بين عدن وصنعاء ومسقط.. المبعوث الأممي من الصفر إلى الصفر

> «الأيام» تقرير خاص

>  وصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيثس أمس إلى مطار صنعاء برفقة رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي، انتونيا كالفوبيورتا، في زيارة ثانية للمبعوث في أقل من أسبوعين.
وكانت مصادر رئاسية في عدن ذكرت خلال اليومين الماضيين أن جريفيثس سيزور صنعاء لإيصال رسالة إلى الحوثيين بأن "عليهم الانسحاب الكامل وليس المشروط من الحديدة وإلا سيتحملون مسؤولية ذلك".

مصادر سياسية ودبلوماسية يمنية أشارت إلى أن زيارة جريفيثس تأتي "لبحث وقف المعارك في الساحل الغربي وعودة مليشيا الحوثي إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الشرعية التي لا تزال متعثرة منذ عامين".
وكان الرئيس اليمني أبلغ المبعوث الأممي الأربعاء الفائت، خلال لقائه في عدن، أن على الحوثيين الانسحاب من مدينة الحديدة وليس من مينائها وحسب، ودخول قوات من وزارة الداخلية لضمان الأمن فيها كمدخل لتطبيق القرار الأممي 2216 المتضمن الانسحاب وتسليم السلاح.

وبحسب مصادر «الأيام»، فإن جريفيثس يعتزم أيضا عقد لقاء جديد مع الرئيس عبدربه منصور هادي، في العاصمة المؤقتة عدن، خلال الأيام القادمة.
ويسعى المبعوث الأممي للتوصل إلى تسوية مع التحالف وحكومة الشرعية بشأن مدينة الحديدة قبيل عرض خطته لاستئناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية أمام مجلس الأمن الدولي الأسبوع القادم.

وبعد ثلاث سنوات من الحرب لاتزال أطراف النزاع على اعتقاد أن المسار التفاوضي مرتبط دائمًا بالتقدم الميداني، وحيث تفشل الجهود السياسية تتدخل الآلة العسكرية لتعديل الموازين.
فحاليا القوات اليمنية الحكومية المسنودة بقوات التحالف العربي أجبرت الحوثيين- الذين كانوا يرفضون التفاوض الرسمي- على الجلوس للتفاوض، بعد تحقيقها انتصارات متسارعة في عدة جبهات أهمها جبهة الساحل الغربي والتي وصلت القوات المشتركة فيها إلى مشارف ميناء الحديدة بعد سيطرتها على مطار المدينة.

وخلال زيارة المبعوث الأممي الأخيرة استطاع أن يتوصل إلى اتفاق نادر حول ثلاثة إنجازات: «التفاوض، والموافقة على تسليم الميناء تحت إشراف أممي، وتوقف العملية العسكرية». ففي حين كانت التطورات العسكرية في بداية المعركة تشير لتقدم ملحوظ لقوات التحالف العربي دفعت الخسائر الحوثيين لبدء مفاوضات مع المبعوث الأممي من أجل تسليم ميناء الحديدة وفق شروط، أبرزها عدم اعتراض البضائع المتجهة إلى مناطقها وإلزام الحكومة الشرعية بتسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، وإيقاف الحرب وعدم استهداف مناطق جديدة تحت سيطرتها، وإلزام التحالف بإيقاف الغارات، وبدء مفاوضات سلام، مع وضع ضمانات كافية بعدم خرق وقف إطلاق النار.

جهود المبعوث الأممي تركزت بعد عملية (النصر الذهبي) في الساحل الغربي على مهمة إيقاف العملية العسكرية التي تتصدرها ألوية العمالقة والدعم والإسناد الجنوبية لتحرير ميناء الحديدة ومركز المحافظة، ما تسبب في ركود العملية السياسية بأفقها اليمني العام شمالا وجنوبا، وعرقل إطلاق “إطار المفاوضات” الذي كان جريفيثس قال إنه سيعلن عنه في منتصف يونيو.

وفي حين تقول حكومة الشرعية إنها ستحسم أمر الحديدة ومينائها عسكريا يؤكد التحالف العربي أن عملية الساحل الغربي تهدف إلى الضغط على الحوثيين وجرهم إلى طاولة المفاوضات، ما يشير إلى قناعة التحالف بأن جماعة الحوثي شريك أساسي وفاعل في أية تسوية سياسية تشرف عليها وتتبناها الأمم المتحدة، وأن الحسم العسكري النهائي لهزيمة الجماعة وإخراجها بعيدا عن دائرة القوى المحلية اللاعبة والفاعلة في حكم البلاد.. أمر مستحيل عجزت “عاصفة الحزم” عن تحقيقه خلال أربع سنوات من الحرب.
ويبدو أن الحديدة نفسها لن تسقط بسهولة، فالمساحات الشاسعة أفشلت أيضًا سيناريو العام الماضي الذي تمثل في هجوم متعدد الأطرف من الشمال والجنوب، قبل أن تتراجع عنه القوات التي وجدت أن تلك الخُطة تُطيل الحرب وتستنزف التحالف، فالكثافة السكانية للمدينة تزيد المعاناة الإنسانية القائمة، وقد تجعل دول التحالف أمام مساءلة.

ويرى محللون عسكريون أنه في حال “سقط المطار والميناء فلا يزال أمام التحالف نحو 20 مديرية ما زالت في قبضة الحوثيين، وأن مسرح الكر والفر لن ينتهي بسهولة".
وفي حال سلّم الحوثيون الميناء يرجح هؤلاء المحللون استمرار المعارك في مديريات المحافظة “لإجبار الحوثيين على التقهقر نحو العاصمة صنعاء التي تبعد نحو 220 كم عن الميناء، والتي ستسقط تدريجيًا، وهو ما سيترتب عليه فقدان جماعة الحوثي حضورها السياسي في المشهد اليمني للأبد بخسارتها مزيد من الأراضي الاستراتيجية”.

ووفقا للعسكريين أنفسهم، فإنه "بالرغم من أن جماعة الحوثي أجبرت خصومها على الجلوس معها على طاولة المفاوضات، إلا أن التفاوض نفسه قد يكون سببًا في خسارة الجماعة ما ظلت محتفظة به لسنوات".
يُشار إلى أن محافظة الحديدة تتكون من 26 مديرية، كانت تُسيطر القوات المدعومة إماراتيًّا منها على مديريتي الخُوخة، وحَيْس، قبل بدء عملية «النصر الذهبي»، وبعد ثلاث أسابيع من القتال تقدمت القوات في مديريات التحيتا وبيت الفقيه والحسينية، كما سيطرت على أجزاء واسعة من مديرية الدريهمي، وعلى مناطق الإمداد الاستراتيجية: مفرق زبيد والفازة، لكنّ طول المعارك في الساحل الغربي السهل من الناحية الديموغرافية مقارنة ببقية المناطق الجبلية التي يسيطر عليها الحوثيون، أعطى إشارة إلى أنّ أسوأ ما سيواجه عمليات التحالف العسكرية لم يأتِ بعد.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى