أحمد عمر بن سلمان.. من الحقل إلى التألق الإعلامي عبر أثير إذاعة عدن

> مازن علي حنتوش

> كلمة شكر مِن القلب أبعثها، إلى صاحب التميز والأفكار النيرة..
أزكى التحيات وأجملها وأنداها وأطيبها، أرسلها بِكُل ود وحب وإخلاص.
تعجز الحروف أن تكتب ما تحمل قلوبنا مِن تقدير واحترام، وأن تصف ما اختلج في أفئدتنا مِن ثناء وإعجاب..
فما أجمل أن يَكون الإنسان شَمعة تنير دروب الحائرين.
ماذَا أقول عن هَذا الشخص؟ الرائع الواقف
على شَاطئ الحياة تتكسر أمواج محيط لا متناه.. لنجد أنفسنا تظللنا سماء الخالق عزوجل.. وترمقنا نجوم السماء، بنظرات نستشف مِنها واقع الحياة.
إلى من أضاءَ ليل سمائنا، فاتخذناه أستاذا وموجها لنا فِي حياتنا..فاتسع نورها وانتشر.
في هَذه اللحظة عبارات كثِيرة تدور فِي خلجات صدري، ومعان مختلفة، عاجز عن كتابتها عن هذا الأستاذ.
فله مني، ومن الكُل، كُل آيات الاحترام والتقدير مغروسة لَه في قلوبنا.. لا تذبل.. ولن تذبل.
فقد كَان مثالا لنا، نعم كَان مثالا للأب العزيز والخلوق فِي تعامله.. وأنموذجا شَاهدا على سمو أخلاقه..
مهلا.. مهلا.. أعزائي وأحبتي.. لاتزال سفينتي تشق عباب البحر لتلتقط الكلمات الَّتِي توفيه حقه في العطاء.
ولا تزال الكلمات تتزاحم وتتصارع، تُريدَ أن تخبر عَما فِي مكنونها وعما يدور فِي مخيلتها لهذا الأب الخلوق، عميد الإعلام في إذاعة عدن.
في عام 1930م ولد الأستاذ أحمد عمر بن سلمان، بمحافظة حضرموت.. شخصية بارزة من أعلام الثقافة والأدب والفكر والعلم والإعلام المخضرمين، في عدن خاصة، واليمن عامة.
أحمد بن سلمان، اشتهر بصوت متميز ونادر، الندرة في تقديم برنامج (العلم والإنسان)، وبرنامج (كلمتين اثنين)، فهو الرقم القياسي الذي تحقق على مستوى الإذاعات الوطنية والخليجية والعربية، من حيث عدد سنوات البث.
الكتابة عن شخص مثل أحمد عمر بن سلمان، لابد ما تقف أمام نسمة عليل بحر صيرة، لا يعني بالضرورة أمام رجل صعب، بل العكس هو الأصح، عنوانه البساطة والتواضع.. غزير الفكر والثقافة، لباقة حديثه لا تحتاج لوسيط بروحه الطيبة، أكسبت ابتسامة بسحنته السمراء.
غيل باوزير مسقط رأسه ومرتع صباه، فكانت له ذكريات جميلة من حب الزراعة مع والده عمر بن سلمان، رحمة الله عليه.
شاع التعليم في زمن أحمد بن سلمان، فحان وقت الالتحاق بالدراسة، فأخذ الأب عمر بن سلمان على عاتقه هذا الدور، ليبدأ مشوار التعليم الابتدائي، فيتجاوز الابن هذه المرحلة بتفوق أهله للالتحاق بالمدرسة الوسطى، التي تعد معلماً تعليمياً بارزاً في غيل باوزير في تلك الفترة، إذ كان يقوم في التدريس فيها مدرسون سودانيون، وبخاصة في مجال العلوم الحديثة واللغة الإنجليزية.
كان متميزا عن أقرانه بالهدوء والذكاء، فأوفد إلى مصر للدراسة، حيث التحق بثانوية حلوان، وحصل على شهادة الثانوية العامة بنسبة عالية مكنته من الالتحاق بكلية الطب.
وبدأت مرحلة جديدة في حياة الشاب الخلوق أحمد عمر بن سلمان.. مشوار مزدحم بالعمل والضنا والنجاحات، لكنه ليس من أولئك الذين يستسلمون بسهولة فتفتحت آفاقة على عالم جديد، وعوالم ثقافية ومعارف علمية حديثة أخذت لبه واهتمامه، لكن ظروفه الخاصة كانت السبب المعيق لاستكمال دراسة الطب، فعاد للوطن يحمل الحنين والشعور بالمسئولية التى فرضت عليه.
أحمد عمر بن سلمان حساس، يطرب للشعر كثيراً.. وللكلاسيكي منه على وجه التحديد.. كان عنده ميل للشعر الكلاسيكي.. وله بعض المحاولات الشعرية.. يميل كثيراً للجمع بين الجوانب العلمية والأدبية.. فجوانب المعرفة يكمل بعضها البعض.
فهو إنسان متعدد المواهب والقدرات، لا يباريه فيما يعشق ويحب مبار.. لذا نجده محباً لأسرته وفياً لأصدقائه، حميميا في علاقاته الأسرية، مخلصاً في أداء واجباته.. إنها الخلطة السرية والسحرية لنجاحه وإبداعه، ولحب الناس له.
إذاعة عدن تقدم (العلم والإنسان)، برنامج أسبوعي يعده ويقدمه أحمد عمر بن سلمان، إخراج إكرم محسن..
من منا لم يسمع هذا الرمز في إذاعة عدن؟ من منا حرك شوكة المذياع يوما على إذاعة عدن، وصادف هذا البرنامج الرقراق عبر أثيرها، فلم يأسره ذلك الصوت المميز بلكنة ونبرة لذيذة، وبوضوح مخارج الألفاظ وسلامة لغته وسلاستها وطريقة الإلقاء، مما أعطى للبرنامج حلاوة وتشويق للمستمع.
في عام 1965 بدأ برنامج (العلم والإنسان) يبث من إذاعة عدن حيث أصبح معد ومقدم البرنامج، على مدى خمسة أو ستة عقود، نجما إذاعيا، ورفيقا وجدانيا لمستمعي الإذاعة بأسلوبه المشوق، حيث كان يختار مواضيع حلقات البرنامج من البيئة، وأبراز الظواهر لارتفاع درجة حرارة الكوكب، وتأثيرها على الإنسان والنبات، وكذلك ثقب الأوزون وأسبابه وتأثيره، والثلوث البحري بفعل مياه الصرف الصحي، ومخلفات السفن، وحوادث ناقلات النفط وأثرها في تلوث البحار.
وبرغم أنه ليس موظفا في الإذاعة، ولم يتلق دراسة أو دورة في مجال الإعداد والتقديم الإذاعي، فقد أوجد لنفسه مدرسة خاصة، لم ولن ولا يمكن ومستحيل تكرارها أبدا.
قدم الأستاذ أحمد عمر بن سلمان خلال مشواره الطويل، برامج أخرى عديدة، مارس من خلالها التأثير نفسه على المستمعين، منها برنامج (كلمتين اثنين) الذي أعده وقدمه في مطلع الثمانينيات، واستمر لخمس سنوات متتالية، تناول فيه العديد من الظواهر الاجتماعية، بطريقة خفيفة وسلسة، وبنوع من الدعابة، مستثمراً الحكم والأمثال الشعبية، كما اشترك قبل نحو أربعة أعوام في تقديم برنامج (رمضانيات) وبرنامج (العيد أفراح)، فضلاً عن إسهامه في إعداد وتقديم برنامج إذاعي إخباري باللغة الإنجليزية. وللأستاذ أحمد عمر بن سلمان ترجمات عدة، نشرت في العديد من الصحف اليمنية.. تميزت بالدقة وجمال اللغة ورشاقتها.
إن استمرارية البرامج التي يعدها الأستاذ أحمد عمر بن سلمان ويقدمها، وروعة الأداء، وما يضفيه على برامجه من روح الدعابة، قد أكسبته شهرة واسعة بين أوساط المستمعين وعشاق الإذاعة، فغدا صديقاً لكل بيت عدني.
متى سيكرم هذا الرجل تكريما مشرفا يا فخامة رئيس الجمهورية؟
مازن علي حنتوش

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى