رشيدة وإلهان.. وحلم بلد الإيمان

> همام عبدالرحمن باعباد

>
كم نحتاج من الزمن لنقوم باقتفاء المثل الأمريكي في تطبيق المواطنة خلا الديمقراطية والتداول السلمي والسلس للسلطة الذي يعد مرحلة متقدمة في تجارب الحكم باعتباره يحدث في أكبر وأرقى بلدان العالم، وما يدفع للحديث في هذا السياق ما حفلت به التجديد النصفي الأخير في الكونغرس الذي كانت من نتائجه دخول سيدتين عربيتين مسلمتين إلى قبة البرلمان والمساهمة في رسم سياسات وصنع القرار في أكبر بلاد في العالم، فسجل التاريخ دخول السيدتين، إلهان عمر ورشيدة طليب، قبة الكونغرس بعد خوض معركة تنافسية ضد ممثلي الحزب الحاكم، وبينما تزداد حدة المعارضة لسياسات الرئيس ترامب التي اتسمت بخطوات مثيرة للجدل في مجال التعامل مع المهاجرين والتعامل مع الأزمات في الشرق الأوسط وتداعياتها إذا بانفراجة تظهر من خلال تقدم الحزب الديمقراطي في التجديد النصفي، مما قد يؤثر على السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية وتطبيق برنامج الرئيس في الداخل خصوصا فيما يتعلق بالمهاجرين، حيث إن البلاد تعتمد على الهجرة باعتبارها مجتمعا خليطا تذوب فيه الأعراق والأثنيات.

ونعود لمحاولة عقد مقارنة، مع أن المقارنة لا تجوز بين من تعمق في التجربة ومن يخطو خطواته الأولى، وليس هي ما أهدف للحديث عنه، ولا أريد التطرق إليه، ولكني سأقف من زاوية أخرى، وهي كيفية التعامل بين أفراد المجتمع، فبينما نجد ديننا الإسلامي يحثنا على المساواة ويأمر بالعدل، إذن فالمنتمين إليه بمختلف شرائحهم إلا ما ندر - ولا يقاس على النادر-  يعيشون في مجاهل العنصرية والمناطقية والنظرة الدونية للآخر ومحاولة تقزيم الآخرين تحت تأثير العصبيات القبلية أو النعرات المناطقية وكأنهم يمثلون مجتمعا مثاليا على غرار النموذج الأفلاطوني، بينما تجده لا يمتلك أبسط مقومات التعايش والقبول بالآخر، وذلك ما يتجلى من خلال تمكينه في دائرة القرار عندها تجده يستخدم الإقصاء والتهميش بكل ما أوتي من قوة وما وصل إليه من نفوذ، وهنا ننظر بعين ملؤها الأسى للنموذج الأمريكي الذي قفز على النعرات المناطقية والاختلافات الدينية واحتكم إلى قانون يساوي بين الجميع ويكفل لهم حقوقهم كما قرر عليهم واجباتهم.

وكم هو مؤلم أن تسمع أصوات نشاز وتشاهد معاول هدم في بلد يعيش التجربة الديمقراطية حتى في اختيار رؤساء الصفوف في المدارس ثم تجد التوظيف السيء لمفاهيم المواطنة والمساواة والتعددية الحزبية والسياسية والحوار وغيرها من المثل التي تحتاجها البلاد في معركتها مع التنمية والبناء، وهو ما ينعكس تنفيذه إيجابا على البلد وسكانه، لكن ذلك لم يحصل وعندما تم رفضه غاصت البلاد في الفوضى والأزمات والمماحكات، وانتهت ولا نهاية قريبة لضياع مشروع التداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات وترسيخ النهج الديمقراطي بل تقهقرت الدولة سنوات بل عقود إلى الوراء، تظل خلالها تبحث عن طوق نجاة من أزماتها التي وقعت فيها بسبب ضياع المشروع المدني الحديث المناسب للبلد، وعندها يظل العودة إلى صناديق الاقتراع هي حلم الملايين للخروج من مآزق البلاد المتتالية.

فمتى ستعود الجماهير لصناديق الاقتراع التي مرت سنين طويلة عليها أم إنها قد طويت صفحتها حتى نهاية هذه الحقبة، ونعيش الألفية الثالثة بضياع حلم بلد الإيمان في حكم رشيد يكفل الحقوق والواجبات ويحقق المساواة بين الجميع، أم إن السنين القادمة ستشهد عودة الحياة السياسية بصورة أفضل من التجارب السابقة؟ وذلك من خلال الاقتداء بالنماذج الراقية والبلدان المتطورة في تحقيق التداول السلمي للسلطة والتعايش بين الجميع وتطبيق مفهوم المواطنة كما يجب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى