حكومة مترفة وشعب متسوّل

> عصام عبدالله مريسي

> إن الحكم على نجاح أية حكومة في تنفيذ مهامها وقيامها بالأعباء الملقاة على عاتقها ينظر إليه من زاوية حياة الرفاهية ولو بالقدر المتوسط واليسير للشعب الذي يأتمر لحكمها ويخضع للقوانين التي تصدرها بعد موافقة المجلس النيابي الذي يصدق على تلك القوانين.. فرفاهية أي شعب تقدر بمدى حجم الخدمات المقدمة من قبل الحكومة راعية المصالح العامة للدولة والشعب الخاضع لحكمها والملتزم بأحكامها وأوامرها.
ومن الملاحظ في غير بلادنا العربية أن حكومات أو بعض الوزارات ربما تسقط وتحاسب وربما وزراء يدخلون السجن ليقضون محكوميات بسبب التقصير في أداء عملهم او استغلال مواقعهم الوزارية لتحقيق مآرب ومصالح خاصة ولو كانت يسيرة، فكم تناقلت وسائل الاعلام عن إقالة وزراء ومحاسبتهم والتشهير بهم والتنكيل القانوني جراء ما حصل منهم من أفعال تؤدي إلى ضياع المال العام أو حتى مجرد المخاطرة به أو استغلال الوظيفة العامة من خلال استغلال الآخرين لتقديم خدمات لهم مستنداً على وظيفته ومنصبه.
بينما نجد الوضع في بلداننا العربية ومنها بلادنا مجرد وصول المسؤول إلى دفة الحكم له كل المميزات عمل أو لم يعمل، سواء كان وطنيا يعمل لمصلحة وطنه أو لشخصه، عمله لا يخدم إلا مصالحه أو مصالح فئات أخرى معلومة أو غير معلومة يرفع عنه القلم ولا حساب، وليصبح هو الوريث الشرعي لكل مقدرات الدولة.
فهل سمعنا يوما في الوطن العربي غير ما يجري اليوم في العراق من ارضاءات للشعب بإقالة بعض الوزراء عندما بلغ السيل الزبى وهذه هي ليست إلا مجرد ديكور انتخابي، فالحقيقة ليس هناك مسؤول في بلاد العرب أدين أو حُسب رغم كل الإخفاقات والتقصير، وتضييع مقدرات الدولة في الكماليات والنثريات ولا إنجازات تحقق للشعب ولو بالشيء اليسير من الرفاهية التي يسبح فيها المسؤولون من زراء ومدراء عموم أو حتى المتسلقون على أكتافهم.
في غير البلاد العربية يصعد المسؤول من خلفية تجارية ويكون صاحب أملاك وعقارات ويحاسب أن زادت ثروته بطريقة غير منطقية، أما في بلداننا العربية ومنها بلادنا يصعد المسؤول من خلفية عمالية أو ربما معدمة، وما هي إلا برهة من الزمن حتى يُحسب من أصحاب العقارات والمليارات.
أما المواطن بفئاته وشرائحه المختلفة، ومنها الموظف فهو يتسول من يوم استلام راتبه الهزيل الذي ربما يسقط عند أول معركة في أول بقالة ويمضي باق الشهر وهو يتسول لاصحاب البقالات، فهذا يعطيه وهذا يدفعه ويمضي شهرا عصيبا وهو يكافح الديون التي لا يقضيها الراتب ولا يظن السامع طبعا من غير الشعب، ان صاحبنا الموظف له نثريات ويصرف الراتب على الوجبات الدسمة والنزهات المكلفة واللبس الفاخر، فالراتب يقضيه روتي وفول، وكيف بباقي فئات المجتمع المحروم ممن هم على باب الكريم، وكيف بالشباب وتلبية مطالبهم الحياتية، ناهيك عن من هم تحت الطبقة المعدمة الذين يقتاتون من مخلفات المطاعم وبراميل القمامة.
أيها السادة الوزراء تعرفون من تسوسون؟ إنه شعب متسول لربما بات ومعدته خاوية وأنتم تتقلبون في النعم التي هي من عرق الشعب الكادح ولمن بسياستكم الانتقامية أضحى هذا الشعب متسول تسوسه حكومة مترفعة إلى حد البذخ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى