مؤتمر القاهرة للإعلام يناقش مستقبل المهنة في المنطقة العربية

> القاهرة «الأيام» بسام القاضي

> القاهرة «الأيام» بسام القاضي:
بدأت، أمس، في الجامعة الأمريكية بمصر فعاليات مؤتمر القاهرة للإعلام، الذي يناقش التغييرات الحادة التي طرأت على الإعلام والصحافة في العصر الرقمي، في محاولة لمواكبة المستجدات وطرح سبل لجذب الجمهور الذي تحول إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
ويركز المؤتمر بشكل خاص على الدور الذي يمكن أن تلعبه كليات الإعلام في الجامعات، في مستقبل صناعة الإعلام.
وتستمر فعاليات المؤتمر على مدى يومين، في حرم التحرير الجامعي التاريخي التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة، بالقرب من ميدان التحرير، ويضم عدة جلسات يشارك فيها عدد كبير من الخبراء والممارسين في مصر والمنطقة العربية والنرويج.
وفي جلسة الافتتاح قال الأستاذ طارق سعيد، منسق منتدى المحررين المصرين: «المؤتمر تتويج لعام من الجهد ويتوافق مع احتياجات الوسط الإعلامي العربي. هذا المنتدى أشبه بجسر بين الصحفيين والمؤسسات الصحفية، يحاول المنتدى إصدار نتائج وحلول ووسائل تساعد الصحافة التقليدية على مواكبة الثورة التكنلوجية».
وأضاف: «المنتدى يؤمن بأن المحرر هو قلب العملية الصحفية، وعليه يأتي تدريب المحررين كضرورة».
مدير البرنامج المصري لتطوير الإعلام (Amdb)، طارق عطية، هو الآخر طرح تساؤلا إذا ما كانت المؤسسات الإعلامية تدرك التغيير في واقع الإعلام اليوم، ومن منطلق هذا التغيير يأتي عمل AMDB.
وقال: «يأتي هذا المؤتمر كجزء من بادرة حقيقية ورغبة ملحة في فتح جسور شراكة بين المؤسسات الصحفية والتعليمية، وهو ما يوليه البرنامج المصري لتطوير الإعلام اهتماما كبيرا».
المتحدث الرئيسي للجلسة الأولى رئيس تحرير جريدة «افتنبوستن»، كبرى الصحف الورقية والرقمية في النرويج، التي حققت معادلة نجاح المطبوعة الرئيسية في حين تتربع على عرش المنصات الرقمية، قال: «إن هذه المقارنة التي تجمع بين الصحافة التقليدية، وهذه الثورة التكنلوجية، تفتح أبوابا كثيرة، إذا كانت التحديات جزءا منها، فإن الفرص أيضا تتوفر في خضم هذه التحديات».

وأضاف بالقول: «اليوم لسنا الوحيدين الذين يصنعون القصص الصحفية بمساعدة هذه الثورة، اليوم لدينا كل الأدوات التي تمكننا من تلقي ونشر المعلومات، التي كانت في السابق نخبوية، ولا تصل للعامة، لكننا اليوم جميعنا نمتلك المعلومة».
وتساءلت الإعلامية جيزال خوري، وهي صحافية ومقدمة برنامج المشهد بقناة الـ(بي بي سي عربي) «عما هو مستقبل مهنة الصحافة والإعلام؟ أولها الاقتصادي، فالتحدي الاقتصادي يتمثل في كون المؤسسات الإعلامية مدعومة إما من رؤساء السلطة أو من الحكومات، مما يعني احتكارا لسقف الحريات».
وقالت خوري: «تأتي لبنان كمثال عن هذا النفوذ المالي الذي يتحكم في المعلومة، وإذا ما أخذنا فرنسا كمثال سنجد أن تلفزيون الدولة هنالك هو تلفزيون الشعب والناس، بتوفر قانون يحمي (رأس مال) مخصص للوسائل التلفزيونية».
وتابعت بالقول: «إذا ما عدنا للبنان كمثال لبلد يدفع ضريبة الخلافات السياسية التي لا تحقق فوزا ولا خسارة، ولا خاسر إلا الإعلام الذي فقد مصداقيته».
وزادت: «في لبنان توجد ظاهرة محاكمة الصحفيين، أو حتى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وهي ظاهرة مخيفة، هذا الصراع هو أشبه بمنافسة بين الصحفي والمواطن العادي الذي يمتلك أكثر مما يملك الصحفي».
وقالت «الصحفي الشاب لم يعد يعنيه الخبر، الشباب اليوم يبتعدون عن الصحافة الموضوعية، اليوم الصحفي يريد أن يضع رأيه، اليوم هنالك مزج بين المهنية والمصداقية، مع عالمنا المتغير الذي يعبر عن رأيه».
فيما تحدث الصحفي ارني جنسن، وهو أمين عام رابطة المحررين النرويجيين حول التجربة النرويجية: «فيما يخص مستقبل الإعلام، وماذا سيحدث بعد ذلك، يمكننا التنبؤ بأن الأمور بالفعل تتغير بصورة سريعة».
وقال: «أنا أتنبأ بأن الصحافة المطبوعة قد تعيش عمرا افتراضيا، ولكن لن تكون بصورتها الحالية، قبيل عشر سنوات كنا نقول لن تكون هنالك صحافة مطبوعة، لكننا كنا مخطئين، إننا نبالغ هنا في تأثير التكنلوجيا على الأقل على المدى القصير، التلفزيون باقٍ كما هو الراديو، والصحافة.. لذا علينا تطوير الصحافة كلما كان ذلك متاحا بمساعدة التكنلوجيا».

وتساءل عن كيف نسد الفجوة بين قاعات الدرس، وغرف الأخبار؟ ليجيب قائلا: «باعتقادي الشخصي أن عمل الميديا يتطور بصورة سريعة ومعقدة، ولمواكبة ذلك علينا أن نعمل بسرعة، ومن خبراتي الخاصة في النرويج، فإن العديد من الخطط الموضوعة لم تكن كافية، ولم تكن مساهمة، وذات فائدة، فاليوم على المؤسسات الإعلامية والصحفية معرفة قيمة المؤسسات الإعلامية الدراسية، والعكس!».
إلى ذلك قالت نائلة حمدي، مدير الدراسات العليا بقسم الصحافة والإعلام في الجامعة الأمريكية بالقاهرة: «يجب علينا المواجهة مع التكنلوجيا التي تقفز، وإلا سيحكم علينا بأننا خارج التاريخ، لذلك اليوم هذه فرصة للإعلام الحقيقي».
وتابعت: «يبدو من الفهم بأننا نعيش واقعا جديدا، علينا المساهمة في رسم معالمه، بصرف النظر عن هذا، يجب التركيز على العمل بين الأكاديميين وبين من يعملون على الأرض، وفي المقام الأول علينا تدريس الصحافة أيا كان محتواها، اليوم علينا أن نفهم أن المتدربين عليهم خوض غمار التجارب المختلفة، الجامعة الأمريكية تجمع بين التدريب العملي والنظري، ومن المهم إرسالهم إلى قلب المؤسسات الصحفية حتى يفهمون ما هو الواقع الإعلامي اليوم».
حمدي قالت: «أيضا اليوم هنالك اهتمام أكاديمي، وعلى النقيض هنالك اهتمام مجتمعي، ومن هذا المنطلق تأتي أفكار إبداعية، ومبتكرة، تجعلنا نعيد النظر في إعادة كتابة مناهج التعليم الخاصة بالصحافة والإعلام، اليوم نحن نبحث عن شراكة حقيقية، ومسار تعاون بين المؤسسات الإعلامية، والصحفية، والجامعة».
فيما افتتحت الإعلامية اللبنانية ميراي إبراهيم، مذيعة ومراسلة بتلفزيون لبنان، حديثها بالقول: «يجنح الشباب العرب اليوم إلى مواقع التواصل الاجتماعي بصورة أكبر، وذلك لأن سقف الحريات في هذه المنصات يتيح لهم قدرة على التحرك في مساحات حرة».

واحتضنت قاعة هيل فعاليات الندوة الثانية تحت عنوان: (هل يمكن للمؤسسات الأكاديمية المساعدة؟)، وتركز على إنشاء روابط بين كليات الإعلام ووسائل الإعلام، وإدخال طرق تدريس حديثة في برامج الصحافة والدراسات الإعلامية، وإنشاء منتجات جديدة تصلح للصناعات الإعلامية الوطنية بالتعاون مع غرف الأخبار المهنية.
سميرة بن رجب - المبعوث الخاص للديوان الملكي البحريني ووزيرة الإعلام سابقاً، هي الأخرى تحدثت عن التقارب بين الجامعات والمؤسسات الصحفية.
وقالت: «إنه يجب أن تكون هناك بحوث عربية منشورة تتعلق بالدراسات الصحفية، وللأسف الشديد العقود المبرمة وبروتوكولات التعاون بين الجامعات والمؤسسات الصحفية تكاد تكون معدومة».
وأشارت إلى أن «صناعة الإعلام في العالم العربي تمر بأزمة شديدة، فالبرامج الحوارية العربية جميعها متواضعة وذات طابع محلي ولا تستطيع تخطي الخارج، وليس لدينا وكالة أنباء عربية ذات تأثير عالمي».
فيما قال إيهاب الزلاقي - رئيس التحرير التنفيذي لـ(المصري اليوم): «إن هناك مشاكل كثيرة تواجه صناعة الصحافة، منها ما يتعلق بالجانب المادي فضلًا عن إمكانية تقديم محتوى تنافسي على المستوى الإقليمي».
ولفت الزلاقي إلى أن «المشهد الإعلامي داخل صالات التحرير وغرف الأخبار لا علاقة له بالمشهد الإعلامي داخل قاعات الدرس في الجامعات»، موضحا أن «جزءا من المشكلة التي تعاني منها الميديا والصحافة أن كل شخص لديه حساب على فيسبوك أصبح وسيلة إعلام بمفرده، وهذا ساهم في التقليل من دور وسائل الإعلام لدى الجمهور».
فراس أطرقجي - رئيس قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة - هو الآخر أكد بالقول: «يجب أن يهتم الصحفيون بتنمية مهاراتهم، المسألة ليست أن تكتب قصة صحفية وحسب، لكن هناك كثير من الأدوات الأخرى والعلوم التي تحتاجها من أجل تنفيذ قصتك»، مضيفا: «علينا أن ندفع المجتمع إلى مزيد من المعرفة، ونحتاج إلى ابتكار أدوات وأشكال جديدة لمحو الأمية الإعلامية».
واختتمت فعاليات اليوم الأول بجلسة تحت عنوان (مكافحة الأخبار المزيفة وخطاب الكراهية)، تحدث فيها كل من: أحمد عصمت المؤسس والرئيس التنفيذي لمنتدى الإسكندرية للإعلام، وتارا القاضي أستاذ مساعد بقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
يشار إلى أنه يشارك في تنظيم المؤتمر الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجامعة أوسلو ميتروبوليتان بالنرويج، والبرنامج المصري لتطوير الإعلام، ومنتدى المحررين المصريين، ورابطة المحررين النرويجيين.
وتستمر اليوم الأربعاء فعاليات مؤتمر القاهرة للإعلام لليوم الثاني على التوالي، لمناقشة إتقان المشهد الإعلامي ومستقبل المهنة في المنطقة العربية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى