مقتل الصمّاد و"جرذ" الشمال

> مازن الشحيري

>
مازن الشحيري
مازن الشحيري
عدم إعلان دول التحالف عن استهداف الصماد وانتظارها حتى يعلن الحوثي عن مقتله بشكل رسمي، أن دل على شيء فإنما يدل على عدم وجود ثقة على الإطلاق بين دول التحالف والجهات الاستخباراتية التي تعمل معها على الأرض، ويدل أن التحالف خدع كثيرا خلال السنوات الثلاث الماضية من تلك الجهات، وما يثبت ذلك إعلان وسائل الإعلام التابعة للتحالف عن أنباء مقتل قيادات حوثية أكثر من مرة مثل مقتل أبو علي الحاكم مثلا وفي الأخير تكون تلك الأخبار كاذبة، مما أفقد المصداقية في تلك الوسائل الاعلامية وبالتحالف نفسه، وتمثل تلك الأخبار الكاذبة للطرف الآخر نصرا معنوىا كبيرا ولأنصارها داخليا وخارجيا خلال السنوات الماضية للحرب بينما أغلب الأخبار التي تعلنها وسائل إعلام الحوثي تكون صحيحة فكسبت المصداقية على المستوى الإعلامي والاستخباراتي خلال فترة الحرب.
لذلك باعتقادي قرر التحالف استخدام استراتيجية جديدة بعدم نشر أو الإعلان عن أي عمليات يقوم بها بالتنسيق مع حلفائه في المناطق الشمالية لعدم ثقته بهم حتى وإن كان متأكدا بنسبة 90 % ، واعتبار الحلفاء المتعاونين معه مرتزقة وليس حلفاء متحالفين يحملون نفس المبدأ والأهداف، لكن أيضا هذا الأمر يعتبر نصرا معنويا للحوثي وأنصاره، حتى وإن كان بشكل أقل من سابقه لكونه مازال هو المصدر الوحيد والمصدق للمعلومات لحد الآن رغم فارق القوة العسكرية والاستخبارتية والإعلامية التي تصب في مصلحة التحالف نظريا ولا يستطيع أحد إنكار ذلك، لكن النجاح الذى يحققه الحوثي ليس سببه القوة الإعلامية أو العسكرية كما أوضحنا، بل عدم وجود حليف حقيقي مع التحالف خاصة بالمناطق الشمالية، وهذا هو ما استغله الحوثي إعلاميا وعسكريا أحسن استغلال ونجح به كما هو واضح.
هذا هو بيت القصيد وهذه هي الحقيقة والمشكلة الحقيقية التي تكلمنا عنها مرارا وتكرارا، ويجب التركيز عليها وعدم الانجرار وراء التحليلات والنظريات التي نسمعها كثيرا هذه الأيام بخصوص هذه الحادثة بأن الحوثي هو من تخلص من الصماد مثلا وكيف استطاع الحوثي معرفة عدد الصواريخ التي استهدفت الصماد وعن وجود شخصيات آخرى كانت معه وغيرها من التحليلات التي بقصد أو بغير قصد تبعد الناس عن الحقيقة التي قلناها وسوف نستمر بقولها. مشكلة الشمال هي داخلية، فكل المدعين معاداة الحوثي ونظامه بالشمال لا يعادون أو يحاربون الحوثي من أجل مشروع وطنى بل كل فريق منهم حربه وصراعه مع الحوثى له هدف مختلف، فمنهم من يعتبر هذه الحرب مصدر رزق من خلال الاستمرار بحلب التحالف وبنفس الوقت هو أحرص من الحوثي نفسه على عدم إنهاء الحرب، وبالتالي هو أحرص على قيادات الحوثي من أنفسهم، وقسم آخر يبحث لنفسه عن موقع في السلطة وإن كانت بالشراكة مع الحوثي نفسه ولن يتحقق ذلك له إذا قاتل الحوثي بشكل حقيقي وسالت دماء قياداتهم بل الحفاظ على القيادات قد يكون سببا فى تقاربهم فى المستقبل من باب حسن النوايا وإثبات أننا لا نبحث عن تصفيتكم، لذلك هم أيضا أحرص على قيادات الحوثي من أنفسهم، وقسم لديه ثأر شخصي مع الحوثي ويبحث عن انتقام، لكن أيضا بعيدا عن مشروع وطني حقيقي كما قلنا بل بعقلية قبلية والتي أيضا تبحث عن الانتقام وفي نفس الوقت مستعدة للصلح بعد إظهار قوتها وإثبات أنها ندّ يستحق الشراكة بالسلطة مع حفظ ماء الوجه لها بأنها استطاعت أخذ ثأرها ولو بشكل شكلي كما هو معروف بالتفكير القبلي حفظ ماء الوجه لديهم أهم ومقدم حتى ولو كان على حساب التضحية بماء وجه الوطن كاملا.
طبعا هذا لا يعنى لا وجود لرجال وطنيين بالشمال، بغض النظر عن المناطق أو المذهب الذي يعتنقونه، فهناك في كل مكان أكيد رجال وطنيين وصادقين، لكن للأسف غير فاعلين بالساحة الشمالية لعوامل كثير يطول شرحها في هذا المقال، وعلى التحالف أن يبحث عن مثل هولاء الرجال إن كانوا فعلا يبحثون عن إنهاء الحرب في شمال اليمن، وبنفس الوقت بناء شمال اليمن وتسليمه لمن يستحق، فهذا الثمن الذي سوف يطلبه أي وطني، أما من يطلب غير ذلك من مصالح شخصية وأهداف أخرى من الفصائل الشمالية التي نراها في الساحة فلن يحققوا أي نصر لا للتحالف ولا لبلادهم، وأفضل اسم يطلق عليهم هو جرذ (فار) الشمال الجديد مع الفارق، فجرذ سد مأرب هدم السد فقط، أما الجرذ الجديد فسيهدم الشمال كاملا إذا استمر هذا الجرذ في عمله ولم يجد حتى قط واحد يلتهمه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى