خذوا العبرة من عفاش!

> زكريا محمد محسن

>
عندما سلم عفاش السلطة، على مضض، شبت نيران الانتقام والحقد في صدره، فأعمت بصره وبصيرته وأوغرت صدره، فجعل كل تصرفاته وقراراته تحكمها وتسيرها عاطفة جامحة، وتجرد كلياً من دهائه السياسي الذي مكنه من حكم اليمن والرقص على رؤوس ثعابينه طيلة 33 عاماً.. فقد ارتمى في حضن الحوثيين وتحالف معهم وسلم لهم المعسكرات بعدتها وعتادها، وجعل مقدرات البلد ومكتسباته تحت تصرفهم ورهن إشارتهم حتى قويت شوكتهم وصاروا نداً له، ثم غلبوه وأخضعوه وأخيراً صرعوه وأرسلوه جثة هامدة إلى ثلاجة الموتى، ولازال حتى اللحظة دون أن تبكيه البواكي.. فلو كان يعلم أنه سينتهي المقام بفخامته المبجلة طيلة فترة حكمه على ذلك النحو المأساوي التراجيدي لما كان أقدم على ذلك أو فكر مجرد التفكير وإن رمي به حتى شريداً على قارعة الطريق، لكنه كان يعتقد أنه ينتقم من الإصلاحيين ويشفي غليله منهم ويؤدبهم ويلقنهم دروساً، وهو في حقيقة الأمر - قبل أن يتشفى أو ينتقم من الإصلاحيين أو غيرهم - كان ينتقم من ذاته ويلف حبل المشنقة حول عنقه دون أن يتنبه لذلك.

 ونحن اليوم في الجنوب، وللأسف الشديد، نكرر ذات الخطأ القاتل الذي ارتكبه عفاش ودفع ثمنه حياته، ونسير على ذات النهج دون أن نعتبر أو نتعظ بذلك.. فقد سهلوا وصول اتباع عفاش بقضهم وقضيضهم إلى عدن، ووضعوا أيديهم بيد طارق عفاش وهرولوا للقتال مع قوات الحرس الجمهوري، وتخندقوا معها في خندق واحد، وأقاموا لها المعسكرات في عدن ضاربين بتضحيات الشهداء الذين قتلتهم القوات ذاتها عرض الحائط، وما إلى ذلك مما يندى له جبين الثوار الأحرار، وكل ذلك نكاية بالإصلاحيين الأخونجيين، حد زعمهم.

وأنا بالطبع لست إصلاحياً ولا أميل أبداً إلى حزبهم الخبيث الذي لا يقل خطراً عن المؤتمر والحوثيين.. ولكن هذا قد يجعلنا ندفع الثمن باهظاً كما دفعه عفاش من قبلنا، ناهيك عن أنه ليس من مصلحة الجنوبيين التعامل بانتقائية وتبرئة ساحة هذا الطرف أو ذاك من أطراف شركاء حرب 1994م، فجميعها بدون استثناء مسئولة مسئولية كاملة عن كافة الجرائم التي ارتكبت بحق الجنوب أرضاً وإنساناً.. وينبغي أن ندرك أن القوى الشمالية بمختلف انتماءاتها ومشاربها السياسية والقبلية مهما اختلفت وتنازعت فيما بينها إلا أنها لا يمكن أن تختلف عندما يتعلق الأمر بالجنوب وثرواته.. والتقارب بينها قد بدأت إرهاصاته فعلياً بدعوة القيادي المؤتمري سلطان البركاني قيادة الإصلاح للجلوس على طاولة الحوار ونبذ الخلافات، وسعيه الحثيث لإجراء مصالحة وطنية حفاظاً على الوحدة التي تضمن لهم بقاء الجنوب وثرواته تحت تصرفهم وسلطانهم.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى