض الأعمال، ونتذكر بأن السلطان علي عبد الكريم، قد أضاف (التصفيقة) على لحن الأستاذ سبيت لأغنية (سألت العين) والتي هي من كلمات أخينا الأمير محسن بن صالح مهدي العبدلي، رحمة الله عليهم، مما أكسبها روعة وجمالا وخلودا.. وحينها قال الأستاذ سبيت لخالنا السلطان علي عبد الكريم: «إضافتكم على لحني لأغنية (سألت العين) قد كسبها جمالاً وخلودا.. وهذا مما جعلها تحظى بالإعجاب والاستماع الكبيرين حتى يومنا هذا). وكان السلطان علي عبد الكريم العبدلي دائما ما يوجه الشعراء والملحنين والفنانين والمسرحيين لعرض أعمالهم الأدبية على الأستاذ سبيت للاستفادة من تجاربه وخبراته الأدبية والفنية والإبداعية، وظلت تلك العلاقة مابين السلطان علي عبد الكريم والأستاذ عبد الله هادي سبيت قائمة حتى رحلا عن هذه الدنيا الفانية، وظل ذكرهم العطر وسيرتهم الطيبة وأثرهم باق تتداوله الأجيال وتتغنى به.
وكان السلطان الثائر علي عبدالكريم العبدلي من أشد المعجبين بالأعمال الغنائية الحماسية الوطنية والعاطفية للأستاذ سبيت، ومن أبرز الأعمال الغنائية للأستاذ سبيت التى كان معجبا بها خالنا السلطان علي عبدالكريم ودائماً ما يرددها:
(يا باهي الجبين، بانجناه، والله انه قرب دورك يابن الجنوب، ياشاكي السلاح، ياظالم، ذا هندي الأجفان، دمعتك غالية، ياحاكم زمان، بور سعيد، وغيرها من الأعمال.
دائماً ماكان يحدثنا خالنا السلطان الثائر علي عبد الكريم العبدلي، عن صديقه الأستاذ عبد الله هادي سبيت، والذي كان يصفه بالمناضل الثائر وبالشاعر المرهف المتدفق بالمشاعر والأحاسيس ومن المبدعين، والذين قلما يجود بهم الزمان.. مناضل وثائر وشاعر وملحن وعازف ومغني وممثل وكاتب مسرحي كبير، وخطيب وإنسان متدين، وطيب القلب وبسيط في تعاملاته ومتواضع، واسع المعرفة والثقافة، وسياسي محنك، كريم شهم ومقدام وشجاع، وورع تقي ومصلح اجتماعي، ويحب الخير للآخرين، تعرض للموت أكثر من مرة، وظل صامداً وصابراً وشامخا.
ونجدها فرصة أن نتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم ودعم في إحياء الذكرى الحادية عشر لرحيل فقيد الوطن الكبير القامة الوطنية والثقافية الأستاذ عبد الله هادي سبيت، طيب الله ثراه، ونتقدم بالشكر الجزيل للأستاذ الدكتور الخضر ناصر لصور، رئيس جامعة عدن، على تعاونه وتكرمه بطباعة الأعمال الكاملة للأستاذ سبيت في مطبعة الجامعة وعلى حساب الجامعة، ونتمنى الإسراع في إنجاز هذا العمل ومراجعته وإصداره في أقرب وقت ممكن..
الأستاذ المناضل عبدالله هادي سبيت، رحمة الله تغشاه، قامة وطنية وعلم من أعلام الوطن، وهو من المبدعين الكبار والمنسيين، ولم يُعطَ حقه من الاهتمام والرعاية والتكريم الذي يليق به، وحتى هذه اللحظة لم يتم البحث عن أعماله الفنية الغنائية وحفظها وتدوينها وأرشفتها، وذلك للحفاظ عليها كتراث وتاريخ تستفيد منه الأجيال.
لايسعنا إلا أن نترحم على فقيدنا الأستاذ عبدالله هادي سبيت في ذكرى رحيله الحادية عشر.
*الأميرة/ مريم صالح مهدي بن علي العبدلي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى