أزمة مياه حوطة لحج عبء أثقل كاهل الأهالي

> تقرير/ هشام عطيري

>  تلاحق أهالي الحوطة عاصمة محافظة لحج أزمات مستمرة في مختلف المجالات الخدمية، وأهمها خدمة المياه التي وصلت مؤخراً إلى حد لا يطاق.
أزمة متفاقمة دفعت بالعديد من المواطنين وفاعلي الخير إلى حفر آبار في مختلف أنحاء المدينة بلغت في الوقت الحاضر نحو 25 بئرًا، بعد أن عجزت المؤسسة عن توفير الخدمة لهم.

وفي المقابل تحولت هذه المشكلة لدى البعض لتجارة رائجة ورابحة، إذ تزايدت مؤخراً السيارات الخاصة ببيع الماء على المواطنين في كل أرجاء المديرية.
وحمّل أهالي، في أحاديثهم لـ«الأيام»، السلطات المتعاقبة بالمحافظة مسؤولية ما يحدث لهم من أزمات متلاحقة في الخدمات الأساسية ومنها المياه.

أزمة متفاقمة
وبحسب تقرير حديث صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فإن «أزمة المياه  بالحوطة بدأت بالظهور منذ العام 2007م، ثم تفاقمت لتصل إلى حد الانقطاع ما جعل المواطنين وفاعلي الخير يقومون بحفر آبار ارتوازية جديدة في المدينة، بالإضافة إلى تشكيل لجان أهلية لتوصيل المياه إليهم مقابل استلام مبالغ شهرية تصل إلى 100 ريال من كل منزل دون القيام بالفحص المختبري لتلك المياه للتأكد من سلامتها للاستهلاك الآدمي».

وأشار التقرير، الذي تحصلت «الأيام» على نسخة منه، إلى أن «مؤسسة المياه بدأت بالانهيار التدريجي منذ العام 2011م نتيجة لامتناع غالبية المواطنين عن سداد رسوم استهلاك المياه، إضافة إلى ما تعرض له خط الضخ الواصل للمدينة من اعتداءات أدت لعمل فتحات من قبل أهالي القرى الواقعة على خط الضخ وهو ما تسبب في الأخير بعدم وصول الخدمة للمدينة بشكل كامل، فضلاً عن عدم إغلاق بعض المحابس المغذية لمناطق أخرى دون أن تقوم المؤسسة بواجبها تجاه ما حدث نتيجة لعدم توفر الإمكانات، الأمر الذي أدى إلى تقليص عملية تسديد فواتير المياه للمستهلكين الذين بلغوا ما يقارب 20000 مستهلك، ولم يقم بعملية التسديد سوى 900 شخص، أغلبهم من مناطق مديرية تُبن».

من أسباب الانهيار
ومما زادت أوضاع المؤسسة تدهورًا، بحسب التقرير، هو توقف البرنامج الاستثماري للمؤسسة منذ العام 2013 حتى اليوم.
وأوضح التقرير أن «الحرب التي شهدتها المحافظات الجنوبية عام 2015م من قبل المليشيات الحوثية وانتهت بتحريرها من قبل المقاومة الجنوبية تسببت بأضرار لجميع المرافق الحكومية، ومنها مؤسسة المياه التي شهدت أعمال سلب ونهب في مركزها الرئيسي ومنشآتها، وكذا تدمير المبنى الإداري للمؤسسة والاعتداء على حقول المياه دون أن تحرك ساكنا».

وأشار تقرير صادر عن المؤسسة إلى «نهب كافة المستودعات والمواد الموجودة بداخل المؤسسة، مما أدى إلى ضعف دورها  في مواجهة أي عطب قد يحدث في الآبار أو خطوط الاسالة أو الضخ ومحطات الضخ، وهو ما من شأنه أن يسبب بتوقف ضخ المياه إلى المستفيدين».

محاولات للإصلاح
وبدأت السلطة المحلية عقب تحرير المدينة من قوات الحوثي وصالح بمحاولة لانعاش مؤسسة المياه لإيصال الخدمة للمواطنين، غير أن وضع الحقل في مغرس ناجي والانقطاعات المستمرة للكهرباء حال دون ذلك رغم الجهود التي بذلت، إضافة إلى وضع الشبكة المتدهور في المدينة التي تحتاج إلى اعادة تأهيل، خاصة مع محاولة قيام المؤسسة بعملية الضخ للمدينة خلال الفترة الماضية والتي تبيّن فيها تسرب المياه في العديد من الفتحات تحولت على إثره بعض الشوارع إلى سيول من المياه».

مشاريع تأهيلية
ودفعت معاناة الناس في لحج ومناشداتهم الهلال الأحمر الإماراتي ودولة الكويت إلى تنفيذ العديد من مشاريع مثل إعادة تأهيل البنية التحتية للمياه في حقل مغرس ناجي وبعض المناطق في تُبن، إلا أن كل تلك المشاريع التي تم تنفيذها لم تحسن الوضع ولم تصل المياه إلى المستفيدين في مدينة الحوطة، نتيجة لما يعانيه خط الضخ من فتحات، وعدم توفر الأيدي العاملة في المؤسسة لمتابعة ايصال المياه للمدينة بشكل جدي.

تشكيل لجنة للمعالجة
وأكد المحافظ اللواء ركن  أحمد عبدالله تركي عقب تعيينه بأنه سيولي جانب الخدمات اهتماما كبيراً وخاصة الكهرباء والمياه.
وقال في لقاء موسع له جمعه في وقت سابق بمشايخ وأعيان لمناقشة قضية الخدمات في الحوطة وتُبن: «على الرغم من أن قطاع المياه تحصل على أكبر دعم من قبل الهلال الأحمر الإماراتي ودولة الكويت الشقيق لتحسين مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين إلا أن الحوطة مازالت تشهد أزمة مياه في ظل العديد من المعالجات التي تم الاتفاق على تنفيذها مع إدارة المياه، ومنها قرار إيصال المياه لمدينة الحوطة خلال الشهرين الماضيين، وهو ما لم يحدث»، مؤكداً بأن هناك فرصة أخيرة لإدارة المياه خلال الـ 15 يوما القادمة لايصاله إلى المدينة وضواحيها.

غير أن قيادة المؤسسة لم تنجح خلال المهلة التي حددها المحافظ بـ 75 يوما من ايصال المياه للمدينة، للعديد من العوامل أبرزها: عدم توفر الامكانات، ووضع الكهرباء في الحقل والانقطاعات المستمرة، وعزوف العديد من العمال عن العمل لعدم حصولهم على المستحقات الكافية لعملهم الإضافي في ظل محدودية ايرادات المؤسسة.

وهي الأسباب التي دفعت بالمحافظ إلى تشكيل لجنة برئاسة وكيل المحافظة وضاح الحالمي، وعضوية مدير الشكاوى والتظلمات لؤي الصبيحي، ونائب مدير المرور محمد الرجاعي، وعدد من العقال والمشايخ، بالإضافة إلى ممثل عن السلطة المحلية بالمديرية، وهدفت اللجنة المشكلة إلى مساعدة قيادة المؤسسة في ايصال المياه للمدينة.

واكتشفت اللجنة من خلال نزولها المداني وجود العديد من الاشكاليات، منها عمليات توصيل عشوائي على طول الخط الناقل، إضافة إلى عدم تحكم المؤسسة بالفتحات من خلال برنامج محدد، وهي الأمور التي تسببت بعدم وصول المياه إلى الأهالي في المدينة.

وعملت اللجنة بشكل متواصل وبالتعاون مع عدد من الأجهزة الأمنية، كما تمكنت من اتخاذ العديد من الاجراءات لمعالجة قضية الفتحات والربط العشوائي وانتظام الكهرباء في الحقل، ووضع الشبكة المتهالكة في المدينة، وقد بدأت معها تباشير انفراج للأزمة.

وأوضح مصدر في اللجنة لـ«الأيام» أن «إيصال المياه يتطلب من المؤسسة عملية متابعة مستمرة وعمل ميداني لمتابعة أي اشكاليات قد تواجه الفنين في الخطوط لمعالجتها».
وأكد أن «وضع المياه لن يتحسن في المدينة إلا بإعادة عمل مشروع المياه والصرف الصحي الذي توقف خلال فترة الحرب، والذي يشمل توصيل خطوط رئيسية وفرعية لمختلف انحاء المدينة مع تركيب 5000 عداد مياه جديدة للمستهلكين، حيث إن عودة العمل بالمشروع سيسهم في تحسين مستوى الشبكة في المدينة، إلا أن تأخر البدء بأعمال المشروع يثير العديد من التساؤلات رغم الموافقة من قبل جهات التمويل على اعادة العمل به، إضافة إلى انجاز استكمال مشروع الخزان البرجي وإنشاء خط ناقل جديد من حقل مغرس ناجي إلى الحوطة».

وأشارت بعض المصادر إلى أن إحدى المنظمات الدولية أبدت موافقتها على مشروع الخط الناقل بطول عشرة كيلو أمتار، غير أن هناك من ألغى هذا المشروع الهام للمدينة، الأمر الذي يستدعي تحرك السلطة المحلية بلحج، ومساءلة الجهات المختصة في المياه حول أسباب إلغائه.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى