الجمعية الوطنية تؤكد استعدادها للمشاركة في المفاوضات

> تغطية/ علاء عادل حنش

> أُثير، في الآونة الأخيرة، جدال واسع عن مدى إمكانية مشاركة الجنوبيين في مفاوضات جنيف السويسرية المقررة في 6 سبتمبر القادم، لا سيما بعد ما قاله المبعوث الأممي لدى اليمن مارتن جريفيثس في حواره مع «الشرق الأوسط» السعودية في 11 أغسطس الجاري، والذي يُعد أول حوار صحافي له منذ تعيينه مبعوثا أمميا لليمن في مارس الماضي، حيث قال، وبالحرف، «نحن نعلم أن الواقع قد تغير في الجنوب.. يحتاج أبناء الجنوب أن يكونوا جزءا من هذه العملية بطريقة أو بأخرى نعمل على تحديدها معهم، لأنه يجب أن يكونوا جزءا من مستقبل اليمن ولا يمكن تجاهلهم».
لكن ما جعل مشاركة الجنوبيين في المفاوضات القادمة غامضا عدم سماع موافقة صريحة بالمشاركة من عدمها من المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يُعد الحامل للقضية الجنوبية، بعد تفويض الشعب الجنوبي له، ما جعل الأمر غامضا حتى عقد الاجتماع الاستثنائي للجمعية الوطنية للانتقالي، التي أكدت استعدادها للمشاركة في المفاوضات القادمة المزمع إقامتها في جنيف، وتفويض رئيس المجلس عيدروس الزبيدي في التفاوض.


عقدت جمعية الانتقالي الوطنية أمس الأول الخميس اجتماعا استثنائيا في مديرية المعلا بالعاصمة عدن بحضور غالبية أعضائها للوقوف على آخر المستجدات والتطورات السياسية على المستوى الاقليمي وعن مشاركة الانتقالي في المفاوضات القادمة.
وفي افتتاح الجلسة نقل نائب رئيس الجمعية الوطنية في المجلس الانتقالي د. انيس يوسف لقمان تحايا رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي ونائبه الشيخ هاني بن بريك وكذا تحايا اللواء احمد سعيد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية للمجلس.

وقال إن «الوطن يمر بمرحلة غاية في الصعوبة، وهذه المرحلة المؤثرة على جوانب حياة المواطن المختلفة، وكذلك على معيشته اليومية التي تزداد صعوبة يوما بعد يوم، والسبب في ذلك فساد الحكومة الشرعية».
واضاف «لقد حذرنا، وما زلنا نحذر حكومة الفساد بعدم العبث بحياة المواطن ومعيشته اليومية، وإلا ستستمر ثورة الجياع وحتما ستسقط حكومة الفساد».

واشار لقمان الى ان «الاجتماع ينعقد في ظروف غاية في التعقيد يمر بها المواطن، ولكننا سننتصر باذن الله، لاننا اصحاب حق واصحاب قضية سياسية».
لقمان
لقمان

وتابع «دعوة المبعوث الأممي لليمن للمشاورات في جنيف تعد تحولا غير مسبوق، واعترافا ضمنيا بالقضية الجنوبية وبالمجلس الانتقالي الجنوبي».

ونوه الى أن الاجتماع يأتي في مرحلة مليئة بالتعقيدات «الا اننا سننتصر، وعليه يتوجب علينا ان نتعامل مع الدعوة الاممية».
واوضح لقمان ان «تفويض الشعب للواء عيدروس الزبيدي تفويض كامل غير منقوص وبهذا يكون هو الممثل الشرعي لابناء الجنوب».

وفي ختام حديثه وجه شكره لجهود المبعوث الاممي، وقال «نؤكد على حق تقرير مصير الشعوب التي تؤكد عليه كل مواثيق الامم المتحدة، كما اوجه التحية الى دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ومساهمة فاعلة من اشقائنا في الامارات العربية المتحدة ودول الخليج ومصر والسودان وغيرها من الدول العربية».

وبدوره أكد القائم باعمال الامانة العامة للانتقالي فضل الجعدي أن «حوارات الحل السياسي التي يقودها المبعوث الدولي جريفيثس لن يكتب لها النجاح لوجود طرفي حرب لا يريدانها ان تنتهي»، قاصدا بذلك الحوثيين من جهة والحكومة الشرعية من جهةً أخرى.

وقال الجعدي، خلال القائه كلمة هيئة رئاسة المجلس إن «المباحثات ستكون باهتة ولا معنى لها في ظل استمرار عدم الاستماع لصوت الجنوب وتضحياته».
وأضاف «في هذا المضمار لابد من التذكير بما قاله رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، بأننا نعرف كيف نجعل العالم يسمعنا وبأننا نعرف طريق الحديدة جيدا ولدينا القدرة الكاملة على اجبار جريفيثس على المجيء الينا»، حد زعمه.

وتابع «نعلم جميعا حجم المسئولية التي تقع على عاتقكم كممثلين للشعب وصوته الهادر في ظل الوضع البائس الذي أوصلتنا اليه حكومة بن دغر التي عجزت كليا عن تحقيق اي انجازات تذكر وتمادت بطريقة ممجوجة في فسادها وفشلها المتعمد واصبحت بؤرة لانتاج الازمات وزراعة الفتنة ونشر الفوضى والتعذيب المرير الذي طال أمن المواطن وسكينته وحياته المعيشية».

وكان رئيس الانتقالي اللواء عيدروس الزُبيدي دعا أعضاء الجمعية الوطنية الاثنين الماضي لعقد دورة استثنائية لمناقشة آخر المستجدات على الساحة السياسية، لا سيما بما يخص التفاوض الخارجي.

الجعدي، الذي كان يشغل منصب محافظ الضالع سابقا، أشار إلى أن الاجتماع ينعقد في ظل أوضاع سياسية واقتصادية صعبة، إضافة الى مجمل من التعقيدات الداخلية والخارجية المتعلقة بالحل السياسي ومسارات ادارة الحرب التي أخفقت حتى الان في تحقيق أهدافها خاصة في جبهات الشمال التي تحولت الى وسيلة استنزاف، و«خلال الاربع السنوات الماضية لم تحقق أي تقدم أو أي نصر»، حسب قوله.

نتائج الاجتماع
وافضى اجتماع الجمعية الى اتفاق اعضائها على المشاركة في المفاوضات الخارجية القادمة وتفويض رئيس المجلس عيدروس الزبيدي في المفاوضة.
وأكدت الجمعية، في بيانها الختامي، الترحيب بكل الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص لليمن مارتن جريفيثس ودعمها لتلك الجهود وحرصها على انجاح مهامه لما يتمتع به من ايجابية لامست جذور الواقع تجاه قضية شعب الجنوب.

وعبرت عن رفضها لأي محاولة لتجاوز قضية الجنوب وممثله المجلس الانتقالي في أي مفاوضات قادمة، وأوصت رئاسة المجلس باتخاذ ما تراه مناسبا، رفضا لأي محاولة تهدف الى الالتفاف لتزييف ارادة شعب الجنوب، إضافة الى تأكيدها في المشاركة بإيجابية في المفاوضات القادمة من اجل احلال السلام في المنطقة والاقليم والعالم.

وأشار البيان الى دعم الجمعية ما جاء في حديث الزبيدي بخصوص تعزيز اللحمة الوطنية وعدم تهميش او اقصاء أي جنوبي وضمان استمرار الحوار الوطني الجنوبي وفق الثوابت الوطنية، مؤكدةً أن «الخطاب السياسي السلبي الذي تستخدمه حكومة الشرعية لا يمكن ان يغير من حقيقة الواقع الجنوبي على الارض».

وأوصت الزبيدي بضرورة توضيح موقف الجمعية من القضايا المحلية التي تطرقت لها نقاشات الاعضاء والاجراءات الضرورية التي يجب اتخاذها، بالاضافة الى تفويض الزبيدي على اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة في المشاركة في أي مفاوضات أو مشاورات قادمة بما لا ينتقص من حقوق شعب الجنوب وخياراته تفويضا كاملا لما فيه المصلحة الوطنية العليا لشعب الجنوب.

*دعاة سلام وليسوا دعاة حرب
عضو الجمعية الوطنية صلاح البيتي قال إن «اعضاء الجمعية شعروا بالمسؤولية تجاه القضية الجنوبية، وهو ما تمخض عنه الاجتماع بالتأكيد على المشاركة في المفاوضات».
وأضاف لـ«الأيام» «نقاشات الاعضاء عبرت عن مدى المسؤولية الملقاة على عاتقهم للوقوف أمام مشاركات الانتقالي في مفاوضات جنيف».

وأشار الى انهم دعاة سلام وليسوا دعاة للحرب «واستعادة الجنوب بكامل حدوده هو الهدف الذي لن نتخلى عنه».
واكد ان «استقرار اليمن والمنطقة والاقليم العربي والدولي مكفول باستقرار الجنوب باعطاء شعبه حقهم في تقرير المصير».

وعن التأخر بالرد على القبول بالمشاركة في مفاوضات جنيف قال البيتي «لم نتأخر ابدا في الرد».
واضاف «علمنا أن مشاورات جنيف ستتمحور عن كيفية ايقاف الحرب، أما المفاوضات فسيتمخض عنها تشكيل حكومة موحدة، وبعدها جميع الاطراف تتطرح رأيها».

وتابع «نشيد بموقف جريفيثس تجاه الجنوبيين، ونتمنى ان يواصل ذلك ليكسب ثقة الجنوبيين، والمفاوضات هي المحك لجريفيثس».

الشعور بالمسؤولية
أما عضو الجمعية الوطنية للانتقالي الجنوبي، وعضو هيئة التدريس بجامعة عدن د.حسين العاقل فقال إن «مضمون البيان السياسي للجمعية يعبر بكل وضوح عن التفويض الرسمي من قبل ممثلي شعبنا الجنوبي في الجمعية الوطنية (البرلمان الجنوبي أو السلطة التشريعية) للواء عيدروس الزبيدي في قبول دعوة المبعوث الأممي مارتن جريفيثس، وتكليفه وهيئة رئاسة المجلس على قبول الدعوة لحضور جلسات التفاوض في جنيف لتمثيل شعب الجنوب، ومنحه الصلاحيات الكاملة لاتخاذ الإجراءات المناسبة بما يتوافق ومطالب شعبنا وتضحياته الجسام في التحرير والاستقلال، واستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة بحدودها الدولية والاقليمية لما قبل 22 مايو 90».

وأضاف لـ«الأيام» «ناقش أعضاء الجمعية مختلف القضايا وابدوا اراءهم وملاحظاتهم الموضوعية وطرحوا مقترحاتهم بكل حرية وشفافية، وأقولها بفخر بأن جميع الحاضرين البالغ عددهم، كما أعلن، 208 أعضاء من أصل 303 أعضاء، اجمعوا على ذلك التفويض، وكلفوا لجنة لسياقة البيان برئاسة د.عبدالناصر الوالي ورؤساء المجالس المحلية في المحافظات الجنوبية».

وأشار العاقل الى أن أعمال الدورة الاستثنائية سادتها روح الشعور الوطني بالمسؤولية والحرص على أهمية التعامل مع ظروف الواقع والمستجدات السياسية الإقليمية والدولية «وذلك بإدراك خصوصية وأهمية اللحظة التاريخية لدعوة المبعوث الدولي والاستفادة منها بحنكة وحكمة سياسية، باعتبارها الدليل الأمثل على مدى اهتمام المجتمع الدولي لعدالة قضية شعبنا التحررية، وأيضا حرص جريفيثس على صواب خيارات الحل للأزمة اليمنية، التي كانت ومازالت قضية شعب الجنوب أساس وجوهر هذه الأزمة التي تجاهلها وحاول تجاوزها سلفاه جمال بن عمر واسماعيل ولد الشيخ، ونشعر أن جريفيثس مستوعب لطبيعة الأزمة، ولا يقبل على نفسه وتاريخه السياسي الوقوع في الفشل الدبلوماسي».

وتابع «البيان الختامي تضمن جملة من التوصيات الهامة التي أكدت على أن المجلس هو الممثل السياسي لشعب الجنوب، الذي يحق له دون غيره التفاوض والحوار مع مختلف الأطراف السياسية اليمنية والاقليمية والدولية، ولا يحق لأي قوى جنوبية مهما كان شأنها أن تدعي زيفا وبهتانا تمثيل قضية الجنوب في أي تفاوض وحوار داخلي أو خارجي، لأنها مجرد كيانات هلامية وظاهرة صوتية تتعارض مواقفها ومصالحها الذاتية مع مواقف ومصالح وتطلعات شعبنا الجنوبي».

ضوء أخضر للانتقالي بالتحرك
بدوره، قال الأكاديمي الجنوبي د.يحيى شائف الشعيبي إن «القضية الجنوبية قطعت شوطا كبيرا ولا سيما عام 2015 عندما تمكنت ثورة شعب الجنوب من انجاز الحامل السياسي بقيادة المجلس الانتقالي ورئاسة عيدروس الزبيدي، فأنشأت الجمعية الوطنية، والمركز الاستراتيجي، وفي طريقها لانشاء مركز استشاري، وكونت كل الوثائق التي تفوض المجلس في حمل القضية الجنوبية».

وأضاف لـ«الأيام» «بعد كل ذلك بدأ العالم يتعامل مع القضية الجنوبية وحاملها السياسي بشكل ايجابي وواضح من خلال فتح قنوات وتعامل سياسي بشكل أو بآخر على مستوى الجوار أو الحليف أو على المستوى العربي والاقليمي، وفُتحت مكاتب للانتقالي في كل مكان، وبدأت القيادات تتحرك في كل مكان».

وأكد أن «هناك ضوءا أخضر عربيا اقليميا دوليا للانتقالي بالتحرك، يقابله جهود يبذلها أعداء الجنوب، أي الحوثيين وكل من يعارض قضية الجنوب، لارباك هذه الانجازات حتى لو وصل الأمر بهم للتنازل عن سيادتهم في سبيل تمزيق الجنوب».
وأشار الشعيبي الى أن «الانتقالي اطلق عملية حوار مع كافة المكونات الجنوبية لا سيما مع من يسعون في نفس الهدف المتمثل باستعادة الدولة الجنوبية».

وعن دور التحالف قال إن «التردد المخيف من قبل السعودية، ولا اقصدها بشكل عام، بل التيار المتحفظ، فموقفه سلبي من القضية الجنوبية والانتقالي بعكس التيار المنفتح الذي يسعى الى المصالحة، والذي نعلق عليه امالا كبيرة، وندعو الى فتح قنوت تواصل معه لتعزيز دور المملكة تجاه الجنوب، أما الموقف المتميز لدولة الامارات في المنطقة العربية والعالم فنعتز به، ولكن ليس بمستوى الطموح الذي نريده».

وأضاف «يجب اليوم أن نفرض أنفسنا على العالم كما تفرض القوى الأخرى نفسها على العالم، فالحوثيون الخارجون عن الارادة العربية والاقليمية الدولية فرضوا انفسهم على العالم».

وتابع «نحن اليوم مفاوضون شاء من شاء وابى من ابى، فنحن نملك الشرعية الميدانية والشعبية».. وعن سياسية جريفيثس قال «يجب أن يعرف المبعوث الأممي أن التفاوض نوعان، تفاوض بالحوار، وتفاوض بالسلاح، ونحن مفاوضون بالسلام لكن أي تجاهل للقضة الجنوبية سيلجؤنا للتفاوض بالسلاح، وهو ما نحمله جريفيثس إن حدث تجاهل للجنوب».

وأضاف «الجنوبيون اليوم حلفاء لهادي في محاربة الفساد، وحلفاء للتحالف في محاربة المشروع الايراني، وحلفاء لمجلس الأمن في محاربة الارهاب.. اذن نحن ندفع ثمن فاتورة تحالفنا محليا وعربيا واقليميا وعالميا، ولدينا الحق في هذه الحالة أن نحافظ على حقوقنا، أم فقط يعتبر الجنوبيين شركاء بالخسارة؟».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى