كواليس الحملة القطرية لاستمالة واشنطن
> واشنطن/نيويورك «الأيام» رويترز
> في جو من الألفة الشديدة تجمع بضع عشرات من بينهم أعضاء في الكونجرس ومسؤولون في الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي على عشاء في أحد الأحياء الراقية في واشنطن على شرف وزير الخارجية القطري.
كان هذا المشهد يختلف كل الاختلاف عما كان عليه الحال قبل عام.
وفي ذلك الوقت مر عشاء مع مسؤولين قطريين في مطعم بواشنطن لكسب تأييد أعضاء في الكونجرس في هدوء دون أن يشارك فيه أي فرد من أصحاب النفوذ في إدارة ترامب على حد قول واحد من المشاركين فيه.
وقال جوي اللحام المستشار السابق لقطر الذي تقاضى 1.45 مليون دولار، بما فيها المصروفات، نظير عمله في مناصرة قضيتها «عندما حدث الحصار لم تكن قطر موجودة في الكونجرس».
وقال عدد من أعضاء جماعات الضغط القطرية إن هذه الاستراتيجية التي كلفت قطر، العضو في منظمة أوبك، عشرات الملايين من الدولارات تركزت على الوصول للمقربين من ترامب وعلى الضغط لاستمالة أعضاء الكونجرس.
توترات تحت السطح
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن ترامب يريد «تهدئة الخلاف وتسويته في نهاية المطاف لأنه لا يفيد إلا إيران».
وقال مسؤول إيراني كان يشغل في السابق منصب سفير بلاده لدى الإمارات إن هذه المقاطعة تنتهك «حق دولة مستقلة مثل قطر في اختيار حلفائها».
وقال يوسف العتيبة سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة «بدلا من الأمل في أن تفرض واشنطن حلا للأزمة يجب على قطر أن تقيم حوارا مباشرة مع الإمارات وجيرانها».
معركة جماعات الضغط
تتمتع قطر بثروة هائلة بفضل احتياطياتها من الغاز الطبيعي وقد أنفقت ما لا يقل عن 24 مليون دولار على الاستفادة من جماعات الضغط في واشنطن منذ بداية العام 2017.
وقد استعانت قطر ببعض المقربين من ترامب. فقد قال رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني إنه عمل لحساب القطريين في تحقيق، وزار الدوحة قبل أسابيع من اختياره محاميا شخصيا لترامب في أبريل.
أما خصوم قطر فقد شنوا حملة هائلة من جانبهم. وأنفقت كل من الإمارات والسعودية نحو 25 مليون دولار في الفترة نفسها واستعانتا بشخصيات مثل إليوت برويدي الجمهوري المتخصص في جمع التبرعات والمقرب من ترامب.
وفي ذلك المؤتمر كشف إد رويس رئيس لجنة الشؤون الخارجية صاحبة النفود الكبير عن مشروع قانون لاعتبار قطر من الدول الراعية للإرهاب. وقدم رويس مشروع القانون إلى الكونجرس بعد المؤتمر بيومين.
وقال اثنان من العاملين بجماعات الضغط إن قطر «حشدت كل طاقاتها في الكونجرس» لمعارضة مشروع القانون ومنها أنها وجهت في هذا الإطار نداء إلى مكتب بول رايان رئيس مجلس النواب.
وأحال مكتب رايان الأسئلة عن مشروع القانون إلى كيفن مكارثي زعيم الأغلبية في مجلس النواب الذي لم يرد على طلب للتعليق.
وقال برويدي الذي رفع دعوى على قطر يتهمها فيها باختراق رسائل بريده الإلكتروني «من المفهوم أن القطريين استدعوا كل العاملين لحسابهم في جماعات الضغط وأنصارهم لمحاولة تعطيل مشروع القانون لكن الفصل الأخير في هذه المسائل لم يكتب بعد».
وعندما سألته رويترز عما إذا كان قد قام بدور فيما يتعلق بمشروع القانون، أجاب برويدي «أتمنى لو كان مشروع القانون فكرتي لكن الحقيقة هي أنه لم يكن كذلك، ولم يكن لي مطلقا أي علاقة به».
تحالفات غير متوقعة
ومن تلك اللقاءات اجتماع منفرد استمر ساعتين مع أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وقال كلاين إن المسؤولين القطريين وعدوه بمنع عرض فيلم وثائقي لقناة الجزيرة ينتقد أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة وباستبعاد الكتب المناهضة للسامية في معرض للكتاب بالدوحة والعمل من أجل إطلاق سراح إسرائيليين مخطوفين.
وفي غضون أسبوع من هذا اللقاء أعلنت شركة الخطوط الجوية القطرية أنها ستشتري ست طائرات من بوينج قيمتها 2.16 مليار دولار. وامتنعت بوينج عن التعقيب.
وقال جاسم آل ثاني المتحدث باسم السفارة القطرية في واشنطن «إحلال الحقيقة محل أكاذيب دول الحصار استغرق وقتا وتطلب موارد بما في ذلك دعوة وفود لزيارة قطر والتحقيق في الحصار بنفسها».
بقلم لورانس دليفيني ونيثان لاين وكارين فريفلد ...شارك في التغطية جون ولكوت ويارا بيومي في واشنطن ونوح براوننج وباريسا حافظي في أنقرة.
وجلس وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين بجوار الوزير القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.. وقال منوتشين للوزير «لقد كنت صديقا عظيما للولايات المتحدة».
فقد قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في يونيو حزيران 2017 واتهمتها بإذكاء نيران الاضطرابات الإقليمية ودعم الإرهاب والتقارب مع إيران. ونفت الدوحة هذه الاتهامات كلها.
وفي أعقاب المقاطعة نشر الرئيس دونالد ترامب تغريدات تشير إلى أن قطر تمول الإرهاب وذلك رغم أن مسؤولين أمريكيين آخرين شددوا على كونها حليفا للولايات المتحدة.
ومر عام ولا تزال المقاطعة قائمة إذ فشل الطرفان في تسوية نزاعهما. غير أن مقابلات مع مستشارين من الجانبين كشفت أن قطر تمكنت من إقناع بعض أعضاء الكونجرس والأمريكيين من أصحاب النفوذ أنها حليف للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب وضحية لمقاطعة ظالمة.
كما أوضح مستشارون وبيانات نشرت على الملأ أن قطر استعانت ببعض الشخصيات المقربة من ترامب وتعهدت بضخ مليارات الدولارات في استثمارات أمريكية وتكفلت بمصروفات زيارات للدوحة.
جاءت مقاطعة قطر في أعقاب توترات طويلة تحت السطح في منطقة الخليج إذ غضبت دول مثل السعودية والإمارات من لعب الدوحة دورا أكبر من حجمها في الشؤون الإقليمية ومن دعمها لفئات بعينها في انتفاضات وحروب أهلية وكذلك انخراطها في الوساطة في اتفاقات سلام في منطقة الشرق الأوسط.
ووجدت الولايات المتحدة التي تربطها علاقات تحالف وثيقة بدول الجانبين نفسها بين شقي الرحى وحاولت الوساطة دون طائل. وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية إن بلاده تخشى أن يسمح هذا الخلاف لإيران بتعزيز وضعها في منطقة الخليج إذا ما أيدت طهران القطريين.
وفي واقع الأمر تحسنت العلاقات بين إيران وقطر منذ المقاطعة. ففتحت طهران مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية القطرية عندما أغلقت السعودية والدول الأخرى مجالها أمام الطائرات القطرية، وأعادت قطر العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إيران.
وامتنعت وزارة الخارجية الإيرانية عن التعقيب.
ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلب للتعليق على الأمر.
تتمتع قطر بثروة هائلة بفضل احتياطياتها من الغاز الطبيعي وقد أنفقت ما لا يقل عن 24 مليون دولار على الاستفادة من جماعات الضغط في واشنطن منذ بداية العام 2017.
وتبين وثائق مقدمة لوزارة العدل أن ما أنفقته قطر على جماعات الضغط بلغ 8.5 مليون دولار في عامي 2015 و2016.
وامتنع جولياني عن الخوض في التفاصيل وقال لرويترز إنه لم يتحدث مع ترامب في أمر عمله لحساب قطر.
وفي مايو من العام الماضي مول برويدي مؤتمرا عن قطر وجماعة الإخوان المسلمين التي اتهمتها مصر وغيرها من خصوم قطر بالإرهاب حسب ما قاله مارك دوبويتز رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية تولت تنظيم المؤتمر.
ولم يستجب مكتب رويس لطلب التعليق.
وتعطل مشروع القانون في الكونجرس.
صورة من أرشيف رويترز للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدى اجتماعه مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني في البيت الأبيض بواشنطن.
وتنفي قطر اتهاماته لها باختراق بريده الإلكتروني.
تحالفات غير متوقعة
سعت قطر للتواصل مع حلفاء مستبعدين. ففي يناير كانون الثاني رتبت جماعات الضغط القطرية سفر مورتون كلاين رئيس المنظمة الصهيونية في أمريكا في الدرجة الأولى على الخطوط الجوية القطرية وحجزت له الإقامة في منتجع فندق شيراتون جراند الدوحة لحضور لقاءات مع قادة البلاد.
وقال كلاين إن المسؤولين القطريين وعدوه بمنع عرض فيلم وثائقي لقناة الجزيرة ينتقد أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة وباستبعاد الكتب المناهضة للسامية في معرض للكتاب بالدوحة والعمل من أجل إطلاق سراح إسرائيليين مخطوفين.
ولا يزال كلاين ينتقد قطر لكنه قال في مقابلة الأسبوع الماضي إنه تشجع ببعض الخطوات التي اتخذت لمعالجة مخاوفه. وقال إن قناة الجزيرة لم تبث الفيلم الوثائقي وإنه يواصل العمل مع المسؤولين في المسائل الأخرى.
وفي الخريف الماضي التقى ترامب بالشيخ تميم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال أحد أعضاء جماعات الضغط العاملين لحساب قطر إن رسالة الدوحة للولايات المتحدة تمثلت في أنها ستنفق المزيد من المال على القاعدة الأمريكية في البلاد وتشتري المزيد من الطائرات من شركة بوينج.
كما التقى الشيخ تميم بترامب في البيت الأبيض في أبريل نيسان.
بقلم لورانس دليفيني ونيثان لاين وكارين فريفلد ...شارك في التغطية جون ولكوت ويارا بيومي في واشنطن ونوح براوننج وباريسا حافظي في أنقرة.