الحوثيون عدّلوا موازين القوى لصالحهم في مواجهة كل اليمنيين

> د. باسم المذحجي

>
الخطر المقبل على الحوثيين
التخطيط الاستراتيجي والقومي لليمنيين عندما فشل في توحيدهم على طاولة الحوار في 25 يناير 2014، أي أثناء وما بعد مؤتمر الحوار الوطني الشامل، نراه اليوم في 8 نوفمبر 2018، وقد نجح في توحيدهم على أرضية مشتركة، والمسماة معارك تحرير اليمن، واستعادة الدولة الموحدة، وبذلك تم توحيد الأسس الفكرية، والأيديولوجية للدولة في اليمن من بوابة توحيد عقيدة الجيش القتالية.

العقيدة القتالية الموحدة لليمنيين
شهدت العقيدة العسكرية اليمنية تحولات عديدة منذ ثورة 11 فبراير 2011، وفق مراحل متعددة، ما قادنا اليوم إلى استحداث مبدأ جديد للصنف القتالي المؤهل، والجهد العسكري المكثف. العقيدة القتالية للجيش الوطني الموحدة نجحت في إعادة ميليشيا الحوثي عشر سنوات إلى الوراء، أي من مربع سنة 2014 كطرف منقلب على مخرجات الحوار الوطني الشامل، وما بين هلالين السلطة الشرعية للدولة اليمنية، لتعود إلى مربعها الأول سنة 2004 كميليشيا متمردة على الدولة اليمنية.

المذهب، والرؤية، والعقيدة العسكرية لدى الجيش الوطني قفزت فوق كل الولاءات، والاعتبارات السياسية، فمعركة تحرير الساحل الغربي في مدينة الحديدة تعد نموذجًا لتلك العقيدة، فتشكيلات الجيش اشتملت على المقاومة الوطنية التي تحسب ظاهريًا على حزب المؤتمر الشعبي العام، وهذا نمط سياسي متقدم، وهناك تشكيلات المقاومة التهامية التي تمثل أبناء تهامة (إقليم تهامة) وذلك نمط لليمن الجديد الفيدرالي، في حين ألوية العمالقة المشاركة ترتبط بأبناء الجنوب اليمني، وهذا كله بالمجمل يبتعد بالمؤسسة العسكرية عن الأفكار المتبعثرة في الإقصاء السياسي، والتسلط من قبل البعض، والتي كانت تشكل حاجزًا نفسي فيما بين اليمنيين، ويتضح بأنها ولت بلا عودة.

لقد اندثرت مخاوف البعض من مستقبل اليمن الجديد، كون الواقع يقدم لنا نموذج، ولا أروع. نموذج آخر لقوات الجيش الوطني التي تستعد لاقتحام محافظة صنعاء، والتي أرسلت تعزيزات ضخمة الى منطقة نهم شرق صنعاء، والتي يبدو ظاهريًا بأنها تتكون من مقاتلي حزب التجمع اليمني للإصلاح، لكن الواقع بأنهم مقاتلين جلهم من محافظات أب وتعز، ولحج، وفوق ذلك جنود من مختلف المشارب، والانتماءات.

منهج التفكير السياسي الرسمي لليمنيين
خطوات البناء السياسية لمجتمع دولة المستقبل في اليمن، لن تنجح إلا إذا مرت من بوابة إدارة، وتسويغ لمفهوم المصلحة القومية الحيوية لليمنيين، وهذه الأخيرة لايمكن الخوض فيها، إلا إذا عرفنا ما هو الخطر المقبل، والذي تخشاه ميليشيا الحوثي في اليمن.

هل أدركت جماعة الحوثي بأن الخطر المقبل ليس في الجيش الوطني المتواجد للتو في شارع صنعاء، هو بوابة ميناء الحديدة، الحديث عن معركة الساحل الغربي اليمني، مع أن في ذلك مؤشرات تؤكد بأن سقوط مدينة الحديدة تعد مسألة وقت. وهل أدركت جماعة الحوثي بأن الخطر ليس بأن قوات الجيش اليمني متواجدة في أول السلسلة الجبلية لجبل مران المخبأ المفترض لزعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي، ولا كذلك هناك خطر من التقدم في المدخل الجنوبي لمدينة دمت في محافظة الضالع، الذي يمهد لإسقاط مدينة الرضمة بمحافظة إب وسط اليمن، ولا هنالك مخاطر من بوادر إنهيار جبهة مديرية الملاجم، والتهاوي في محافظة البيضاء، ناهيك عن محور ميدي بمحافظة حجة. ليس كل ما سبق يمثل خطر على جماعة الحوثي لا من قريب، ولا من بعيد بما في ذلك سقوط كل عواصم مدن المحافظات اليمنية، أو المدن الساحلية الاستراتيجية، لا يعد تهديد استراتيجي، وتكتيكي على ميليشيات مسلحة طائفية، بل على العكس تمامًا، ففي ذلك توسيع لدائرة العبثية ونطاق اللادولة، الذي يعد المرتع الخصيب الذي يطيل في بقائها نظرًا كونها تراهن على الفوضى التي قد تنشأ فيما بعد السقوط العسكري، وتداعيات ذلكم السقوط من كوارث إنسانية، اقتصادية.

ما هو الخطر الحقيقي على الحوثيين في اليمن؟
كان الاندماج ما بين أنصار حزب المؤتمر الشعبي العام، ميليشيا جماعة الحوثي في 21 سبتمبر 2014 يعاني من خلل يتمثل في محاولة كل طرف تحسين شروط، بيئة سيطرته، معها تم تكريس الخلافات، سط قصور في إدراك مفهوم الانتماء الجمعي للوطن في جزئية بناء الدولة الجارية، والحديث عن دولة الانقلاب يومها، وما ميزها إلا ترحيل الخلافات تحت بروباجاندا مواجهة العدوان؛ ما قاد محاولة كل واحد منهما لإنهاء الآخر في نهاية الأمر..

الصراعات الداخلية، التي حدثت في 2 ديسمبر 2017 ما بين ميليشيا الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام، أفضت إلى نهيار منظومة الجيش الميليشاوي لدولة الانقلاب في صنعاء، ونشأت معركة ما بين ميليشيا مسلحة حوثية وقوات نظامية تتبع نظام سياسي يسمى حزب المؤتمر الشعبي العام، ولوحظ بأن الميليشيا اعتمدت على الحرب الخاطفة، والمحدودية الجغرافية، ولم تعتمد على طول الوقت، بالتالي تأجلت الانتفاضات المسلحة في المحافظات التي تعد حاضنة للمؤتمر الشعبي العام، وأهمها محافظات الحديدة، المحويت، إب، حجة، عمران إلى أجل غير مسمى.

التسلط على المواطنين هو ما أوصل الاقتتال الداخلي ما بين أنصار جماعة الحوثي من حزب المؤتمر الشعبي العام، وميليشيا الحوثي الأم في كل مكان إلى الانفجار الكبير في 2 من ديسمبر 2017، وتوج بانهيار المنظومة الأمنية فيها أي دولة الانقلاب الحديث عن دولة ما بعد انتفاضة 2 ديسمبر 2017، وبالتالي فالمتوقع بدء ضربات تكتيكية، وهجمات انتحارية يومنا هذا بفعل انهيار الأطراف المستفيدة من جماعة الحوثي في عدد من المحافظات، وأبرزها محافظات الحديدة، المحويت.

ما علاقة الرئيس اليمني بهذا الخطر المقبل على الحوثي؟
فخامة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي دومًا يصرح بأن التجربة الإيرانية لن تفرض على اليمن واليمنيين، وعد الشعب اليمني برفع علم الجمهورية اليمنية في قمم جبال مران معقل جماعة الحوثي، لكن كل هذا ليس بالخطر المحدق على جماعة الحوثي من ناحية استراتيجية عقائدية، ميليشاوية، بل الخطر بعينه هي الاتصالات التنظيمية التي يقودها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بكافة قواعد وقيادات المؤتمر الشعبي العام في الداخل اليمني، الهدف منها إسقاط الانقلاب عبر انتفاضة مسلحة لتعد موجة ثانية تكون جزءًا لا يتجزأ، وإمتداد للموجة الأولى في 2 ديسمبر 2017، وذلك ليس بصفته رئيس لليمن ولليمنيين فقط، بل كونه رئيسًا وقائدًا لهذا الحزب العريق يومنا هذا، ومن بوابة الوثيقة التاريخية للحزب وهي الميثاق الوطني.

هل هناك مقاومة داخلية تخشاها جماعة الحوثي؟
مصادرة الأموال، القتل، التشريد لأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح في 2 ديسمبر 2017 بنفس الكم والكيف الذي تعرض له أنصار حزب التجمع اليمني للإصلاح في 21 سبتمبر 2014، الذي كشف لنا بأن جماعة الحوثي عدلت موازين القوى في اليمن لصالحها في مواجهة كل اليمنيين، وبالتالي فهي ستواجه شحنة إنفعالية اننقامية لن تتوفر إلا في هذا التوقيت الراهن. بالفعل تعدد أعداء جماعة الحوثي في اليمن هو الخطر الحقيقي، وزد على ذلك الصراع، الخلل التنظيمي الذي تعاني منه يومنا هذا بفعل تعرضها للاستنزاف المستمر في كل الجبهات، جديد اليوم المتمثل في توسع دائرة السخط الشعبي الداخلي في مناطق سيطرتها، وعودة الانتفاضة الداخلية المطالبة بوضع حد نهائي للميليشاوية الطائفية، المسلحة في اليمن.
(عن ساسة بوست)​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى