التحالف.. "ودولة لا شيء" «المرجعيات» استوعبت الانقلاب وشرعنت له ولم تتسع للجنوب

> صالح علي الدويل

>
حوثي صنعاء وإخوان مأرب.. فرز طائفي لحرب أطول وأقذر

​إن كان التحالف قام بالحرب لحماية أمنه وضد الانقلاب وضد التواجد الإيراني، فإن أداءه في الجنوب أقل ما يفترض أن يكون، وعلى المدى المتوسط والطويل سيفيد أعداءه، فالمصالح بلا دين ولا أخوة، والمؤشرات تدل على أن دوره مجرد تهيئة إقليمية لخلق ظروف انتصار مشروع تقسيم الحرب على أسس مذهبية، أو انها حرب بالوكالة لفرض الاقاليم!! وفي الحالتين فهي حرب ضد استقلال الجنوب !!
الدلائل تتأكد عن إهمال الجنوب وتركه يغرق على طريقة “ خوفه بالموت يقنع بالحمى” والتبرير ان المرجعيات الدولية لا تتسع للقضية الجنوبية، حجة متهافتة، فقد اتسعت للانقلاب وشرعنت التفاوض معه وساوته بالشرعية، فلم تعد إطارا مغلقا يرفض القضية الجنوبية، إلا أن كان المراد فجروها على طريقة الحوثي! وستتسع لقضيتكم فهذا خيار آخر!!
الدلائل في الشمال تدل على المشروعين: الحوثي في صنعاء ولن يطاله أحد، وإخوان اليمن في مأرب، وكذلك الحرب بقوى سلفية في أماكن أخرى، مؤشرات تأسيس أقاليم أو مؤشرات فرز طائفي لحرب أطول وأقذر! إذ لا علاقة للشرعية بهما إلا بالشرعنة.

مسؤولية التحالف تلزمه أن يعيد قراءة تجربته في الجنوب وعدن بالذات، عبر رؤية سياسية متكاملة، فالجنوب قضية وطنية وليست جغرافيا تخص أمنه فقط !! وعبرها يعيد تقييم علاقته بالقوى الجنوبية، فالوحدة بابسط صورها لم تعد باقية إلا في رؤوس في مصالح الفساد وقلة قليلة من نخب جنوبية تبحث عن مسؤولية مصلحة، وكذلك يقيم علاقته بالشرعية وحلفائها ويعمل جديا على إعادة “فرمتتها” في الجنوب، وكذا من هم أعداؤه ومن حلفاؤه؟، ويتحمل مسؤوليته في المجالات التي تتصل بحياة الناس وعمل المؤسسات والمرافق حتى الوصول بها إلى الاستقرار، وما لم تتم معالجات جادة، فإنه لم يبق في الجنوب إلا رمي شرارة ويشتعل، واشتعاله ليس لمصلحة الجميع، ولن يفيد إدارته أمنيا عبر مناطق تشبه المنطقة الخضراء التي فشل الأمريكان بإدارة العراق منها.

التحالف أدار عدن والجنوب المحرر بما يحقق هدفيه الظاهرين من الحرب، فاستخدم الجنوبيين كقوة حرب فقط في  محاربة الانقلاب الحوثي، ومحاربة الإرهاب، وتخلى عن أية مسؤوليات تجاههم حتى في خدمات عدن، والحال نفسه في كل المناطق المحررة في الجنوب.. مسؤولية تلزمها - وهي الدول المحاربة -  بتوفير خدمات المناطق التي أدارت الحرب فيها والإشراف على إدارتها ومواردها حتى يتحقق فيها الاستقرار.

قد يكون التحالف خسر مليارات لأجل ذلك، لكنه إن كان خسرها فقد سلمها للصوص وأفاكين، ولم يصرفوها في مصارفها!
للتحالف مسؤولية كبيرة عما يحدث في عدن، ففي الجنوب مشروعان يصطرعان: مشروعية مقاومة جنوبية وحراك للاستقلال عريض وواسع وعميق، وشرعية لسلطة “دولة لا شيء”، لا تجهل دول التحالف كلها بأنها “لا شيء”، باعتراف الرئيس نفسه بأنه لم يستلم من الدولة إلا علمها فسلم التحالف “سلطة لا شيء” إدارة عدن والمناطق المحررة، لتديرها برمم بالية من منظومة مالية وإدارية أقامتها صنعاء على الولاء والفساد والمحسوبية مركزيا فنخروها ثم دمرتها الحرب، وتولتها بعد الحرب اسميا “دولة لا شيء”، وكان الأقوى والأكثر تنظيما فيها أخطبوط الاخوان المسلمين المتعدد الأذرع - الوجه الآخر لصنعاء - الذي يتحكم  بالقرار ويوجهه، وإلى جانب الأخطبوط هوامير الفساد المرتبط بمشيمة فساد صنعاء، يتضح أنهما المتعهدان بإمساك الجنوب حتى الوصول به للإنهاك، باسم الشرعية التي شرعنت عملهما فوصلت الأزمة إلى هذا المآل!
في عدن بلغت الأزمات مبلغ التجويع، حتى الأقلام التي كانت تنكر وتمجد الشرعية اعترفت به، والجوع ليس له مشروع سياسي: أما لقمة بكرامة، أو تدمير.. فحتى إدارة إغاثة صدقات التحالف تدار حزبيا عبر هوامير فساد وأخطبوط الإخوان، وكلاهما يهمهما هزيمة مشروع الاستقلال وهزيمة التحالف في الجنوب لينتصر مشروعهم.

الوعي الشعبي حسي وليس تحليليا، والضغط بالأزمات والجوع لا يترك في مشاعر الناس مكانا لاستذكار ماذا قدم التحالف من إنجازات في الجنوب !!، الدعوة في ظاهرها شعبية ليست سياسية،  فإدارة الناس بالجوع جعلت اهتمامهم بضمان ضرورياتهم!!، لكن مآل أي حركة شعبية الوصول إلى أفق سياسي، والصراع سيكون ضاريا بين مشروعين هما: مشروع الاستقلال يقوده الانتقالي وكل قوى الاستقلال، ومشروع اليمننة ويقوده إخوان اليمن وحلفاؤهم، وما عداهما مجرد إلهاء وتضليل.
الإخوان المسلمين - في كل تاريخهم - بعد أية نكسة لهم لا يبتعدون عن السلطة مهما قمعتهم، ويتبادلون الأدوار، هم الذين يوجهونها، أما ظاهريا فيعودون للمساجد ليسود اعتقاد بأنهم يعتزلون نشاطات الحياة العامة، بينما حلقاتهم خارجة، تعد وتستعد وتتأهب، ويضخون أقوى جرعات إشاعاتهم الإعلامية في الشارع ضد خصومهم ليعيدوا صياغة الوعي وفقا لأهدافهم.

مشروعهم في عدن مكتمل ومحمي للمواجهة والذي يعتقد بضعفهم وأنهم بلا حماية إقليمية واهم. ولديهم أوراق  كثيرة من داخل الشرعية وخارجها ومنها ورقة استخدام النازحين الذين تفرقوا في حارات ونسيج المجتمع  في عدن، وهم سينتظرون على طريقة انتظارهم في ثورات الربيع، فإذا رأوا فرصة نجاحهم سيركبونها ما لم سيحملون أعداءهم المسؤولية.  

خلال مرحلة ما بعد تحرير عدن تواجد الإخوان في قمة السلطة، ويقودونها إعلاميا معها وضدها حسب مصلحتهم بمباركة التحالف أو بعضه!! وأوجدوا نموذجين:
* نموذج استقرار وتنمية في مأرب، نجح لأن الإخوان يديرونه في منطقة لم تشهد حربا وليس فيها مشروع منافس للإخوان بدون تدخلات مطلقا من “دولة لا شيء” وفساد هواميرها!، ويدعمه مال الإخوان، ومن الغباء اعتقاد أن دخل مصفاة مأرب مصدر ثروته ونجاحه.
* ونموذج في عدن لم يسلموه لمشروعه، بل تولته “دولة مافيش” وأجنحتها تتعامل في الجنوب “إما نحكمه أو نحرقه”، فسادت فيه الفوضى وحرب الخدمات لتدخلاتهم وسيطرتهم مع الفساد على قرارات وتعيينات سلطة “دولة مافيش”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى