مكتبتي.. للشعراء الذين لم يتكسبوا بشعرهم

> جميل عبد الرحمن*

> المكتبة الخاصة لي على ما بها من فوضى، جاء بها كتب تمثل الشعر وكتب تمثل النقد وكتب تمثل التراث الأدبي، وعلى الجانب الآخر مكتبة دينية، وهناك كتب تتعلق بالسياسة، تكونت هذه المكتبة بصورة عفوية، خاضعة للمزاج الشخصي للشاعر وبداية مكوناته، وبعد قراءة العديد من كتب كامل الكيلاني وسلسلة روايات الجيب والروايات العالمية، وجدتني مشدودا لكتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ولمختصر الأغاني، وربما يرجع الفضل إلى الأستاذ طاهر أبوفاشا، الذي كان يسحرنا بكتاباته ونحن صغار حول قصص ألف ليلة وليلة وعوالمها الغريبة وموسيقاها الموحية التي كانت تنطلق بنا إلي عوالم خفية يمتزج فيها السحر والخرافة والأساطير، ثم وجدتني مشدودا لطوق الحمامة لابن حزم الأندلسي، وبعض ما كتب عن الحب.
ولأنني كنت رئيسا للإذاعة المدرسية وجدتني مشدودا إلي الشعراء الذين لم يتكسبوا بشعرهم وعلى رأسهم طرفة وعنترة ولبيد، ثم شعراء آخرون كون جماعتهم عروة بن الورد زعيم الصعاليك، لأنهم كانوا أصحاب فلسفة اجتماعية، حيث تمردوا على واقعهم وأرادوا تحقيق نوع من العدل على الأرض، بأن يغيروا على قوافل الأغنياء ويقدموا الزاد والقوت للفقراء والمعدومين، ثم إنهم كانوا أصحاب أول حركة ماردة زلزلت سكونية القصيدة العربية، فكانت قصائدهم ثورة على الأوضاع وعلى الوضعيات الاجتماعية السائدة، وألغت من القصيدة وصف الناقة والمقدمات الطللية والغزل، وما كان تحتفي به  من الأغراض الأخرى، لأن القصيدة تحولت إلى صفحة ماردة عن حياتهم وعاداتهم وعن فلسفتهم الاجتماعية، وحسبهم أن قائدهم عروة بن الورد يقول: أفرق جسمي في جسوم كثيرة / وأحصد قراح الماء والماء بارد.
ومكتبتي تتمتع بعدد كبير من الإهداءات لشعراء وأدباء ومثقفين من أجيال متعددة، ومن ذلك جميع دواوين الشاعر الراحل محمد الجيار - رحمة الله عليه - ومن هذه الدواوين: وعلى الأرض السلام، محاكمة أمريكا، في البدء كان الحب، الحب لا يعرف الخريف، وهو لم يهدني الديوان الرابع، لأن الموت قد سبقه واختطفه وهو في الخامسة والأربعين من العمر، كما تحوي مكتبتي جميع دواوين الشاعر الكبير الراحل فاروق شوشة، والأعمال الكاملة له، وأيضا الكتب النقدية التي أبدعها مثل: لغتنا الجميلة، مشكلات معاصرة، الشعر أولا وأخيرا، العلاج بالشعر، شعراء مقتحمون، وقد شرفني أن يبدأ بي في هذا الكتاب، الذي كان في الأصل سلسلة مقالات نشرت بجريدة الأهرام.
تحوي مكتبتي، أيضا، في إطار الإهداءات: جميع دواوين الشاعر الكبير محمد مهران السيد، وأيضا جميع دواوين الشاعر الكبير أحمد سويلم وكتبه النقدية، وكذلك لدي إهداءات من متفرقات من دواوين الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة، ودواوين متفرقة للشاعر الرائد الكبير د. كمال نشأت، وديوانين بتوقيع الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي وهما: الفصول والموت على الأسفلت، وكذلك لدي الأعمال الكاملة للشاعر د. منير فوزي.
ومكتبتي ليست فقط مكونة من الإهداءات، فشراء الكتب عادة اكتسبتها منذ الصغر، ومن هنا توجد في المكتبة: دواوين نزار القباني، الأعمال الكاملة لأدونيس، الأعمال الكاملة لمحمد إبراهيم أبوسنة، العديد من الكتب النقدية للناقد الكبير محمود الربيعي وأهمها: قراءة الشعر، وفي الخمسين عرفت طريقي، وأيضا كتاب د. كمال نشأت حول قصيدة النثر، ودواوين الشاعر المبدع فوزي العنتيل: عبير الأرض، رحلة في أعماق الكلمات، وديواني الشاعر المتفرد فتحي سعيد: إلا الشعر يا مولاي، ثرثرة على مائدة ديك الجن.
ومكتبتي مليئة بالكتب النقدية منها: «بناء القصيدة العربية الحديثة والأقنعة التراثية» د. علي عشري زايد، «فن الشعر» د. محمد مندور، «في النقد الأدبي» د. شوقي ضيف، «في أصول الأدب» محمد حسن الزيات، «الحسن بن هانئ» لعباس محمود العقاد، وجميع عبقرياته، و «التصوف عند فريد الدين العطار» د. عبد الوهاب عزام.
كما أفرد في المكتبة ركنا خاصا بكتب التراث مثل: البخلاء للجاحظ، الكشكول للعاملي، عيون الأخبار لابن قتيبة، فضلا عن الأعمال الكاملة لأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، فضلا عن ترجمات متعددة تعودت على شرائها عاما بعد عام من معرض القاهرة الدولي للكتاب.
ولا تقتصر مكتبتي على الكتب السياسية والثقافية، بل لديّ ما يشبه المكتبة المستقلة للكتب الدينية، لاسيما التفسيرات المتعددة، وكتب الأحاديث النبوية، وسير الصحابة والتابعين، ولهذه المكتبة طبيعة خاصة، إذ تمتزج بها ما قمت بشرائه بجانب اختيارات زوجتي، التي تزودها من حين لآخر بأحدث الإصدارات.
*نقلا عن موقع أخبار الأدب​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى