«فورين أفيرز»: بعد الحديدة.. هزيمة الحوثيين والإصلاح رغبة أبوظبي لوضع فصائلها على رأس اللعبة السياسية

> واشنطن «الأيام» عن فورين افيرز

>  يقول بيتر سالزبري، الزميل البارز في تشاتام هاوس والمتخصص في شؤون اليمن إن المعركة على الحديدة قد تغير مسار الحرب الجارية منذ أكثر من ثلاثة أعوام ولكنها قد تأتي بثمن باهظ.
وأشار إلى أن «عملية النصر الذهبي» التي أعلنت عنها الإمارات العربية المتحدة في 13 يونيو، التي تهدف للسيطرة على ميناء الحديدة وطرد الحوثيين منه وهم الذين يسيطرون على معظم غرب ومناطق الشمال في اليمن.

ويقول إن الحرب في هذا البلد بدأت في سبتمبر 2014 عندما تقدم الحوثيون نحو العاصمة صنعاء واحتلوها وتوسع الانقلاب في مارس 2015 عندما قام تحالف بقيادة السعودية بشن حملة عسكرية لمواجهة الحوثيين الذين يتعاملون معهم كوكلاء عن إيران في حديقتهم الخلفية. ورغم الآمال بنصر سريع إلا أن الحملة دخلت حالة من الركود ترافقت معها محاولات عابثة لإقناع المتصارعين على حل سياسي.

وكانت آخر محاولة للتسوية قد انهارت في عام 2016. وفي الوقت نفسه انهار الوضع الإنساني بشكل كبير. وحسب الأمم المتحدة فهناك 8.4 مليون يمني يعيشون على حافة المجاعة و 14 مليوناً يحتاجون لنوع من المساعدة الإنسانية.
واليوم يتخندق كل طرف فيما يمكن أن يكون أهم معركة في الحرب منذ بدايتها. وبعد عام من التقدم على ساحل البحر الأحمر تقول القوات اليمنية التي تدعمها الإمارات إنها سيطرت على مطار الحديدة الواقع على أطرافها، وماذا سيحدث بعد كفيل بحرف مسار الحرب، فحرب شاملة قد تقلب ميزان القوى على الأرض وتؤثر بطريقة عميقة التسوية السياسية في المستقبل.

القوة المحركة
ويقول سالزبري إن نتيجة المعركة جذابة للإمارات وتعطيها الفرصة لأن يكون لها اليد العليا في اليمن. ولو لم تستطع الأمم المتحدة التوصل لتسوية قبل احتدام المعركة فمن سيدفع الثمن لها هم اليمنيون الفقراء المساكين. ورغم التركيز على السعودية إلا أن الإمارات هي القوة المحركة في عملية الحديدة وأثبتت طوال الحرب وبطريقة مفاجئة أنها قوة فاعلة على الأرض.

ففي عام 2015 ساعد دعاة الانفصال في الجنوب في صد الحوثيين وحلفائهم وطردهم من الميناء الجنوبي في عدن إلا أن المسؤولين في أبو ظبي عبروا خلال السنوات الثلاث الماضية عن إحباطهم من بطء التقدم على الأرض. ويعتقدون أن الهجوم على الحديدة هو الطريق الوحيد لكسر الجمود وفرض تسوية سياسية بناء على شروط التحالف. ومن هنا فالعملية للسيطرة على الحديدة يجري العمل عليها ومنذ سنوات.

ففي عام 2016 طرح الإماراتيون الهجوم على الميناء من البحر إلا أن الأمريكيين عارضوا الفكرة باعتبارها محفوفة بالمخاطر. ولكن الإماراتيين قاموا بتدريب 25000 مقاتل يمني للزحف على الميناء من البر. وتقوم هذه منذ بداية عام 2017 بالتقدم المطرد على طول ساحل البحر الأحمر باتجاه الحديدة. وتم نشر معظم هذه القوات على طول شاطئ تهامة أو في القاعدة البحرية في إريتريا.

وتعززت القوات المدعومة من الإمارات بانضمام جنود الحرس الجمهوري السابقين الذين كانوا موالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقاتل هؤلاء الجنود حتى عام 2017 إلى جانب الحوثيين والذي عقد معهم صالح تحالفاً غريباً استمر ثلاثة أعوام. وفي ديسمبر انهار التحالف مما أدى لقتال شوارع ومقتل صالح على يد حلفائه السابقين. ووضع مقتل الرئيس السابق حداً للمقاومة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إلا أنهم حرموا من الشرعية التي حصلوا عليها من التعاون حزب المؤتمر الشعبي أكبر الكتل في البرلمان. ولو سيطر التحالف على الحديدة فسيحرم الحوثيين من مورد مالي من الضرائب ومصادر أخرى تستخدم لدعم المجهود الحربي.

تهريب السلاح
ويقول قادة التحالف إن سيطرتهم تعني وقف تهريب السلاح مع أن عددا من الباحثين ولجان في الأمم لم يعثروا على أدلة تشير لاستخدام الميناء لتهريب السلاح. ومن هنا فقد عبر الحوثيون عن استعداد للمواجهة وبدا واضحاً من المقاومة التي أبدوها لمنع التحالف التقدم حتى لمركز المدينة إلا أن التحالف مستعد للمعركة.

ويعتقد سالزبري أن اهمية الحديدة مهمة للإماراتيين ليس من أجل كسر جمود المعركة وفرض تسوية بل كفرصة لوضع من تريدهم على رأس أية تسوية سياسية محتملة. فمن بداية الحرب دعمت الإمارات الحراك الجنوبي أو الانفصاليين والسلفيين. أما السعودية فدعمت الحكومة المعترف بها دولياً لعبد ربه منصور هادي، وتكتلاً من القوى السياسية والعسكرية والقبلية المرتبطة بحزب الإصلاح، الحزب الإسلامي الرئيسي ذا العلاقات مع حركة الإخوان المسلمين.
ويقول الكاتب إن التوتر بين الجماعات المختلفة داخل التحالف كان سببًا في عرقلة الجهود الحربية خاصة في المدن الجنوبية مثل عدن حيث دعمت الإمارات الانفصاليين في هجومهم على قوات موالية لهادي بداية العام. وفي تعز التي واجه فيها المقاتلون المرتبطين بالإصلاح مع الجماعات التي تسلحها أبو ظبي.

بوابة الإدمان
ويرى ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد  الإخوان المسلمين «بوابة الإدمان على التطرف» ويعتبرهم تهديدًا خطيرًا على المنطقة. ولهذا فهو والدائرة المحيطة به ليسوا راضين عن تبني هادي لحزب الإصلاح ونائبه وقائد القوات المسلحة علي محسن الأحمر المتعاطف مع الإسلاميين. وعليه فالقوات المشتركة التي تقاتل في معركة الحديدة هي الفصائل التي تريدها الإمارات البروز بعد الحرب فهي تمثل قوات محلية مثل مقاومة تهامة والحراك الجنوبي والجماعات السلفية المندفعة بحماس ديني ولكنها غير مهتمة بالرؤية التي يعبر عنها الإخوان المسلمون. ولو سيطرت الإمارات على الميناء فستكون في موقع من يملي القرار عليها. ومن المرشحين المحتملين هو طارق صالح، ابن أخي الرئيس السابق والذي يقود الحرس الجمهوري. ولو هزم الحوثيون فسيصبح صالح شخصية سياسية في داخل حزب المؤتمر الشعبي. وسيمثل الوصول للميناء فرصة أمام الإمارات لإضعاف الحوثيين و«الإصلاح». ولن يعارض السعوديون هذا خاصة أنهم يريدون التقدم على الأرض ويقدمون علاقاتهم مع الإماراتيين على أي علاقة مع الإصلاح الذي يعتمد على دعم الرياض.

ورغم ما ستؤدي إليه معركة الحديدة من تغيير في الدينامية السياسية اليمنية إلا أنها بالتأكيد ستؤدي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية. وتقول الأمم المتحدة إن نسبة 70 % من المواد الأساسية مثل القمح والأرز تمر عبره.
ووعد التحالف باستئناف العمليات الإنسانية سريعاً بعد السيطرة على الميناء. وهذا سيناريو غير محتمل، في ظل صعوبة التحالف السيطرة على المدينة، وهو عملية بسيطة وشارك فيها الطيران الجوي. وعليه فالسيطرة على الميناء ستكون مهمة أصعب خاصة إن حاول التحالف تجنب تدمير البنى التحتية له. وحتى لو تمت السيطرة على الميناء فمن غير المعروف كيف سيتم نقل المواد الغذائية في ظل استمرار وجود الحوثيين في مركز المدينة والطريق السريع ومناطق الشمال. ويريد التحالف تجنب حرب شوارع والتي ستكون مدمرة على سكان المدينة التي ستحرر نفسها بنفسها من الحوثيين كما يقول مع أن هذه القوات لم تعبر عن نفسها طوال السنوات الثلاث الماضية.

المخرج؟
ورغم تأكيدات التحالف أنه سيقوم بإدارة الميناء أفضل من الحوثيين، وبالتالي ستزيد عمليات نقل المواد الإنسانية إلا أن المتشككين يشيرون لميناء عدن الذي تسيطر عليه حكومة هادي منذ عام 2015 . ولهذا لا يوجد ما يضمن إدارة وتأمين الحديدة بعد
طرد الحوثيين. لكن ما هو المخرج؟
يجيب سالزبري أن الحل هو تسوية تجنب الميناء الدمار وهو ما يعمل عليه المبعوث الدولي مارتن جريفيس. وقال إنه تشجع بالإشارات الإيجابية من الحوثيين، فيما ألمح عبد الملك الحوثي عن إمكانية تسليم الميناء للأمم المتحدة مع أنه قال إنه سيجعله مقبرة للغزاة لو تم الهجوم. ويواجه المبعوث الدولي مهمة صعبة في ظل إصرار التحالف على انسحاب الحوثيين من الميناء ومركز المدينة. وفي حالة فشله فهناك إجماع عن اندلاع معركة طويلة وشرسة وستنتهي بسيطرة الجماعات التي تدعمها الإمارات على الميناء والمدينة.

وستدفع الإمارات بعد ذلك بالقوات نحو تعز حيث ستواجه الحوثيين و “الإصلاح”. وفي هذه الحالة ستكون المنطقة الساحلية وتعز تحت سيطرة القوات التي تدعمها الإمارات. ولو أوقف هذا الإنجاز إطلاق الحوثيين الصواريخ الباليستية على السعودية فستقبل الرياض بالتطورات. وفي النهاية لا يعرف إن كان الحوثيون سيقبلون بمطالب التحالف وتسليم أسلحتهم والإنسحاب وشجب إيران. وفي المقابل يخشى جريفيثس أن تؤدي الحديدة لإفشال جهوده إحياء العملية السلمية وتشدد الحوثيين تجاه التحالف وحكومة هادي والخاسر في كل هذا هم المدنيون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى