مذبحة تنتظر الجهاديين الأجانب في إدلب السورية
> بيروت «الأيام» ا ف ب
>
وشكلت محافظة إدلب في شمال غرب البلاد منذ العام 2015 وجهة لمجموعات عدة مناوئة لنظام الرئيس بشار الأسد، من الفصائل المعارضة المعتدلة مروراً بالاسلامية فالجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة وصولاً الى جهاديين أجانب متشددين.
ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر لوكالة فرانس برس «هؤلاء أشخاص لا يمكن في الواقع دمجهم في سوريا، تحت أي ظرف، ليس لديهم مكان للذهاب اليه وقد يكونون على استعداد للموت في أي حال».
الإيغور وخبرة القتال
وفي حين انضم الكثيرون منهم الى تنظيم الدولة الاسلامية، أبقى آخرون على علاقتهم الوطيدة بتنظيم القاعدة والمجموعة المرتبطة به، وهي راهناً هيئة تحرير الشام التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة ادلب.
واكتسب هؤلاء المقاتلون خبرة في القتال في أفغانستان قبل توجههم الى سوريا ومساندتهم فصائل إسلامية ومعارضة في طرد قوات النظام من إدلب صيف العام 2015.
ويتمركز المقاتلون التركستان الذين يقدر عددهم بين ألف وبضعة آلاف في محيط مدينة جسر الشغور في جنوب غرب إدلب، وهي منطقة استهدفتها الغارات والمدفعية في الأيام الأخيرة.
ويقول لفرانس برس «ليس بالضرورة جراء عددهم الكبير ولكن لأنهم باتوا يُعرفون بقدراتهم القتالية الجيدة ويحظون باحترام واسع في صفوف الجهاديين والفصائل».
الأوزبك والشيشان
ومن بين تلك المجموعات كتيبة التوحيد والجهاد التي يرئسها، وفق أجهزة الأمن الروسية والقيرغيزية، سراج الدين مختاروف (28 عاماً) والمعروف أيضاً باسم أبو صلاح الأوزبكي.
ومن المعروف أن هاتين المجموعتين تقاتلان في إدلب، إلا أنه لا يتوفر الكثير من المعلومات عنهما.
وتقول الباحثة جوانا باراسزكزوك من مؤسسة «آي إتش أس جاينز» والتي تتعقب الجهاديين الأجانب المتحدثين بالروسية في سوريا لفرانس برس «يحبس الجميع أنفاسهم في انتظار معرفة ماذا سيحصل».
ولتحقيق هذا الهدف، ترجح باراسزكزوك أن ينضموا على أرض المعركة الى تحالفات مع مجموعات أكبر كهيئة تحرير الشام ويوفرون القناصة وقوات الصدمة.
وتحرص روسيا على وجه الخصوص، بحسب محللين، على التأكد من عدم عودة أي من المقاتلين الشيشان المعارضين لها الى الشيشان للقتال الى جانب المتمردين.
وتقول باراسزكزوك «قتلهم من هذا المنظور سيشكل بمثابة مكافآة نفسية لروسيا».
بعد اجتيازهم آلاف الكيلومترات وصولاً الى سوريا للمشاركة في «الجهاد»، يجد المقاتلون الأجانب أنفسهم اليوم قاب قوسين من الوصول الى طريق مسدود في محافظة إدلب حيث يرجح محللون أن يقاتلوا حتى الرمق الأخير دفاعاً عن معقلهم.
وترسل قوات النظام منذ أسابيع وتمهيداً لهجوم وشيك، تعزيزات عسكرية الى إدلب ومحيطها. وصعدت في الأيام الأخيرة وبمشاركة طائرات روسية، ضرباتها الجوية على مناطق عدة في المحافظة وجيوب محاذية لها تشكل المعقل الأخير للفصائل الجهادية والمعارضة في سوريا.
وتضم المجموعات الأجنبية مقاتلين من أوزبكستان والشيشان ومن الأويغور، وهي أقلية إثنية في الصين، تمرس عناصرها في القتال في حروب عدة قبل أن ينتقلوا الى سوريا.
وفشل رؤساء روسيا وإيران وتركيا خلال قمة عقدت في طهران الجمعة في تجاوز خلافاتهم حول إدلب، إلا أنهم اتفقوا على مواصلة «التعاون» للتوصل الى حل لتفادي وقوع خسائر في الأرواح.
ويشكل مصير الجهاديين، وبينهم المقاتلون الأجانب الأكثر تشدداً، وفق محللين، العقبة الرئيسية أمام أي اتفاق حول إدلب.
بعد مطاردتهم في بلدانهم واستهدافهم في كل من أفغانستان وباكستان، وجد المقاتلون الجهاديون الأكثر تمرساً بالقتال في الساحة السورية موطئاً لانطلاقهم مجدداً منذ العام 2013، أي بعد عامين من اندلاع النزاع الذي تسبب بمقتل أكثر من 350 ألف شخص.
ويعد الحزب الاسلامي التركستاني احد أكبر هذه المجموعات، وينتمي مقاتلوه الى الأويغور، الأقلية المسلمة التي تواجهها سلطات إقليم شينجيانغ الصينية بالقمع.
ويقول هيلر «اقتحموا آنذاك مخازن الأسلحة وباتوا منذ ذلك الحين من بين الفصائل الأكثر قوة في الشمال».
ويرجح الخبير في شؤون الجهاديين في معهد الجامعة الأوروبية تور هامينغ أن يشكل المقاتلون التركستان رأس الحربة في التصدي للهجوم على إدلب وأن يشكلوا الحليف الرئيسي لهيئة تحرير الشام التي تسيطر على الجزء الأكبر من المحافظة.
وانطلاقاً من أنه لا يمكن للحزب الاسلامي التركستاني أن ينشط في إقليم شينجيانغ، فإن خسارة إدلب المحتملة ستحرمهم من واحدة من أبرز «ساحات المعارك البديلة».
وليس المقاتلون التركستان المتشددون الآسيويين الوحيدين في إدلب، إذ انضم مقاتلون من الأوزبك الى صفوف مجموعات صغيرة قريبة من هيئة تحرير الشام. واكتسب هؤلاء مهاراتهم القتالية إلى جانب حركة طالبان أو تنظيم القاعدة في باكستان وأفغانستان، قبل أن يتوجهوا الى سوريا كامتداد لتنظيم القاعدة آنذاك.
وبين تلك المجموعات، لواء الإمام البخاري الذي غالباً ما تسلط أشرطته الدعائية الضوء على جنود أطفال. وصنفته الولايات المتحدة خلال العام الحالي على قائمة المنظمات «الإرهابية».
ولعلّ المقاتلين الأجانب الأكثر شراسة هم الشيشان، المحاربون القدامى الذين خاضوا معارك وحشية ضد روسيا والمرتبطون بهيئة تحرير الشام.
وتشكل جماعتا جند الشام وأجناد القوقاز المجموعتين الشيشانيتين الأبرز في سوريا، لكنهما أبقتا على حيادهما خلال جولات الاقتتال الأخيرة التي خاضتها الفصائل في ما بينها. ويتوقع محللون أن يعيدهما هجوم قوات النظام الوشيك الى الساحة مجدداً.
وبحسب باراسزكزوك، فإن الكثيرين من الجهاديين الشيشان قدموا الى سوريا منذ العام 2012 وتزوجوا بسوريات وأسسوا عائلات، ومن المرجح أنهم سيفعلون كل ما بوسعهم لحماية ذلك كله.
وتحرص روسيا على وجه الخصوص، بحسب محللين، على التأكد من عدم عودة أي من المقاتلين الشيشان المعارضين لها الى الشيشان للقتال الى جانب المتمردين.
وتقول باراسزكزوك «قتلهم من هذا المنظور سيشكل بمثابة مكافآة نفسية لروسيا».