أبناء الجنوب في المهجر.. بين قساوة الغربة ومآسي الوطن

> تقرير/ عادل المدوري

> باتت الجاليات الجنوبية في المهجر تُعاني الأمرين، نتيجة قساوة الغربة والاكتواء بنيران البعد والفراق عن الأهل والوطن (الجنوب)، منذ أن أسقطوا بأيديهم دولتهم المركزية بمطلع عام 1990م.
«الأيام» سلطت الضوء على هذه القضية باللقاء بالعديد من أبناء الجنوب في المهجر لنقل بعض مما يتجرعونه من قوانين جائرة في بعض دول المهجر.

منذ أن اندلعت الفوضى في البلاد بتسعينات القرن الماضي، بدأت فكرة  الاغتراب تراود الكثيرين بالرحيل إلى دول العالم الواسعة وفي مقدمتها أمريكا ودول أوروبا وشرق آسيا وكذا دول الجوار، على أمل تضميد الجروح الغائرة التي تشهدها البلاد، أو أن يستعيد النسر عافيته من جديد، غير أن هذه الأحلام سرعان ما تبددت، لدى الرعيل الأول من المهاجرين الذين واصلوا بعد ذلك مشوار رحلتهم الأخيرة إلى قلب أوروبا وأمريكا وصولًا إلى دول جنوب أمريكا وفي بعض دول أفريقيا بحثاً عن لقمة عيش كريمة وتعليم مجاني.

يقول أحمد مصطفى وهو مغترب من أبناء حضرموت ويعمل مديرًا ماليًا في إحدى الشركات الدولية بالخليج إن «العديد من المهاجرين صاروا أباًء لأطفال ولدوا في ديار الغربة لم تمنح لهم الفرصة أن يولدوا في أرض وطنهم. والأشد من ذلك أن من وُلِدوا فيها أصبحوا أباء أو أمهات فيما لا تزال الأوضاع الطاردة للعيش في بلادهم لم تضع أوزارها بعد، بل تزداد عُنفاً يومًا بعد آخر». وتساءل مصطفى قائلا: «هل يعود أبناء الجنوب من المهجر إلى وطنهم الأصلي إذا ما استقرت الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية فيه أم أنهم باتوا يفضلون البقاء في ديار الغربة؟».

وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: «لاشك أنهم يتوقون للعودة إلى أرض الوطن الذي فروا منه بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية المعقدة وكذا الصراعات التي أكلت الأخضر واليابس منذ استقلال الجنوب في 30 نوفمبر عام 1997م».
ولعل المتتبع لأحوال أبناء الجنوب في المهجر يرى أن هناك رحلات هجرة قديمة ناجحة في العديد من دول شرق آسيا كالهند وماليزيا وغيرها استطاع فيها المهاجرون الحضارم  أن يلعبوا دورًا مهما في التجارة منذ القرن الخامس عشر بمنطقة جنوب شرق آسيا.

وعُرف عنهم أنهم أولئك القوم النبلاء الذين أوصلوا شعاع الإسلام إلى أقصى الشرق الآسيوي ليفتحوا القلوب قبل الأرض، لم يشهروا سيفًا ولم يجادلوا بالباطل، بل تسلحوا بعُرى الإيمان وقدموا علما يسمى(فن المعاملة)، فصدقوا مع الله ربهم فسخر الله لهم قلوب العباد، فدخلت ملايين البشر أفواجا في الإسلام، فبالصبر واليقين كانت العزة لدعاة الإسلام من أهل حضرموت، وكانوا وما زالوا مصدر إشعاع في تلك البلاد، فحفظوا للناس حقوقهم فأوفى الناس لهم حقهم.. ويعود الفضل بعد الله تعالى للحضارم بإسلام نحو نصف مليار مسلم في شرق آسيا والهند بالإضافة إلى منطقة القرن الإفريقي.

معاناة مستمرة
وبات المهاجرون الجنوبيون في الخليج العربي يُعانون كثيراً منذ قرار الرئيس الراحل علي عبدالله صالح أثناء غزو صدام حسين للكويت عام 1990م ووقوف الحكومة اليمنية ضد مصالحها ومصالح شعبها ومواطنيها، حيث لم ترق سياسة اليمن حينها إلى مستوى الحدث بل تسيد فيها العُرف القبلي، وقد نتج عن هذه السياسة الكثير من القيود والرسوم المفروضة التي عاد على إثرها الكثير من المغتربين إلى الوطن رغم المآسي.

يقول أحمد حسين، تاجر جنوبي: «نحن فئة أكثر تضررا من القوانين المتخذة، وجميع القوانين لا تحمي حقوق المهاجر».

وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: «لقد شكّل الرئيس عبدربه منصور هادي لجنة برئاسة وزير الخارجية وعضوية كل من وزير شؤون المغتربين ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل، وسفير اليمن في الرياض والقنصل العام بجدة، على أن تقوم هذه اللجنة بالتواصل مع الجهات المعنية لدى السعودية لبحث كل المشاكل والمعوقات التي تواجه المغتربين اليمنيين، لتذليل العقبات أمامهم في هذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ اليمن، لكن هذه اللجنة فشلت في إيقاف ترحيل المغتربين، وأعقبها الرئيس بقرار إعفاء المغتربين من الجمارك وهذا دليل على صعوبة الوضع مع المغتربين». وقال أحمد بأسى وحزن: «كثير من رؤوس الأموال الجنوبية في الخليج تبحث عن مكان آمن للاستثمار، فلو توفرت في عدن عوامل الأمن والاستقرار السياسي وتحسنت الخدمات لعدنا إلى وطننا، ولسبقنا في ذلك جيراننا الإقليميون».
 المغتربون والأعمال الخيرية
يقول حسين سالم ربيع، وهو مغترب وناشط في أعمال خيرية: «إن الطيور المهاجرة من الجنوب العربي منذ 1967م وما بعدها لم تكن في أي وقت من الأوقات راغبة في مُغادرة أعشاشها أبدًا ولكنها أُجبرت على ذلك بحثا عن لقمة العيش لها ولأفراد أسرها».

 وأضاف: «حينما دقت ساعة الصفر وبدأت الثورات تشتعل ضد  المحتلين بداية الاستعمار البريطاني وصولًا إلى الاحتلال الزيدي المتكرر للجنوب المدعوم من إيران وبأدواتها في اليمن الحوثي العفاشي عام 2015م، انقسم عندها رجال المهجر إلى  قسمين، قسم شد أصحابه رحالهم وعادوا إلى الوطن للدفاع عن الدين والأرض والعرض، فمنهم من قضى نحبه مقدماً روحه فداء لعزة الدين وكرامة الأرض والعرض، ومنهم من ينتظر، والقسم الآخر كانوا هم السند واليد الباذلة للدعم والإسناد  بالمال والتي كانوا يستقطعونها من قوت أطفالهم.. فكانوا يواكبون الأحداث أولًا بأول، ولم يقتصر دعمهم على جبهات القتال بل تعدى دعمهم إلى ترميم الكثير من الخدمات العامة للمواطن، وكانوا وما زالوا على أُهبة الاستعداد لتلبية نداء الواجب».أبناء الجنوب في المهجر.. بين قساوة الغربة ومآسي الوطن​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى