علينا ألا نستثني أحدا إن أردنا دولة

> عبدالقادر باراس

>
عبدالقادر باراس
عبدالقادر باراس
في كل عملية تقوم بها الدولة في العالم لتثبيت النظام والقانون تظهر ملامح قوتها في ترسيخ قيم العدالة والمساواة.. لكن عند الحديث عن حملة إزالة المباني العشوائية والاستحداثات غير المرخصة منها في الأماكن العامة والمتنفسات في عدن يصبح من وجهة أخرى مضللا عندما يطرح للاستهلاك الإعلامي، وتلك مصيبة، لأن الإعلام- بغض النظر عن أجندته- يظل دوره قاصرا.
فقد حُتّم على مدينتنا عدن، بتواطؤ مكشوف من قبل سلطاتها المحلية التي تعاقبت ولازالت، أن تكون مرتعا خصبا للبناء العشوائي، تلك المدينة التي اعتمدت مخططاتها بأنظمة وقوانين بريطانية، فتعرضت لأعمال التخريب والتشويه بعد أن كستها الأحواش وتغيرت كثير من واجهات بناياتها، والتي لجأ إليها العابثون والمخالفون بذريعة حاجتهم إلى السكن كمشكلة اجتماعية.
فالسبب الرئيسي في انتشار العشوائيات هو وقوف جهات حكومية وتواطئها مع من بسطوا بالحماية والتسهيل والتشريع في إجازة هذه الظاهرة. ومما نشاهده في العديد من أحياء ومناطق عدن يتبين أن التعامل مع البناء غير القانوني أو المسمى (العشوائي) من قبل المسؤولين يتم بانتقائية وغض الطرف عن الجهة الموالية لنفوذ القوة وغياب تطبيق القانون على الكبار، فهناك العديد من المتنفسات وخاصة ملاعب الأطفال ومداخل وأسوار الكليات بنى فيها متنفذون ولم تطالهم الحملات.
وأمام هذه الوضعية المزرية لا زالت الجهات الموكل إليها ملف حملة إزالة العشوائيات، والتي من المفترض تطبق القانون الرادع على المخالفين، بعيدة كل البعد عنهم، حيث هناك غياب واضح في التنسيق ومشاركة الجهات المختصة الفعليين ممثلة بأجهزة القضاء والنيابة.
فالكارثة أن تنحرف هذه الحملة عن مسارها وتتجاوز عن عشوائيات المتنفذين الظاهرة للعيان من عقارات شاهقة تصل عنان السماء، ليتم شرعنتها فيما بعد وتثبيت الباطل بقوة القانون.
تبقى التحديات كبيرة، وما سيكون عليه لا قدر الله إذا فشلت الحملة. فالمسألة لا تؤخذ بالتصريحات الإعلامية، كما هو الحال في تصريحات وزير الداخلية م. أحمد الميسري، الذي أكد بأن الحملة ستشمل الجميع ولن يُستثنى منها أحد، وقد أقسم بالله بأن «لو كانت عمارة عشرين دور عشوائي سوف أسويها بالأرض»، حد قوله..
والغريب بعد ذلك أن وزير الداخلية يغسل يديه على كل من لم تطاله الحملة بقوله: «إن الأجهزة ممثلة بوزارة الداخلية المنفذة لحملة إزالة البناء العشوائي ليس لها أي اختصاص بتحديد مواقع البناء العشوائي، كون هذه المهمة تعود إلى اختصاص مكتب الأشغال وفريق الإزالة والسلطة المحلية»، بمعنى أن أي تلاعب أو تساهل من قبلهم مع كبار المتنفذين يتحملها مكتب الأشغال وليس للجهات الأمنية علاقة بذلك.
إننا في أمس الحاجة إلى مراجعة واقعية لما يحدث من هذه الحملة في حالة فشلها، ولعلنا ندرك أن الطرف المعارض من هذه الحملة سيضع العراقيل لإفشالها حفاظا على مصالحه، ليكون البديل إضعاف هيبة الدولة.
حتى لا تكون الحملة مصحوبة ببهرجة إعلامية زائفة تحمل طابع شيول بلباس عسكري على الضعيف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى