بين الإثارة والتوظيف السياسي.. مؤتمر صحفي يفند مزاعم السجون السرية بعدن

> عدن«الأيام» رعد الريمي

>
الميسري: تقارير أسوشييتد بريس لتشويه حال أوضاع السجون بالجنوب وجهود الأمن العاملة بقرارات رئاسية

 فند مؤتمر صحفي أقامته منظمة حق للدفاع عن الحقوق والحريات صباح امس بقاعة البتراء بالعاصمة عدن، نظم تحت مسمى «مزاعم السجون السرية في اليمن بين الإثارة الإعلامية والتوظيف السياسي»، حضره مدير إصلاحية سجن بئر أحمد غسان عبدالباري، ومدير عام الشؤون الاجتماعية بعدن أيوب أبو بكر، واستاذ القانون العام المشارك بكلية الحقوق بجامعة عن د.يحيى قاسم سهل، والصحفي محمد ناصر العولقي، وممثل رابطة أسر ضحايا الأعمال الإرهابية، وعدد من الحقوقيين والنشطاء والإعلاميين.
وبحسب منظمة حق للدفاع عن الحقوق والحريات ومدير إصلاحية سجن بئر أحمد وحقوقيين واعلاميين، فإن ما ورد من مزاعم تفيد بوجود السجون السرية، ومن ضمنها تقرير وكالة الاسوشييتد برس الأمريكية، تعتبر ضمن الإثارة الإعلامية التي تستهدف جهود قوات الأمن الجنوبية في محاربة الإرهاب بدعم التحالف العربي.

حقوق الإنسان
وبالمؤتمر قال استاذ القانون العام المشارك بكلية الحقوق بجامعة عن د.يحيى قاسم سهل إن «مواضيع الحقوق والحريات العامة باليمن تعتبر من اهم المواضيع المثارة محليا ودوليا، ناهيك عن الصراع الطويل الذي دار بشأن الحقوق والحريات العامة، سواء كانت طرقها لغرض تسيسها أو تدويلها أو البحث عن أولوية لهذه الحقوق، ناهيك عن التحفظات الدولية بشأن الشرعية الدولية لحقوق الإنسان».

وأشار سهل إلى أن الأوضاع في اليمن مؤلمة وخاصة انها تتزامن مع حرب عبثية لا أفق يبدو منها، الأمر الذي جعل اوضاع حقوق الإنسان صفرا سواء الحقوق السياسية أو الاقتصادية او الثقافية.
وأوضح سهل أن تقارير رصد حقوق الإنسان بوصفها الوسيلة الوحيدة لحماية هذه الحقوق وصيانتها، غير انها لا علاقة لها بالكتابات الصحفية مهما كانت نوايا أصحابها، ومنهم «ماجي مايكل» وغيرها من الباحثين عن الشهرة.

ونوه سهل إلى أن «اليمن حالها لا يسر صديقا غير أنها تسر بعض الأعداء.. وكحقوقي فإنني لا أعطي بالاً لما كتبته ماجي من تلفيق، بحسب محمد العولقي، ولكن لا ينفي هذا ان غياب الدولة سواء في أحوال البلد أو الإرث المؤلم لحقوق الإنسان في بلادنا الذي أُنتج من ناحية إدارة الدولة من قبل المخلوع سيئ الذكر، كل هذا يجعلنا نرفض أي مساس بحقوق وحريات أي مواطن يمني ونرفض أيضا التشهير المذل بكرامة المواطن اليمني بالطريقة التي اعتمدتها الوكالة الصحفية الأمريكية وكذبتها.
وأشار سهل إلى اننا كناشطين حقوقيين ومجتمع مدني وشخصيات وهيئات اجتماعية علينا الاستمرار في مراقبة والاطلاع على أحوال السجون والمساجين بشكل دائم.

منظمة حق تحقق في الادعاءات
من جهته تحدث رئيس منظمة حق للدفاع عن الحقوق والحريات الباحث الخضر الميسري قائلاً  «فإننا بحديثنا اليوم ننطلق من التزامنا بالمبادئ الاساسية لحقوق الإنسان واستنادا إلى منهج المنظمة الهادف للوصول إلى الحقيقة وتعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته والعمل على أن يكون مجال حقوق الإنسان بعيداً عن التوظيف والاستغلال السياسي والحفاظ على امن وكرامة الإنسان واحترام سلطة النظام والقانون».

وأشار الميسري إلى ان «المنظمة اقدمت على عدد من الخطوات والإجراءات والتحقيقات حول ما تضمنه تقرير وكالة الأسوشييتدبرس المشير  للتعذيب وانتهاكات بمختلفة سجون عدن».
ويجدر الإشارة إلى ان وكالة أسوشييتد بريس- وهي وكالة أنباء أمريكية غير ربحية تأسست في مايو 1848 -  نشرت تقريرين، الأول في يونيو 2017م، والثاني في يونيو 2018م  تضمنا الإشارة إلى وجود سجون سرية في الجنوب (عدن وحضرموت).

ونوه الميسري إلى أنه ومهما كانت اهداف ذلك التقريرين فإننا نستشف إلى ان الهدف من التقريرين هما الوقوف على الحقيقة وتحسين حال الحريات والحقوق الخاصة بنزلاء السجون أو أن تكون هادفة لتشويه حال اوضاع السجون في مناطق ومدن الجنوب والهدف للنيل من دور دولة الإمارات العربية المتحدة وقوات الأمن الجنوبية وخاصة قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية وهي قوات رسمية بقرارات رئاسية صادرة عن رئيس الجمهورية.

ومهما كانت اهداف ذلك التقرير ومعدوه فإننا نتحرك ونعمل منطلقين من كوننا منظمة حقوقية إنسانية مدنية، وكوننا كذلك فإننا سنأخذ بالافتراض الذي يعتمد حسن النية وهو هدف تحسين وتعزيز حقوق الإنسان وممارسة وتصرفات رجال الأمن والضبط والإصلاحيات والسجون والنيابات والمحاكم وكل من تقع على عواتقهم مسئوليات نحو نزلاء السجون ممن هم متهمين محكومين، ومعتقلين موقوفين.

وأشار الميسري إلى ان الصحفية «ماجي ميشيل» كاتبة التقرير زارت مدن ومناطق يمنية عديدة ترزح بالسجون السرية ويقع معظم هذه السجون خارج نطاق السلطات الرسمية، غير انها وبكل أسف خصت بتقريرها مدينة عدن فقط وخاصة انها زارت المناطق التي يسيطر عليها مليشيات الحوثيين وكذا مدينة تعز ومكثت في مدينة تعز.

طرق تعذيب خرافية أشار لها التقرير
وشككت المنظمة في التقرير الذي ألمح إلى طرق التعذيب مستعرضة المنظمة عددا من الطرق كطريقة «الشواية» كواحدة من طرق التعذيب التي تربط المسجون حول سيخ كالذبيحة وتدور بسرعة هائلة وسط حلقة من النار وعلقت المنظمة على هذه الطريقة بقولها: كيف لنا ان نفهم ذلك؟
كما استغربت المنظمة من الطريقة الاخرى وهي تكديس العشرات من السجناء في مستودع حاوية سعة (3×10) متر، حيث تعصب أعينهم وتقيد أرجلهم وأيديهم لأشهر متتالية، واستغربت المنظمة ذلك بقولها: كيف للإنسان ان يبقى على قيد الحياة في هذه الحالة، وخاصة ان حالة التعذيب تستمر لأشهر؟
كما استغربت المنظمة من إشارة الصحفية للطريقة الأخرى وهي ان يعلق شخص مكبل اليدين والقدمين لستة أشهر حتى أثناء النوم وتعجبت المنظمة بقولها: كيف يعيش هذا الشخص وكيف يأكل وكيف يشرب وكيف يقضي حاجته وهل سيعيش هذا المسجون وهو محروم من الطعام ومعلق لأشهر؟
ونوهت الصحيفة إلى غياب حثيثات مهمة في اعتقادها إزاء عدد من التقارير التي تجرى مع من انتهكت حقوقهم كلقاء مدير وإدارة مصلحة سجن بئر احمد كجهة مستهدفة ضمن التقرير، وكذا السيدين النائب العام ورئيس النيابة كسلطات قضائية مستقلة للخروج بنتائج إيجابية تحفظ سلامة التحقيقات من العيوب والشوائب وخاصة أن التقارير نشرت في كبريات الصحف ووسائل الاعلام العالمي غير ان ذلك لم يحدث.

واتهمت منظمة حق معدي التقرير وانهم تلقوا معلومات مبالغ فيها تمت صياغتها بطريقة متعمدة تهدف إلى تشويه دور الاجهزة الامنية بدوافع سياسية محضة.
وفندت المنظمة التقرير بقولها إن تقرير أسوشييتد بريس الذي نحن بصدده فاقد للموضوعية ولا يستند إلى أدلة ووقائع ملموسة ولا أساس قانوني له وهو عبارة عن تقرير تضمن ادعاءات وفقا لمعلومات تسلمتها السيدة ماجي مشيل (كاتبة التقرير) من جهة سياسية لا تتمنى ان ترى مدن ومناطق الجنوب تنعم بالأمن والاستقرار لاسيما بعد مقاومة الإرهاب وتقويضه وإفشال سلسلة من اعمال العنف التي أضرت بالجانب الإنساني في مدينتي عدن والمكلا طيلة العوام الثلاثة الماضية.

مدير إصلاحية بئر أحمد وادعاءات التقرير
بدوره علق مدير مصلحة سجن بئر أحمد، غسان عبدالباري على ما وصفه بالادعاءات والافتراءات المضمنة في تقرير وكالة «أسوشييتد برس» – يونيو 2018، وخاصةً ما تناوله عن إدارة سجن بئر أحمد، بالتساؤل عن كيفية تصنيف السجن بأنه معتقل سري، بينما تم افتتاحه بحضور النائب العام ومدير أمن عدن، ومن ناحية أخرى زيارة الأسر لنزلاء السجن، وهو ما ينفي كافة الادعاءات الواردة في التقرير.
 وقال عبدالباري «كما قامت منظمة الصليب الأحمر والمنظمات السامية لحقوق الإنسان والجانب الحكومي ممثلًا بنائب وزير الداخلية، بزيارة ميدانية إلى الإصلاحية، وتحدثوا مع النزلاء، ولم يُقدم أي بلاغ لتعذيب كما رُوج له في تقرير الوكالة، وهذا دليل قاطع على عدم مصداقيته».

وتطرق في حديثه إلى قيام إصلاحية السجن بواجباتها تجاه النزلاء من خلال توفير الرعاية الصحية وتقديم الدعم النفسي، بعكس ما ورد في تقرير الوكالة عن تعذيب نفسي وجنسي للنزلاء، في أيام تخُصص لزيارة الأسر لهم، وواصل: «إن تقرير الوكالة يخدم أجندة سياسية لا غير، بدليل أنها لم تشر إلى أوامر الإفراج الصادرة من النيابة الجزائية المختصة قبل صدور التقرير، وكذا عدد النزلاء المفرج عنهم»، داعيًا كافة المنظمات الدولية والمحلية الحقوقية والاعلاميين إلى زيارة إصلاحية السجن، وعدم نشر الادعاءات غير المستندة الى دلائل قطعية، وطرح الموضوع بمهنية خارج إطار المكايدات السياسية التي لا تخدم السجناء.

من جهته تحدث الصحفي محمد ناصر العولقي في ورقة قدمها تحت عنوان «ملامح النزعة التلفيقية في قضية السجون السرية في اليمن، وقال «إن التقرير استعمل اعلاميا ووظف توظيفا سياسيا وايدلوجيا كمادة خبرية وحقوقية وليس لدقة المحتوى وقطيعة ومصداقية الأدلة التي وردت في القصة».

وأضاف إن أبرز ما نراه في الهيكل العام لقصة السجون السرية في اليمن جنوح اسلوبه الكتابي للنزعة التلفيقية المتمثلة في التناقض والتعارض حيث تتجاذب معمارية النص بنيتان متناقضان في خصائصها وتقنياتها.
وختم الصحفي العولقي بقوله «حاولنا ان تكون قراءتنا تنطلق من داخل النص وتعتمد على تفكيك عباراته وليس من خارجه من دون انحياز او مولاه وتوصلنا إلى ان قصة التقرير في المجمل محملة بالتناقضات والمتعارضات التي تؤكد وجود نزعة تلفيقية لدى الكاتبة مما يجعل القصة رواية أحادية الجانب مليئة بالفجوات والنتوءات وتعبر عن خلل في المحتوى النص وربما يعود هذا الخلل إلى تعمد وقصدية من الكاتبة لغرض التشويه والتحريض، أو أنها وقعت هي نفسها ضحية إفادات غير دقيقة او كاذبة او مبالغ فيها، وعلى كل الأحوال فإن موقفنا من النص هو عدم اعتماده كوثيقة إدانة وفي ذات الوقت عدم نفي كل ما جاء فيه، بل الدعوة إلى ضرورة قيام الجهات واجهزة القضاء والأمن والمنظمات والحقوقية والنشطاء الحقوقيين بالتحري والتحقيق والتأكد مما جاء فيه».

شهادات سجناء سابقين
تخلل المؤتمر الصحفي المذكور آنفًا مداخلات لخبراء وكوادر قانونيين وحقوقيين وإعلاميين، وممثليّ جهات أمنية وقضائية ذات الاختصاص، والاستماع لشهادات سجناء سابقين، وعرض أفلام تسجيلية قصيرة من إنتاج منظمة «حق»، حول أوضاع السجون، مرفقة بزيارات ميدانية وتصريحات لقيادات من وزارة الداخلية.

ومما جاء بحديث المداخلين إفادة الصحفي عبد الخالق الحود والذي قال ان المتحدث الرسمي باسم إدارة امن عدن عبد الرحمن النقيب تواصل مع مراسل وكالة أسوشييتد بريس في اليمن وطلب منه حق الرد على التقرير وأرسل له هذا الطلب رسميا وقد تجاوبت الوكالة في بدائ الأمر ووعدت بأنها ستنشر الرد بعد يومين من تاريخ استلام الرد وعقب اسبوعين من استلام الرد رفضت الوكالة نشر الرد الأمر الذي جعل إدارة امن عدن تلجئ للقضاء وان إدارة امن عدن ستقاضي الوكالة دوليا.

ختام المؤتمر
وأجمع المشاركون والمتداخلون في المؤتمر على أن مزاعم السجون السرية وعلى وجه الخصوص التي تضمنتها سلسلة تقارير وكالة أسوشييتد بريس الأمريكية (حول السجون السرية والتعذيب بداخلها) يرتكز في مجملة على دوافع سياسية وايدولوجية ومكتنز بالخطاب التلفيقي لدور دولة الامارات والحزام الأمني والنخبة في تحقيق نجاحات كبيرة في الجانب الأمني بالجنوب.

ودعا الحاضرون في المؤتمر الصحفي كافة الجهات الحكومية المعنية والأجهزة الأمنية والقضائية والمنظمات المحلية والدولية الحقوقية والنشطاء الحقوقيين إلى التحري والتحقق والتأكد مما يرد في التقارير الحقوقية من معلومات وأدلة، والاستمرار في المراقبة والاطلاع على أحوال السجناء وأوضاع السجون.

كما دعا المشاركون كافة الجهات العاملة في مجال حقوق الإنسان من وكالات وهيئات ومنظمات محلية وإقليمية ودولية، إلى عدم الانزلاق في استخدام ملف حقوق الإنسان أداة ضمن المكايدات والأيدولوجيات السياسية، وتوظيف مهمة الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل يسيء للمهمة الإنسانية الجليلة ويفقدها مصداقيتها.
 كما طالبت الدوائر الحكومية المعنية بحقوق الإنسان بالعمل الجاد والفعال، لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وإطلاع الرأي العام على نتائج ومخرجات عملها أولا بأول.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى