تحذيرات من منظمات محلية تنفذ مشاريع دون إشراف السلطة المحلية

> عدن «الأيام» رعد الريمي

>
 اتهم عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني مكاتب وزارة التخطيط والسلطة المحلية في المحافظة والمديريات بالعمل على تهميش دور منظمات المجتمع المدني وعدم تفعيل بوادر الشراكة التي تخلق من قبل بعض المنظمات، فيما قرع مراقبون لنشاط المجتمع المدني ناقوس الخطر تجاه حصول منظمات مجتمعية محلية على منح وتمويل مشاريع من دول ومنظمات دولية دون إشراف المحافظة والسلطة المحلية في المديريات.

جاء ذلك الاتهام في الورشة التي عقدتها مؤسسة خليج عدن للتنمية البشرية والخدمات الاجتماعية أمس أول تحت عنوان «دور المجتمع المدني في تحقيق الشراكة المجتمعية والتنمية المستدامة»، والتي نظمت برعاية دائرة الشؤون الاجتماعية بالمجلس الانتقالي الجنوبي بحضور رئيس مؤسسة خليج عدن د. محمود شائف، وبمشاركة عدد كبير من رؤساء وأعضاء منظمات مدنية ونقابات وناشطين.

وفي الورشة استعرضت أربع أوراق عمل، قدمت ورقة «أهمية المجتمع المدني في تحقيق الشراكة المجتمعية والتنمية المستدامة والحلول والمعالجات» الناشطة السياسية أ. رضية شمشير، فيما قدم ورقة «الحلول والمعالجات للنهوض بدور المجتمع المدني وسبل تطبيقها في الواقع العملي» أمين عام جمعية عدن الخيرية التنموية أ.أحمد محسن، فيما قدم ورقة «دور المجتمع المدني وأهميته في تعزيز الشراكة والحفاظ على قيم المجتمع» الناشط الاجتماعي أ.صالح الدويل استعرضها نيابة عنه محمد نصر، فيما قدم ورقة «قراءة تحليلية لواقع وأبعاد المجتمع المدني الماضي والحاضر وآفاق المستقبل» الأكاديمي والباحث في التاريخ السياسي المعاصر د.نجيب إبراهيم.

تشابك العلاقات لصالح المواطن
وتعتقد الناشطة السياسية رضية شمسير أن أقرب توصيف لمفهوم المجتمع المدني هو ما جنح له أستاذ الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة د. عواطف عبدالرحمن، والتي عرف المجتمع المدني بأنه: «مجمل التنظيمات التطوعية غير الإرثية وغير الحكومية وهو نسيج متشابك من العلاقات التي تقوم على تبادل المصالح والمناقع والتعاقد والتراضي والتفاهم في الحقوق والواجبات».


فيما تشدد الناشطة السياسية رضية شمشير في ورقتها التي قدمتها في الورشة على ضرورة استعراض تجارب الماضي في المجتمع المدني وتقول: «إن المهام المنوطة بمنظمات المجتمع المدني تتطلب الإلمام بكل مفاصل العملية المتعلقة بأنشطة هذه المنظمات في ظل واقع صعب».
وتستعرض شمشير المشكلات التي تعانيها المنظمات، أبرزها غياب الديمقراطية وبروز التقاليد المؤسسية، حيث تعاني الكثير من منظمات المجتمع المدني من فرض وسيطرة المسؤول الأول في الهيئة، كما تعاني المنظمات من تفريخ عقب ما عمدت السلطة بتفريخ للعديد من المنظمات والتدخل المباشر في أنشطة منظمات المجتمع المدني.

وتواصل شمشير استعراض المشاكل بقولها: «كما تعاني من فرض المحاصصة الحزبية في العملية الانتخابية لهيئات منظمات المجتمع المدني، علاوة على ما تعانيه من غياب للرقابة المالية على التمويل الممنوح لها، غياب مفهوم المواطنة المتساوية والذي أدى ويؤدي وسيؤدي إلى زيادة حالات العنف ضد الآخر بكافة أشكاله».

ونوهت إلى أن المنظمات الدولية تكيل بمكيالين بمشاريع التنمية ذات الصلة المباشرة بمنظمات المجتمع المدني المرأة والشباب والمركزية هي المسيطرة على برامج التنمية، وخاصة في عدم ملاءمتها وتوافقها مع متطلبات الوضع الاجتماعي، بالإضافة للفساد والذي يعد سمة ظاهرة في كل مفاصل الحياة العامة، وبمشاركة (متنفذين، سلطة محلية، وموظفين صغار) حتى باتت هوية ثابتة عملت على تدمير القيم والأخلاق.

من جانبها أشارت شمشير لعدد من الحلول أهمها تكمن بإشراك منظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة في وضع تصورات لأولوية مشاريع التنمية ومتابعة ومراقبة تنفيذها، بالإضافة إلى وضع خطة عمل حول كيفية ردم الفجوة بين الحديث المخملي لمنظمات المجتمع المدني وتبني خطاب واقعي تلامس بواقعية المشاكل التي تواجه المجتمع، والاهتمام بتأهيل وتدريب أعضاء منظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة على مهارات القيادة الاتصال والتواصل اتخاد القرار والشراكة الاجتماعية.

هنات أركست المجتمع المدني
من جهته يعتقد د. نجيب أن الجنوب كان بمجتمعه المدني يمثل مرحلة من المراحل المتقدمة في شكل وأسلوب إدارة المجتمع المدني، الأمر الذي أحدث مسارا نهضويا وتغيرا جذريا في التركيبة الاجتماعية الجنوبية التي شكلت حماية للمجتمع المدني وشراكته الفعلية المجتمعية في جميع مناحي الحياة.

غير أنه يعتقد أن ذلك الشكل النهضوي للمجتمع المدني تراجع بسبب هنات فيقول: «إلا أن هناك هنات أحدثت انقطاع في مسيرة البناء والشراكة للمجتمع المدني وتفككه بعد فقدان السيادة والسيطرة على مؤسسات الدولة والمجتمع بعد ذلك الانحدار السياسي الذي سمي بـ(وحدة 22 مايو 1990)، وسيطرة القوى التقليدية على مراكز صناعة القرار وقولبته بنمط العلاقات القبلية الأسرية العشائرية العسكرية».


كما يجلي د. نجيب أثر ذلك التشويه على المجتمع بقوله: «كما يجب ألا ننكر أن نمط الواقع المشوه قد أثر كثيرا على ثقافة وسلوك الحياة المدنية خلال ما يقارب ثلث قرن في كثير من جوانبه الذي وجد انعكاسه في ثقافة وسلوك بعض من أفراد ورؤساء المجتمع المدني أبرزها التراجع عن العمل بالقوانين والتشريعات، بالإضافة إلى تحالف بعضهم مع بعض التوجهات السياسية ذات الطابع الراديكالي التقليدي الذي استجاب للانفلات والتجاوزات ورفض الإدارة المؤسساتية.. داعيا إلى ضرورة التغيير من خلال الاستيقاظ المستدرك لواقع المجتمع المدني بمتغيراته، والذي يستدعي تعاطيا مسئولا يخرج من حدود التسطيح إلى عمق القضايا والمشكلات الوطنية بتوافق الشراكة المجتمعية والعمل المؤسسي لهيئات إدارة المجتمع.

وانطلاقا من ذلك التداعي يقول د. نجيب «إن مفهوم المسار السلوكي العام يتحدد من خلال اتساق النسيج الاجتماعي وتطوره في ملامح الهوية للمجتمع المدني ومصوغات بنائه السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، والتي تبرزه جليا في الواقع المجتمعي وتعكس جوهر مدينته كضرورة تستجيب لمتطلبات الحركة المجتمعية الداعمة لمؤسسات الدولة».

ويخلص د. نجيب أن مركز القضية بمساءلة منظمات المجتمع المدني يكمن في استباب وضع المجتمع المدني وتحرير الفكر والوعي والسلوك الذي يستوجب تحقيق سياسيات ومناهج كفيلة بإعادة تشكيل الوعي والفكر والسلوك الحضاري وإعادة البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتعليمي المؤسسي الذي يتعمد عليه في العلاقات على أساس من التعاون المتبادل والمصالح المتوازنة والتعايش بين الأفكار والرؤى المختلفة والمتباينة.

الجنوب عرف المجتمع المدني مبكرا
وإدراك للبون الشاسع بين واقع المنظمات المدنية قبل الوحدة واليوم يستدعي كثير من المراقبين التطرق للواقعين والمفارقات التي شهدها ذلك الواقع والحال الذي عليه اليوم، الأمر الذي استطال فيه كثيراً الباحث والناشط الاجتماعي صالح علي الدويل بقوله: «كانت عدن منارة في جنوب الجزيرة العربية وقد عرفت الأحزاب والنوادي الرياضية والثقافية وجمعيات الشراكة المجتمعية من وقت مبكر، ولم تكن هذه المنظمات المدنية والمجتمعية تعرفها سائر بلدان الجزيرة العربية».

وأضاف «حيث تأسست في عدن الغرفة التجارية بعام 1890م ثم النادي العربي عام 1925، وتتالت بعده الأندية التي قامت بإثراء الثقافة العامة بين مجموع الشعب وفي أواخر الأربعينات، بالإضافة إلى بروز العديد من الجمعيات كجمعية أول الفقراء وجمعية السيارات والجمعية العدنية في الشيخ عثمان.

فيما يقارنها بالواقع الحالي والمتطلبات التي يجب أن تكون عليه بقوله: «إن الأوضاع التي تسود الجنوب حاليا وبالذات عدن تتطلب أن تضطلع مؤسسات العمل المدني بتعزيز المشاركة المجتمعية في مجالات الأمن والمشاركة المجتمعية في محاربة الإرهاب والجريمة والمخدرات، خاصة مع وجود ضعف الاتصال بين مؤسسات المجتمع المدني والأجهزة والأمنية وتردد المواطن في المشاركة، اعتقادا منه بأن ذلك شأن شخص الأجهزة المختصة
فيما يعتقد الحل يكمن في تأسيس أكثر من كم من المؤسسات والجمعيات الفاعلة في كل مناحي العمل المدني، أن تتفق كل المؤسسات والجمعيات ذات التخصص الواحد أو المتقارب بإيجاد صيغة تعاون ووضع استراتيجية لعملها ثم تقوم بتجزئة مهام تنفيذها كل حسب قدرته وعلاقاته، وتأسيس علاقات وشبكات علاقات مع منظمات العمل المدني المشابه لها إقليميا ودوليا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى