«الأيام» تنشر دراسة مركز عدن حول طريق الجنوب إلــى مفاوضات ناجحة

> فيما يلي تنشر «الأيام» نص الدراسة التي أصدرها مركز  عدن  للرصد والدراسات  والتدريب في منتصف الشهر الماضي عن   «المفاوضات المرتقبة حول قضية الجنوب ومستقبل العلاقات وإيقاف الحرب» :
 « يُعدّ التفاوض وسيلة سياسية ناجحة في كثير من الأحيان، حيث أدّت إلى معالجة أزمات وصراعات، وإخماد حروب، ووضعت نهاية لها، وأنشئت أساس لمعالجة وتجاوز ما نجم عنها من آثار تدميرية ومآسٍ إنسانية، وإحلال سلام مستدام، ووفّرت شروطا ومتطلبات التعايش والتعاون بين الجماعات والشعوب والأمم التي سبق وأن تحاربت فيما بينها، فضلاً عما لهذه العملية السلمية من قيم إنسانية وروحية وأخلاقية.

ولا ريب في أن اليمن التي عانت على مدى تاريخ طويل من الحروب والصراعات والعنف واللإستقرار، والممتدة حتى اليوم، بأمسّ الحاجة لعملية تفاوض شاملة ومتوازنة، تفضي إلى إقرار حلول جذرية وعادلة لكل القضايا والأزمات، وتستأصل مصادر ودوافع الحروب وتعالج نتائجها، وتضع كل الأطراف على أعتاب تاريخ جديد، ومستقبل يسوده السلام والتعايش والتعاون، وتبادل المصالح والمنافع، واستغلال كل القدرات والموارد للنهوض بالتنمية، وبما يحقق السعادة والرفاه للشعبين في كل من الجنوب والشمال.

ويمكن للمفاوضات المرتقبة حول قضية الجنوب ومستقبل العلاقة بين الجنوب والشمال، وإيقاف الحرب وترتيبات وإجراءات السلام، والفترة الانتقالية، أن تشكل حدثاً تاريخياً ليس فقط بالنسبة للجنوب ومستقبله، وإنما أيضاً للإقليم والمنطقة والقوى الدولية، وهي عملية يمكن أن تُدشّن إجراءاتها وخطواتها في أي وقت، ولن تحول دونها قوى الحرب، والتي لها مصلحة في استمرار الأوضاع الراهنة، وما شهدته البلاد والإقليم طوال ثلاثة عقود، وتُوِّجت بانقلاب المليشيات الحوثية على الشرعية في سبتمبر 2014م، وقيامها بالعدوان الثاني على الجنوب مطلع 2015م وما ترتب عليه من حروب وتدخلات عسكرية وأوضاع كارثية تدخل عامها الرابع.

والجميع يُدركون أنّ عملية التفاوض وبقدر ما لها من أهمية، فذلك لا يعني أنّ طريقها مفروشٌ بالورود، ولا أنّ نجاحها مضمونٌ، ولدينا دروسٌ كافية من تجربة مؤتمر الحوار، وفي مناسبات أخرى عديدة، وبالذّات ما بعد العام 1990م.

وبما أن الجنوب يتهيأ لخوض هذا الاستحقاق الحاسم، معتمدٌ على عدالة قضيته، وصمود شعبه وانتصاراته، والذي سوف يواجه فيه قوى متنوعة، حضّرت واستعدّت جيداً لهذه المواجهة، ولديها الكثير من القدرات والوسائل الهائلة، بما فيها مقدّرات وبقايا النظام ومؤسساته، وموارد البلاد، ولديها تحالفاتها، وعلاقات مصالح على أكثر من صعيد، وفي ذات الوقت سوف يواجه الجنوب تحديات أخرى هائلة داخلية وخارجية، لعل أهمها محاولة تشتيت تمثيله، ومصادرة إرادته الموحّدة، والالتفاف على قضيته من خلال التجزئة والشرذمة، واختلاق التعارض بين قواه ومكوناته، وتأزيم الوضع على أرضه.

وهو الأمر الذي يتطلب وبإلحاح من قوى الثورة الجنوبية وشعب الجنوب بأسره أن يعدّ ويستعدّ بكل ما يتطلبه النجاح في المفاوضات القادمة، أكان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويأتي في مقدمتها تحقيق توافق جنوبي عام على توجّهات موحّدة، وفريق واحد موحّد، ومرجعية موحّدة، تمثل الجنوب. كما يتطلب بدأ الاستعداد والتحضير واستغلال كامل للوقت المتاح ولكل القدرات والقوى وأهمها العنصر البشري، والعمل بثبات وانتظام وتكامل وعلى أساس برامج وخطط عمل وأولويات مدروسة، وتحرك فاعل على الأرض لتعزيز وحماية كل عناصر وعوامل قوة الجنوب. 

والجميع يدركون أن خوض عملية التفاوض تتطلب جهوزية عالية، وأداءً متميزاً ومحسوباً بدقة في كل خطواته وأطروحاته وإجراءاته، أداءً لا يقبل العشوائية والتجريب والارتجال، ولا مكانة فيه للعاطفة والمغامرة، ولا أيضاً لما يؤدي إلى العزلة والتقوقع وفقدان المقدرة على الفعل والتأثير .. ومن المهم أن تظل الأخطاء الكارثية التي ارتكبت عام 1990م حاضرةً دائماً.

إن عملية التحضير للمشاركة الناجحة في المفاوضات، والتأثير فيها، وصولاً إلى نتائج يرتضيها ويقبلها شعب الجنوب تتطلب عملاً واسعاً، ونشاطاً يطال مختلف المجالات والميادين، ومن أهمها:
أولاً: المجال السياسي:
سيكون من المهم جداً بالنسبة للمفاوض الجنوبي وللقوى الجنوبية عامة أن تعير الاهتمام وتتابع طائفة من القضايا والملفات ذات الصلة بعملية التفاوض أكان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، نشير منها:

• الدراسة المعمّقة لما سيقدّمه المبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث من تصورات ومخططات تتصل بمضمون وأسس ومرجعيات وأهداف عملية التفاوض، ومراحلها، وأطرافها، وضماناتها، وموقع الجنوب فيها، وغيره. ومعرفة ما يريد المجتمع الدولي وأطرافه الفاعلة والمتدخلة من وراء عملية التفاوض، وهل يستهدف تحقيق تسوية عادلة شاملة للوضع برمته، وكل قضاياه وأزماته، وفي مقدمتها القضية الجنوبية، وتحقيق سلام مستدام واستقرار دائم، أم الاكتفاء بتسويات جزئية، وتهدئة مؤقتة للحرب، خاصة مع تداخل القضايا والأطراف، وتعقيد الوضع، وتراكم المشكلات، وتتابع الحروب؟، وكيف ينظر لمكانة قضية الجنوب المحورية والرئيسية، وموقعها في جدول المفاوضات، والتي ينبغي أن تتصدره؟.

وفي هذا الصدد من المهم أن يتمسك المفاوض الجنوبي بما تمّ الاتفاق عليه والعمل به في مؤتمر الحوار والمتمثل في:
أ‌- أولوية القضية الجنوبية التي ينبغي أن تتصدر مواضيع التفاوض.

ب‌- التفاوض الثنائي بين طرفين هما الشمال والجنوب.
• ومن أجل تحقيق قدر من الندّيّة والتوازن بين أطراف التفاوض، وبناء أساس متين يضمن للعملية النجاح الكامل وتحقيق أهدافها، وحتى لا يتكرر معها ما آل إليه مصير مؤتمر الحوار، سيكون مطلوباً عمل مراجعة وتطوير للمرجعيات والأسس المنظمة لها، وبما يجعلها شاملة ومتوازنة، ومستجيبة للمستجدات الجوهرية التي نشأت في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة للجنوب فإن المطالبة بتطوير المرجعيات لا يمكن اعتبارها بمثابة اشتراطات، وإنما تعدّ مطالب مشروعة نظراً لغياب أو تغييب قضيته من المرجعيات السابقة، إضافة إلى أنه لم يكن طرفاً فيها.

ومن البديهي التأكيد على أن تنص المرجعيات على حق شعب الجنوب في تقرير مصيره، وله وحده يرجع الحق المطلق والقول الفصل بشأن الحلول التي ستخرج بها عملية التفاوض فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، ومستقبل الجنوب.
• من تجربة “التشاور” وما تسرب عن خطة المبعوث الأممي للمفاوضات، والتي تشير إلى أن العملية سوف تتم على مرحلتين:

1) المرحلة الأولى تختص ببحث وقف الحرب والعمليات القتالية، وتسليم السلاح، والانسحابات، وما تستلزمه هذه العملية من إجراءات والتزامات، وتشكيل هيئات وأُطُر تتولى الإشراف، والرقابة، والإدارة.
2) المرحلة الثانية السياسية والتي سيتم فيها التفاوض حول القضايا الجوهرية والأزمات والمشكلات القائمة.

وبما إنّ اعتماد نظام المرحلتين للمفاوضات، والتي قد تسبقهما أيضاً مرحلة تشاور لا يعني بأي حال من الأحوال وجود قطيعة بينها، أو أن كل منها لا تؤثر على الأخرى، والعكس هو الصحيح فكل مراحل التفاوض والتشاور تعدّ حلقات في مسار واحد، وأن نتائج كل مرحلة تُبنَى على ما سبقها.

ونظراً لما تثيره هذه المسألة من إشكاليات وتعقيدات وبخاصة للجنوب ارتباطاً بخصوصية وضعه ولكونه يتعرض للتهميش والتقليل من مكانته وتأثيره، فإنها بتعقيداتها وتداخلاتها تتطلب من الطرف الجنوبي دراسة عميقة وحسابات دقيقة وخطوات مدروسة.
ومما تثيره هذه القضية يمكن الإشارة للتالي:

* كيف سيقيّم الطرف الجنوبي التأثير الذي سينجم عن غيابه عن المرحلة الأولى، إذا لم تتم دعوته للمشاركة فيها، بحجة أن الراعي للمفاوضات لا يريد إرباك العملية التفاوضية من بدايتها بخلافات حول مسألة المشاركة فيها، وهو مطلب مطروح من أطراف أخرى، ترى أن تنحصر المشاركة في هذه المرحلة بالطرفين “الشرعية والانقلابيين” فقط. وفي هذه الحالة كيف سيتصرف الجنوب مع هكذا موقف، وما هي الخيارات والبدائل المتاحة أمامه، ومع ما يترتب على كل منها، بما فيها تأثيرها على مشاركته في المرحلة الثانية؟.

* أما في حالة إن تمت دعوة المفاوض الجنوبي للمشاركة في المرحلة الأولى، فما هي استعداداته للقبول بما قد يرتب عليها من التزامات، “تثار من الان”، ومنها (تسليم سلاح التشكيلات العسكرية المحسوبة عليه “أحزمة ونخب”، وانسحابها من المدن، أو دمجها وإخضاعها لقيادة موحّدة قد يجري تشكيلها (من عناصر لم تشترك في الحرب) “كما يُطرَح”)، وهل سيكون قادراً على تقبل ردود الفعل الشعبية والسياسية على هذه النتيجة إن حدثت؟.

* ومما أثير أعلاه يجب التفكير بجدية وتحديد الأضرار والآثار التي قد تطال الوضع في الجنوب، إن غاب ولم يشارك ممثليه في مفاوضات المرحلة الأولى، أو إن شارك وأُلزم بما ذُكر أعلاه. وهذه إجراءات تُعدّ حساسة وخطيرة تستدعي التوقف أمامها جنوبياً أولاً، وإدراك القاعدة التي تقول “إن المقدمات تصنع النتائج”، وبحثها لاحقاً مع دول التحالف العربي ومع المبعوث الأممي وإقناع هذه الأطراف بخصوصية الوضع في الجنوب.

ومن البديهي القول إنّ مفاوضات وترتيبات ونتائج مرحلة التفاوض الأولى ينبغي أن تستوعب مشاريع كل الأطراف وتنفتح على كل الخيارات السياسية، بما فيها المشروع الذي يحمله المفاوض الجنوبي، والمتمثل بفكّ الارتباط الرسمي، واستعادة الدولة، وأن لا تؤدي إلى تعميق الاختلال القائم في الوضع وعلى حساب الجنوب، ولا تهدف إلى فرض أمر واقع من شأنه أن يؤثر على سير ونتائج مفاوضات المرحلة الثانية، وأن لا تُكرِّس عملية تقاسم جديدة بين القوى الشمالية وتحت مسميات فضفاضة.

• من أجل توفير شروط لنجاح المفاوضات لابد من التفكير بجملة من الضمانات والتعهدات الواضحة والملزمة والتي تعني كل الأطراف، وبالنسبة للجنوب فمن المهم اعتماد ما يهمه ويعنيه، ومنها التالي:
* رفض تعدّد وتعارض التمثيل الجنوبي كقضية وتطلعات شعبية عامة، والذي لا يلغي حق الأفراد بالانضمام لأي فريق كأفراد جنوبيين وليس كممثلين للجنوب، مالم فليُطرح خيار العودة لشعب الجنوب لاختيار من يمثله ومن يعبر عن إرادته وقضيته.

* حيادية السلطة ومؤسسات النظام وابتعادها عن مفاوضات “المرحلة الثانية” التي تُعنى بالمستقبل، ويبقى لكل فرد فيها حق المشاركة في المفاوضات عبر التيار السياسي الذي ينتمي له، وأن لا تُمنح أي من القوى دورين في ذات الوقت “من خلال المكون السياسي ومن خلال الحكومة”، كما ليس من الحكمة أن تضطلع الحكومة بدور مباشر في المفاوضات، في الوقت الذي تدير البلاد وتتصرف بمقدراتها وتتحمل مسئولية تهيئة شروط مواتية لنجاح عملية التفاوض، عدا عن كونها تقف بوجه أطراف بعينها.
* أن يتّسم دور الأطراف الراعية بالحيادية والنزاهة، وهو الأمر الذي يوجب على ممثليها أن يتوقفوا عن إطلاق التصريحات التي تشير إلى ما هو أخطر من الانحياز، مثل القول “بدعم وحدة اليمن” والذي يعني دعماً لطرف بعينه وعلى حساب آخر وفرضاً مسبقاً للحلول قبل أن تبدأ عملية التفاوض، وإعاقة للعملية برمّتها.

* أن تنص أسس التفاوض على منع قيام أي طرف أو أي من مؤسسات السلطة من التأثير على الوضع الداخلي لأي من أطراف التفاوض، أو أن تعمل على الاستقطاب من داخله، وأن لا تُسند أي مهمة لأي شخص إلا عبر قيادته.

* المطالبة باستكمال انسحاب كل القوات الشمالية من الجنوب، بغض النظر عن تبعيتها لأي جهة أو فرد، ومنع تصدير وتمويل الإرهاب للتخريب في الجنوب. ووقف تدخل الأطراف والقوى الشمالية بالأوضاع الداخلية للجنوب، وبالذّات في محاولات التشتيت والتمزيق واستنساخ مسميات وتمويل كيانات مصطنعة، وتغذية الأزمات والاحتقانات الداخلية والتدخل في بناء مؤسساته وأجهزته بما فيها العسكرية والأمنية، الذي من شأنه أن يزرع عراقيل ومعوقات في مسار عملية التفاوض، ناهيك عن ضررها على وضع الجنوب، وهو ما يستدعي تدخّلاً جادّاً من دول التحالف ومن المبعوث الأممي والدول الراعية، وينبغي التعاطي مع هكذا ممارسات باعتبارها تشكل إعاقة للعملية السلمية التفاوضية.

• ومن الأهمية بمكان أن يمتلك المفاوض الجنوبي إلماماً ومعرفةً  تامّة بتطورات الوضع الراهن، والخارطة السياسية والاجتماعية، وموازين القوى، ومواقف ومشاريع الأطراف الأخرى، ونقاط الاتفاق والاختلاف معها وفيما بينها، وأن يمتلك رؤية عامة وخطّة تحرّك سياسي تستهدف كل دوائر النشاط بدءًا بالساحة الجنوبية وتالياً ساحة الشمال، والدوائر الإقليمية والعربية والدولية.

بمعنى أن يحتل الوضع الجنوبي الأولوية، وأن يُعطى له اهتمام استثنائي لجهة تدعيم وتصليب عوامل وعناصر قوته، وثباته وتماسكه، والحيلولة دون تجزئته إلى أطراف تواجه بعضها بعضاً، وبالذّات القوى التي تحمل مشروعاً واحداً، وتعبر عن تطلعات وإرادة الشعب. وهو الأمر الذي يستدعي أن تُوضَع هذه المهمة في صدارة موضوعات وأهداف الحوار الجنوبي، والمطلوب أن يفضي إلى توافق جنوبي عام يقر بأن قضية المفاوضات تهم شعب الجنوب بأسره، وينبغي أن تتصدى لها كل قوى وشرائح مجتمع الجنوب، برؤية موحدّة وجسم تفاوضي واحد وصوت واحد يعبر عن الإرادة الجنوبية الغالبة، على أن تخضع إجراءاتها لمعايير وطنية عامة .. دقيقه وصارمة بما فيها الشراكة الوطنية، وفي ذات الوقت الإقرار لاعتبارات وعوامل يدركها الجميع بأن من مصلحة الجنوب أن يتصدّر المجلس الانتقالي الجنوبي كمؤسسة لهذه العملية المصيرية والشائكة، ومن خلال آليات يجري التوافق عليها.

إنّ العمل بهذه التوجهات وبهذه الروح سيحمي وحدانيّة التمثيل الجنوبي ويمنع حدوث التشتت والتعارض.
وفي هذا الصدد نوصي بدراسة الفكرتين التاليتين:
1. إمكانية تشكيل هيئة جنوبية تتولى إدارة ملف المفاوضات، على أساس ما ورد أعلاه.

2. إنشاء صندوق وطني عام يُموَّل من قبل عامة الناس وكل المقتدرين “كيانات ومؤسسات”، يُوظَّف لتمويل المشاركة في المفاوضات التي قد تستغرق سنوات.

• على أن يستهدف القسم الثاني من خطة التحرك السياسي ساحة الشمال، والإقليم، والقوى الدولية نذكر منها (دول التحالف العربي “وخصوصاً المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية”، الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، مجموعة الثمانية عشر، الأمانة العامة للأم المتحدة، الجامعة العربية، مجلس التعاون الخليجي).

• وهي مهمة تستلزم أن تُشارك فيها كل الكفاءات والقدرات الجنوبية، وكل من له قدرة على التأثير، من نساء، وشباب، ورجال مال، ودبلوماسيين، وسياسيين وقيادات. ويتطلب هذا النشاط استخدام مدروس لورقة المصالح والعلاقة المستقبلية مع الجنوب. 
• الحرص على تجنب تبنّي أو إطلاق مواقف ملتبسة وغير مدروسة تنجم عنها مترتبات سلبية ويساء فهما والتي قد تؤثر على مكانة وأداء المفاوض الجنوبي وعلى قدرته في المناورة واتخاذ القرار باستقلالية.

والحرص مطلوب أيضاً من تبني أطروحات يمكن اعتبارها بمثابة اشتراطات تعجيزية، ومن خارج سياق التفاوض وفي غير زمانها ومكانها، والتي قد تصب في صالح القوى التي تعمل على تهميش واستنساخ من يمثلون الجنوب. 
ثانياً: المجال الميداني الجماهيري:

في هذا المجال تبرز جملة من التحديات والمهمات والأولويات لعل أهمها:
• استعادة الحراك الشعبي الجماهيري الموحّد السلمي على كل أرض الجنوب، بشعارات سياسية ومطلبية، وتأكيد الدعم والاسناد للمفاوض الجنوبي، ورفض تجزئة قضية الجنوب، ومن يعبرون عنها، وعن إرادة شعب الجنوب، وحماية وتعزيز كل عناصر ومظاهر قوة الجنوب.

• منع ومواجهة الاختراقات على ساحة الجنوب، ومحاولات افتعال صدامات، وتقسيم المجتمع إلى كتل ومجموعات متصارعة.

• السعي والضغط من أجل الإقدام على إجراءات ومعالجات تحد من الأزمات والمشكلات القائمة وتخفف من حالة الاحتقان، وتهيئة بيئة مواتية وداعمة لمفاوضات ناجحة، بما فيها الخدمات والرواتب، وإعادة الإعمار، والعودة إلى الشراكة والتوازن في التعيينات وشغل الوظائف، وتحقيق العدالة وتكافئ الفرص في توزيع الموارد المتاحة، وإصلاح السياسات والأخطاء التي كَرّست الاستحواذ والاقصاء والتمييز والفساد والمحسوبية، وسوء استخدام السلطة.

• إعداد وتبنّي تصوّر لإدارة الجنوب خلال فترة المفاوضات التي قد تطول، وبحث الموضوع بجدية مع المؤسسة الشرعية ومع دول التحالف والشركاء الدوليين، وفي هذه النقطة يمكن إبراز أهمية بناء المؤسسات الجنوبية، بما فيها العسكرية والأمنية المؤهلة على أسس مهنية ووطنية وبما يخدم التوجهات السياسية المستقبلية. 

• الارتقاء بالخطاب الإعلامي وتوظيفه لخدمة النجاح في عملية التفاوض مهما كانت تحدياتها وعثراتها، وحماية السلم الأهلي وتصعيد النضال السلمي الجنوبي وكلما تتطلبه تطورات الوضع، وتوجيه خطاب سياسي وإعلامي للشعب في الشمال يتّسم بالمرونة ويحض على التطلع نحو المستقبل. وتزداد الحاجة لوجود منظومة إعلامية فاعلة ناطقة باسم الجنوب.

• إعطاء اهتمام أكبر لدور المرأة والشباب والمنظمات المدنية والحقوقية والإبداعية والمهنية والقوى والجماعات المؤثرة الأخرى، وإشراكها في مسار الحوار الجنوبي، وفي كل إجراءات الاستعداد لخوض المفاوضات، والاهتمام بما تتبناه، والتقدير لدورها واهتماماتها، وتأكيد الحرص على استقلاليتها، ودعم مبادراتها ومشاركتها في إنجاح العملية السياسية وصنع السلام.

ثالثاً: ما يخص جوهر العملية التفاوضية:
• على ضوء ما سيقدمه المبعوث الدولي من خطّة وتفاصيل لعملية التفاوض توضع الخطط التفصيلية ويتم الشروع في العمل وعلى مختلف المسارات.
• قد بات ملحاً الشروع في الحوارات حول تشكيل فرق التفاوض، ووضع الأسس والمعايير للاختيار، والبدء في عملية التأهيل والتدريب تحت إشراف خبراء دوليين والمفاضلة بين أكثر من مرشّح، والتي لا بد أن تستوعب أيضاً النساء والشباب وشرائح وجماعات أخرى متنوعة.

ويمكن أن تقوم عملية الاختيار على المعايير التالية:
1. الولاء المطلق للجنوب وحقه في استعادة دولته المستقلة وفق الحدود المعترف بها دوليا قبل 22مايو 1990 م، وليس لأي جهة أخرى أو أي حلول جزئية .

2. أن يكون مشهوداّ له بالنزاهة والإخلاص .
3. المهارة السياسية والقدرة على المحاججة بلغة المعطيات والبراهين والأدلة الدامغة .
4. أن يكون من ذوي الاختصاصات في الجانب الذي يسند له .

5. أن لا يتم الاختيار وفق العواطف أو الولاءات المناطقيّة أو الحزبية، وبما يتعارض مع المعايير والأسس المُقرّة.
6. أن يكون من ذوي المواقف الصلبة والحازمة وليس من أصحاب المناطق الرمادية.

7.  الالتزام الصارم باللوائح والضوابط الداخلية الخاصة بفريق التفاوض، وتعليمات وتوجيهات قيادته ومرجعيّته.
• التعاقد مع بيت خبرة أو هيئة استشارية تتولى دور تقديم الخبرة والاستشارة.

• وضع الخطط والبرامج في مختلف جوانب النشاط (فني، إداري، إعداد وتدريب، وثائق ومعلومات، مالي، أمني، إعلامي ... إلخ).
• وضع خطّة مفصّلة لعملية الحماية (حينها)، وتوفير كل متطلباتها بما فيها التأهيل والتدريب للعناصر المنخرطة فيها، والتي سوف تناط بها المهمات التالية:
* تأمين الشخصيات التي سيتم اختيارها للتفاوض .

> تأمين سرية المعلومات المتداولة بين فريق التفاوض وفرض أمن المعلومات من حيث الآتي :
أ‌- ترقيم كل صفحة برقم سري ووضع ختم سري أيضاً .

ب‌-  التوزيع محدد لأعضاء الفريق )بحيث يتم تسجيل الرقم السري، وتوقيع المستلم (لضمان معرفة عدم تسرب الوثائق .
ت‌- عدم تسريب أي معلومات أو الادلاء بأي تصريحات لوسائل الإعلام أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلا عبر الناطق الرسمي .

ث‌- حفظ الوثائق في أماكن آمنه .
ج‌- عدم القيام باللقاءات السرية أو العلنية بالفريق الآخر فيما يخص العملية التفاوضية إلا وفق برنامج الجلسات، وبتوجيه من قيادة الفريق .

• اتخاذ كافة الاجراءات الأمنية الندّيّة وتأمين الشخصيات المشاركة بالتفاوض خلال سير التفاوض وفي محل إقامتهم وتحركاتهم داخلياً وخارجياً.

• يتم لاحقاً إعداد رؤية جنوبية بالإجراءات والترتيبات العسكرية والأمنية التي ينبغي أن تشملها أي اتفاقات على هذا الصعيد، وتعني مرحلة التفاوض أو أي مرحلة انتقالية لاحقة قد يتم الاتفاق عليها.
وأخيراً ...

إن هذه الأفكار والأسئلة والمقترحات التي يتقدم بها مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب كانت حصيلة لنشاط أمتدّ لأشهر وفعاليات نقاشية وحوارية نظمها المركز، شارك فيها تنوع سياسي واجتماعي عام. وتعدّ هذه الورقة أولية، وقابلة للتطوير والتحديث مع الوقت، وفي ضوء ما سيقدمه المبعوث الأممي من خطط وتصورات للمفاوضات، وما سوف يتمخّض عن الحوارات الجنوبية.
ويحتفظ المركز بوثائق وأوراق تحليلية وتفصيلية للكثير مما ورد أعلاه، تتضمن أيضاً مسائل وأمور دقيقة، سوف يتم تسليمها في حينه للجهة المعنية.».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى