انقذوا ما تبقى من أخلاق في المجتمع

> حسين فروي

> أمتنا في عدن عاشت الصعاب بعيداً عن كل شيء يلوث الضمير والإحساس والصدق، بعيداً عن التنازل والاستسلام والسعي وراء الماديات والأحلام الهشة التي يدفعها إلى بيع كل ما هو غال ونفيس، لأن هذه الأمة كانت تقوى بإيمانها وعزيمتها وصبرها، تعرضت في فترات سابقة لأزمات ونكبات، لأسباب تبكيها أو تحزنها، لكنها الروح ظلت فيها قوية صلبة، ترفض الخنوع والاستسلام والظلم والقهر وسلب الحقوق والاستغلال، ترفض أن يباع ذلك الكنز العظيم الذي هو في داخلها، ذلك الكنز الذي يعرف قوة الخير وقوة الحق، حق غيره قبل أن يعرف حق أمة سادتها روح المحبة والسلام والتعايش، بعيداً عن الزيف والنفاق والأنانية وحب الذات، وتفضل نفسها الطاهرة على نفوس الآخرين، رافضة الركض وراء الإغراءات، متمسكة بمبادئها وأخلاقها، لكنها ما خرجت به هذه الأمة من خلاصة مفيدة ومهمة، هو الأبقى من روح طيبة طاهرة وذكر حسن، هكذا كانت أمتنا بتعاملها وسلوكها في ذلك الزمن.
أما ما نراه اليوم وما تمر به أمتنا اليوم من ضياع الأخلاق والهوية، فقد أظهر معادن الرجال وأفرز الشرفاء والفاسدين منهم والأشرار، وضفت سلوكيات في أمتنا لم نكن نعرفها من قبل، سيل جارف من التخلف والفساد والنفاق والكراهية والتعصب وثقافة الصراعات، سماسرة وخونة وأنذال وقطاع طرق وعصابات في كل مكان تعرقل أي إصلاح أو خدمة- وبشكل متعمد- لعدن المدينة الأبية ولأهلها المغلوبين على أمرهم.. هؤلاء من نسف استقرار الناس ودمروا حياتهم وحولوها إلى أحزان وإلى مشاريع مربحة، لأنهم فقدوا كل القيم الإنسانية، ماتت ضمائرهم وباعوا شرفهم وكرامتهم مقابل حفنة من الدراهم وبعض المكاسب.
ولعل أسوأهم وأكثرهم مكراً من أولئك هم الذين يعملون على التضليل بأنهم يعملون لصالح الموطنين في خدمتهم والدفاع عن قضاياهم وحقوقهم التي يختزلونها في جيوبهم دون رحمة، كما أنهم يرون في الحروب سوقاً رابحة وفرصة ثمينة لا تعوض، ضاربين عرض الحائط بمسؤوليتهم الأخلاقية والإنسانية، والأقبح في سلوكهم أنهم يزايدون على بعضهم باسم الحرص على حقوق الناس ومصالح الوطن.
إلى متى يستمر الوضع في التدهور، ونحن نشاهد هذه الفوضى في كل مكان من جراء الممارسات غير الأخلاقية والتي لا تمت لأمتنا بأي صلة، لذا علينا أن نعيد النظر والتفكير معاً، وأن نجلس مع أنفسنا ولو لدقائق لنتمعن ونتذكر هل كل ما فات أو ما نقوم به كان حقاً لنا وكان عادلاً؟، هل نحن بعيدون كل البعد عن مشاكل غيرنا وهمومهم؟، يا ترى ماذا قدمنا كأمة لبعضنا البعض؟.. لذا علينا أن نحافظ على أنفسنا وأولادنا من مرض الفساد في أمتنا من خلال تعليمهم الصدق والأمانة والقناعة والحفاظ على المال العام، وحسن الخلق، وأن نكون لهم قدوة في الأخلاق الحسنة، وأن نعلمهم كيف نحميهم من خطر الفساد والّا نزرع فيهم الإحباط بأن كل شيء فاسد، حتى تظل هذه الأمة متمسكة بإيمانها وهويتها، وأن يكون الوطن هو الثابت، وهو الذي يستحق التقديس والتضحية.
حسين فروي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى