التعاطي الخليجي مع الإصلاح لن يخدم أجندة السعودية والإمارات باليمن

> أحمد جدوع*

>
على الرغم من القطيعة والأزمة غير المسبوقة بين دول الخليج وجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن ذلك لم يمنع من سعي الخليج وعلى رأسه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات من التقارب مع حزب الإصلاح الذراع السياسي لإخوان اليمن، وذلك أملا في أن يكون ذلك الرصاصة الأخيرة على الميليشيات الحوثية المنقلبة على الشرعية اليمنية.

وتسعى الدول الخليجية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية استعادة الوضع السياسي الذي شهده اليمن قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء بعد انقلابهم على شرعية الرئيس هادي.
وكانت ميليشيا الحوثي قد انقلبت بقوة السلاح على شرعية الرئيس اليمني منصور هادي، وهجّرت الناس، وفجّرت بيوتهم، وغزت المحافظات والمدن، وأنتجت جرائم حرب.
ويسيطر المسلّحون الحوثيون، المتّهمون بتلقّي الدعم من إيران، على محافظات يمنية، بينها العاصمة صنعاء وعمران، منذ 21 سبتمبر 2014.

 عملية عسكرية
وتقود المملكة العربية بمشاركة دولة الإمارات عملية عسكرية في اليمن منذ 25 من مارس من عام 2015، أطلق عليها «عاصفة الحزم» لاستعادة شرعية الرئيس هادي.
وعلى الرغم من حملات الاعتقال التي طالت أعضاء حزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن من القوات الجنوبية المدعومة إماراتياً، إلا أن علامات استفاهم كثيرة تحوم حول هذا التقارب.

أيضًا على الرغم من رعاية السعودية والإمارات للمبادرة الخليجية التي أنهت حكم صالح وانتصرت للثورة اليمنية، بقيت آنذاك خشية إماراتية سرعان ما تحولت لسعودية من صعود الإصلاح كقوة يمنية سياسية.

 المصالح تتصالح
وهذا ما دفع الإمارات إلى تغيير المشهد السياسي في البلاد لصالحها، ولتحقيق هذه الغاية عملت على حرمان الإصلاح من أي نفوذٍ في البلاد من خلال دعم الانفصاليين في الجنوب، وتشكيل ما بات يعرف بـ«الحزام الأمني الجنوبي».
لكن تغول الحوثيين واستهدافهم مدناً سعودية ومصالح إماراتية، بدا وكأنه جعلهما (السعودية والإمامرات) كمن يتجرع الدواء المر وقبول التفاهم مع الإصلاح.

تأييد للتحالف
وكان الإصلاح قد دعا مؤخراً أنصاره وأعضاءه إلى الانتفاضة الشاملة ضد الحوثيين في محافظة الحديدة غربي البلاد، بعد اتهامات وجهت إليه من التحالف بتعاونه مع ميليشيا الحوثي في معركة الحديدة.
وقال الحزب في بيان له: «إن المليشيات أهلكت الحرث والنسل وزجت بالمئات من أحرار البلاد وأحرار الإصلاح ونشطائه وقياداته في أكثر من 70 سجناً، بسبب رفضهم للانقلاب على الدولة والشرعية».

وحث حزب الإصلاح في بيانه أبناء تهامة، باستقبال قوات الجيش اليمني بكل تشكيلاته العسكرية استقبال المحررين الذين يذودون عن الوطن، في مختلف جبهات تحرير الحديدة وجبهات تحرير الوطن من طغيان مليشيات الحوثي الإرهابية.
وثمن البيان جهود دول التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة السعودية وإسناد دولة الإمارات حتى استعادة الحديدة اليمنية من أيد الانقلاب.

الحزب الخبيث
شنت صحيفة الرياض السعودية هجوما عنيفا على حزب التجمع اليمني للإصلاح، واصفةً إياه بـ «الخبيث»، واعتبرت في مقالها أن الإخوان لا يقلون خطرًا عن التمدد الإيراني في المنطقة.
لكن وبعد نشر المقال على الصحيفة، ذكرت وسائل إعلام أن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي أمر المسؤولين في صحيفة الرياض، بحذف المقال.

يذكر أن المقال المحذوف جاء تحت عنوان «إخوان اليمن والتكتيكات الخبيثة لركوب معركة الحديدة»، حيث تحدث كاتبه في أن دعوة حزب الإصلاح لأنصاره في الحديدة للانتفاضة ضد حكومة صنعاء مثيرة للجدل.
تلك الواقعة ربما تشير إلى كواليس تدار في الغرف المغلقة حول شكل العلاقة خلال الفترة المقبلة بين التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات وبين حزب الإصلاح اليمني، الذراع السياسية لجماعة الإخوان باليمن.

وكان التحالف العربي قد أعلن الأسبوع الماضي انطلاق عملية عسكرية، لتحرير مدينة وميناء الحديدة، بالتوازي مع عملية إنسانية ضخمة لتوصيل المساعدات إلى ملايين اليمنيين.
ونجحت القوات المشتركة، بمشاركة التحالف العربي، في تحرير مطار الحديدة، والتقدم باتجاه المدينة، حيث وصلت إلى مشارف المدينة الساحلية.

وفي نهاية العام الماضي اجتمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مع رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، محمد عبد الله اليدومي، لبحث مستجدات الساحة اليمنية، بعد مضي أكثر من أسبوع على مقتل الرئيس اليمني المخلوع.

ومن مدخل «إيران» إذن تجمع الرياض حلفاءها مجدداً، في سبيل تحقيق المصالح السياسية والتوسعية، فعلاقتهما بالحزب، التي عبّر عنها اليدومي بأنها «امتداد للعلاقة الأخوية بين الأشقاء في دول الخليج حكومات وشعوباً وبين الجمهورية اليمنية بكافة مكوناتها السياسية والاجتماعية والشعبية»، لم تكن حاضرة بقوة في سنوات ما بعد الانقلاب، بل سعت الإمارات إلى التضييق على نفوذ الحزب داخل اليمن.

من هو «الإصلاح»؟
يتألف حزب الإصلاح من مجموعة واسعة من القبائل، أبرزها قبيلة «الأحمر» القوية، ورجال الأعمال المحليين، والقادة السياسيين، الذين يسعون إلى إضفاء الطابع الإسلامي على الحياة العامة في اليمن، وقد ظهرت قوتهم الجماهيرية بوضوح خلال الثورة اليمنية عام 2011.

ومن أبرز وجوه الإصلاح الثورية الصحفية توكل كرمان، الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2011.
بدوره قال الناشط اليمني راشد الدويل، إن التحالف بقيادة السعودية لديه الاستعداد أن يتحالف مع الشيطان نفسه من أجل الخروج من اليمن بعد تورطه في مستنقع الحرب مع جماعة الحوثي.

عبث سياسي
وأضاف لـ«مصر العربية» أن التحالف بقيادة السعودية لديه تناقضات غريبة تجعل أعداءهم والموالين لهم لا يثقون فيهم، فهذا التحالف هو الذي تحالف من قبل مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ومن قبل مع جماعة الحوثي، وهذا يدل على أن السعودية لا تنظر لمصلحة اليمن بقدر ما تنظر لمصالحها.

فيما قال المحلل السياسي والباحث في الشؤون العربية عبدالشافي مقلد: «إن التعاون الخليجي الذى بدأ باللقاء والذي يعد الأول بين محمد بن زايد ولي عهد الإمارات ومحمد بن سلمان ولي العهد السعودي بقيادات حزب الإصلاح اليمني، الجناح السياسي لجماعة الإخوان باليمن، مرحلة جديدة للخارطة السياسية باليمن، حيث أن التحالف العربى والنظام اليمني الشرعي يبحث عن تحالفات جديدة بحيث تكون ما بين العسكرية والقبلية.

مواقف متناقضة
وأضاف في تصريحات لـ«مصر العربية» أن التحالف العربى يحاول بشتى الطرق إضعاف الحوثي وكسر الجمود العسكري، لذا قرر فتح قنوات تواصل مع جماعة الإخوان باليمن من شأنها صياغة مرحلة سياسية جديدة من التحالفات ما يُمكنها من فرض سيطرتها وتضييق الخناق على الحوثيين.

وأوضح أن البعض يرى التناقض في المواقف والتعاطي السعودي والإماراتي مع جماعة الإخوان حول العالم، فمثلا موقف هاتين الدولتين من إخوان مصر مختلف تمامًا عن موقفها مع الإخوان باليمن، ولكن السياسة ليست بها صداقات دائمة ولا عداوات دائمة إنما مصالح دائمة.

وتابع: على الرغم من هذا التعاطي الخليجي مع إخوان اليمن إلا أنني أراه غير مُربح سياسيًا ولن يخدم أجندة السعودية والإمارات باليمن.
* عن موقع (مصر العربية)​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى